رأي

شكري شيخاني يكتب.. قادة ورموز أكراد 2 /5

خطأ الامم والشعوب أنها تنسى سريعا” القادة او المؤسسين او العظماء ويلتفتون الى القادة الجدد ونسي هؤلاء انه لولا كفاح ونضال القدة المؤسسون لما وصلنا الى رؤية القادة الجدد وعار على اية امة او شعب نسي او تجاهل الرموز الوطنية والتي كافحت طويلا” وباسلحة بدائية ولكنها صمدت وقاومت واجبرت الاعداء على الاعتراف بهم وبعدالة قضيتهم..من هؤلاء يستذكر الشعب الكردي القادة والرموز الاوائل في العمل النضالي أمثال قاضي محمد الشهيد قاضي محمد ابن القاضي علي بن قاسم بن ميرزا احمد، ولد في مدينة مهاباد سنة ١٩٠١، كانت أمه من عشيرة فيض الله بك ، حيث كان لها صيت ذائع في مملكة موكريان. اذ اعدم بتأريخ 31 مارس 1947 على يد الإيرانيين بمهاباد في ساحة تشوار تشرا، مع رفاقه.

كان” قاضي محمد رجلا ذا قامة طويلة، ولحية خفيفة، وكانت الابتسامة لا تفارقه، وتتسم شخصيته بالوقار… اتقن العلوم الاسلامية، ولم يقف في هذا الحد بل تطرق الى العلوم المعاصرة، حيث اتقن اللغتين: الانكليزية والروسية قراءة وكتابة. عندما افتتحت اول مدرسة في مهاباد، عين قاضي محمد كمسؤول ثقافي لهذه المنطقة دون ان يأخذ الراتب من الحكومة… ويشجع الناس لتعلم العلوم والفنون… عارض القبلية بشدة، لهذا كثيرا ما يواجه عدوانية الاقطاعيين، فكان سندا قويما للفلاحين والكادحين، وكان متأثرا بالافكار الديمقراطية والوطنية
قبل بروز عصبة إحياء كردستان –ز.ك- في ساحة النضال، انضم قاضي محمد في ثلاثينيات القرن المنصرم” الى حزب (خويبون)، والذي اعلن نضاله سنة ١٩٢٧ بمعاونة احسان نوري باشا في كوردستان الشمالية. وعندما كان اعضاء حزب (ز.ك) اقل من عشرين عضوا التحقوا بقاضي محمد وهو بدوره التزم بمبادئهم فقاموا بنشر افكارهم وبرامجهم بين الناس.
وللغرض نفسه التحقوا بكوردستان تركيا والعراق، وقد ناقش السيد (محمد امين شريف) عضو الهيئة القيادية للحزب، هذا الامر مع الوطنيين الماثلين في كردستان العراق، وقاموا بعقد مؤتمر ثلاثي بين الملا عبد الوهاب ممثل كورد تركيا والشيخ عبدالله ممثل كورد العراق وقاسم قادري العضو المؤسس لـ(ز.ك). وقد تم التوصل الى توقيع عدة قرارات مهمة، ابرزها هو مدّ يد العون الى الاخر والعمل كيد واحدة من اجل تحرير شعب كردستان مستقبلا. وكذلك نيل تقرير مصيره.

لقد واصلت العصبة الديمقراطية جهودها في خدمة اهل المنطقة وتمشية امورهم، فشرع بقطع صلاتهم بطهران يوما بعد آخر الى ان حشد اناس جمّ في ١٦/ ١٢/ ١٩٤٥ بساحة (جوار جرا) قاموا باحتفال كبير، تفعمه السعادة والرفاه، فاعلن قاضي محمد في ذلك اليوم التاريخي انقطاع منطقة موكريان من حكومة طهران ، فنزّلوا راية حكومة طهران من المؤسسات والمدارس واعلوا راية كوردستان بدلا منها، التي هي مكونة من الاعلى من لون احمر ووسطها ابيض، واسفلها اخضر. فالابيض منها يساوي اربعة اضعاف الالوان الاخرى، حيث يتوسط الابيض نصف كرة شمسية مع سنبلتين بجانبيها بلون اصفر واعلاها قلم، وكتب فوق جميعها (دولة جمهورية كردستان).

يوم ٢من كانون الثاني عام ١٩٤٦ عُقد اجتماع كبير مؤلف من اكثر من عشرين الف شخص، حيث اعلنوا بالاجماع تأسيس جمهورية ديمقراطية في جزء من كوردستان برئاسة قاضي محمد، تهدف الى تأمين مستقبل زاهر للشعب الكوردي الذي منذ القدم ينتظر يوما كهذا.. وقد جرت تلك المراسيم في ساحة جوار جرا.

صعد قاضي محمد الى مكان عال حيث أُعد لهذا الكرنفال على مرأى من الناس، مستقطبا بالورود وراية كوردستان وصور رئيس الجمورية، اذ القى كلمة قال فيها: (اليوم استطاع الشعب الكوردي ان يؤسس جمهورية ” من داخله ذاته، لكي يعيش كشعب مستقل في ارضه بحرية.

لقد تفتحت افئدة السامعين بكلماته الرنانة، بعد ذلك اعلن السيد محمد حسين سيفي القاضي الذي وقف بجانب القاضي محمد بزيّ سيادي (جنرالي)، انه سيكون قاضي محمد رئيسا للجمهورية وذلك نابع من رضا الناس بجميع شرائحه. ومن ثم شكر رئيس الجمهورية الحاضرين لاستعدادهم وحضورهم وكذلك انتخابهم اياه كرئيس الجمهورية ولا شك ان ذلك يدل على ثقة الناس بقاضي محمد وهم واثقون من انه سيكون موقع الثقة والامانة. بعدها قام الطلاب باستعراض جميل ومن ثم انتهى الحفل.

بعد عملية انتخاب قاضي محمد رئيسا للجمهورية، شرع بمشاوره اعضاء العصبة الديمقراطية والوطنيين الاخرين لتشكيل الوزارات، وتم تشكيلها يوم ١١/٢/ ١٩٤٦ بالشكل الاتي:

١-الحاج بابه شيخ ٢-محمد حسين سيف ٣-مناف كريمي ٤-محمد امين معيني ٥-عبدالرحمان اليخاني زاده ٦-محمد ايوبيان ٧-محمود ولي زاده ٨-خليل خوسروي ٩-احمد الاهي ١٠-ملا حسين مجدي ١١-مصطفى داودي ١٢-صديقي حيدري ١٣-اسماعيل خاني ١٤-كريم احمدي

رئيس الوزراء وكيل وزير الدفاع وكيل وزير التربية والعلوم (التعليم) وزير الداخلية وزير الخارجية وزير الصحة وزير الزراعة وزير العمل وزير الاقتصاد وزير العدل وزير التجارة وزير الارشاد وزير الري (الطرق) وزير المواصلات

كما هو سائد في جميع الدول، ينبغي للقائد او الرئيس الجديد، ان يؤدي اليمين القانوني لهذا الغرض امر قاضي محمد بحضور اعضاء الهيئة القيادية للعصبة الديمقراطية والوزراء لمراسيم اليمين الدستوري فامسك وزير العدل السيد ملا حسين مجيد راية كوردستان بيده، فسبقهم حتى ولجوا غرفة القاضي محمد، فقام قاضي محمد وقام الوزراء معه، فأدى قاضي محمد هذا القسم: (اقسم بالله وبالقران الكريم، وبالوطن وبكرامة شعب كوردستان ورايته التي نفتخر بها، ان اخدم واسعى الى آخر نفس حياتي، من اجل تحرير هذا الشعب و اعلاه هذه الراية، كما افتخر بكوني اتسنم منصب رئاسة الجمهورية ووحدة الكورد مع اذربيجان واعمل ما بوسعي من اجل بقاء هذا الهدف المنشود).

بعد ذلك تعهد الوزراء واعضاء الهيئة القيادية للعصبة الديمقراطية، بنية خالصة ان يتجاوزوا جميع المعوقات التي تعرقل تسيير اعمالهم ويعملوا من اجل سعادة الشعب الكوردي، حيث انهم بانتظار هذا اليوم المبارك منذ القدم[1]

بعد الإطلاع على المقال يمكنك متابعة مركز العرب على فسيبوك  وتويتر وشاهد قناتنا على يوتيوب 

اظهر المزيد

موضوعات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى