شكري شيخاني يكتب.. الولايات المتحدة وضبابية الموقف حول سوريا
الكاتب سياسي سوري ورئيس التيار السوري الإصلاحي.. خاص منصة العرب
مع مرور اول شهر على الثورة السورية وفي 29 نيسان ابريل تحديدا”. تعلن واشنطن عن فرضها عقوبات اقتصادية على العديد من المسؤولين السوريين بعد شهر من أول مظاهرات سلمية قمعها النظام. وبعد أقل من عشرين يوما” , دعا الرئيس السابق باراك أوباما الرئيس بشار الأسد إلى قيادة عملية الانتقال أو الانسحاب. ثم تطورت الاوضاع ففي مطلع تموز/يوليو: نجد ان السفير الأمريكي روبرت فورد قد تحدى النظام وتوجه إلى حماة المحاصرة من قبل الجيش إثر تظاهرة ضخمة. ولم تقف الامور عند هذا الحد بل جاء علينا شهر اغسطس اب , لنقرأ تصريحات أوباما والحلفاء الغربيون يدعون، للمرة الأولى، الأسد إلى الرحيل.
وفي تشرين الأول/أكتوبر: السفير الأمريكي يغادر سوريا “لأسباب أمنية”. وهنا توقف التدخل الامريكي بالملف السوري مباشرة. واتجهت السياسة الامريكية نحو التدخل الغير مباشر … ورغم ثبوت المجزرة الكيماوية التي قام بها النظام , ورغم ان الاخير اي ان اوباما في صيف 2013 توجهت كل اصابع الاتهام للنظام بشن هجوم كيميائي قرب دمشق أودى بنحو 1400 شخص الا ان أوباما يتراجع في اللحظة الأخيرة عن قصف البنى التحتية للنظام، ويبرم في أيلول/سبتمبر اتفاقية مع موسكو حول تفكيك الترسانة الكيميائية السورية. في الأشهر السابقة، كان أوباما وعد بالتحرك إذا تجاوزت سوريا “الخط الأحمر”. وهل عام 2014 على السوريون ,والشعب ينتظر المعجزة او المفاجأة من الادارة الامريكية.
ولكن المفاجأة أتت من الجهاديين عبر تنظيم الدولة الاسلامية في العراق وبلاد الشام (( داعش )) الذين سيطروا على مساحات شاسعة من الأراضي شمال وغرب بغداد وكذلك في شمال وشرق سوريا، حيث استغلوا الفوضى التي أثارتها الحرب. هنا توعد وتعهد أوباما بإلحاق هزيمة بالجهاديين مع “تحالف دولي واسع النطاق” وفي 23 أيلول/سبتمبر، واشنطن تبدأ بمساعدة حلفائها أولى ضرباتها في سوريا بعد العراق. بل ونشرت واشنطن أكبر شريك في التحالف 2000 جندي في سوريا، معظمهم من القوات الخاصة، كما حشدت طائرات وقطع بحرية مهمة. وسبق التدخل الروسي في الازمة السورية او تزامن معه تشكيل قوات سوريا الديمقراطية، من 25 ألف كردي وخمسة آلاف عربي، جميعهم سوريون. وتلقت هذه القوات بما فيها وحدات حماية الشعب الكردية مساعدات من الولايات المتحدة في السلاح والدعم الجوي ايضا. من اجل القضاء على داعش …وتعهدت قسد بذلك .حيث قامت قوات سوريا الديمقراطية بطرد الجهاديين من شمال شرق سوريا، بما في ذلك الرقة وغالبية محافظة دير الزور. وتمكنت في آذار/مارس 2019 من طرد تنظيم “الدولة الإسلامية” من آخر معاقله السورية في الباغوز.
ومع ذلك وكل هذه التضحيات فلم يكن أحد من المعارضات السورية ليسمع مسد وقسد وكان الهم الاكبر هو تهميش وإقصاء.
ومن بعدها اصبحت الادارات الامريكية المتعاقبة اوباما وترامب وحاليا بايدن يتعاملون مع الملف السوري , بضبابية كاملة . بل أقرب الى المرونة والليونة والتساهل
مما فسح المجال للعديد من الدول بإعادة تنظيف سفاراتها وفتحا بعد غياب سنوات طويلة.. وايضا استمرارية النظام بذات الاسلوب والغطرسة والتحكم والجبروت وبقاؤه في الحكم مع ان أمريكا أبدلت 3 رؤساء وكذلك فرنسا وبريطانيا والعديد من الدول الاوروبية .. ولازالت المواقف الاوروبية والامريكية يلفها الضباب الكثيف من حيث التعامل والتفاعل مع الملف السوري.. وهذا مرده الى عدة امور…. اولها عدم وجود البديل المستوفي لشروط استلام الحكم في سورية اي بمعنى عدم نضوج المعارضة بالشكل الكافي والوافي… ثانيا عدم وجود توافق حقيقي امريكي روسي بشأن هذا الملف … ثالثا” وهو مهم ان من أطلقوا على انفسهم اسم معارضة وتمثيل للشعب السوري لم يكنوا على مستوى هذا الامر .. اي ان هذه المعارضة قد انتهجت نفس الاسلوب المتبع عند النظام وهو الاقصاء والتهميش لباقي منصات المعارضة وعدم سماع الاخر . والانفراد بالقرار المصيري للشعب السوري كافة وعدم السماع او الجلوس مع باقي أطراف المعارضة مثل مجلس سوريا الديمقراطية … كل هذه العوامل أبعدت الامريكي عن الاهتمام شيئا” فشيئا” بالملف السوري . وايداعه لدى الطرف الروسي والتركي والنظر اليه من بعيد.