«حلفاء إبليس» يتحدون لتمزيق خريطة الاستقرار الجديدة
محاولات خطف وترهيب وتهديد للنواب وأعضاء الحكومة
البرلمان يراهن على التشكيلة الوزارية البديلة لإنجاز الاستحقاقات الدستورية
عوض محمد عوض
دخلت الأمم المتحدة على خط الأزمة التي تعيشها ليبيا، خلال الفترة الحالية في ظل حالة الانقسام السياسي بعد الإعلان عن الحكومة الجديدة التي يترأسها فتحي باشاغا، ويراهن عليها البرلمان في عبور الأزمات وتجاوز التحديات ووصولا إلى الانتخابات الرئاسية والبرلمانية وتحقيق الاستقرار.
وأطلقت البعثة الأممية التي تقودها مستشارة الأمين العام ستيفاني ويليامز، مبادرة لوضع قاعدة دستورية توافقية لإنجاز الانتخابات في أقرب الآجال، – التي وصفها البعض بـ«مبادرة الشيطان»- في تحد واضح للخريطة الجديدة التي أقرها البرلمان بعد أداء الحكومة الجديدة لليمين الدستورية، دون أن تكشف عن نواياها قبل ذلك.
وعشية جلسة أداء حكومة ليبيا الجديدة اليمين الدستورية، دعت المستشارة الأممية ستيفاني ويليامز إلى الامتناع عن جميع أعمال التصعيد والتخويف والخطف والاستفزاز والعنف.
وقالت ستيفاني في تغريدة “عبر تويتر”: “دعوت مجلسي النواب والدولة لترشيح 6 مندوبين عن كل منهما لتشكيل لجنة مشتركة مكرسة لوضع أساس دستوري توافقي، ويجب أن تنعقد اللجنة المشتركة في 15 مارس 2022 الجاري تحت رعاية الأمم المتحدة وبمساعٍ حميدة وستعمل لمدة أسبوعين لتحقيق هذا الهدف”.
وحملت ستيفاني المؤسسات الليبية مسؤولية التصرف بحسن نية والمشاركة بشكل بناء سويًا للتحرك نحو الانتخابات، مشددة على الحفاظ على الأمن والاستقرار والامتناع عن جميع أعمال التصعيد والتخويف والخطف والاستفزاز والعنف.
ورأت ستيفاني أنه لا يمكن حل الأزمة الليبية في تشكيل إدارات متنافسة وعمليات انتقالية دائمة، مردفة: “الليبيون بحاجة إلى الاتفاق على طريق توافقي للمضي قدمًا يعطي الأولوية للحفاظ على وحدة البلاد واستقرارها”.
وتأتي مبادرة ستيفاني، بعد إعلان رئيس حكومة الوحدة الوطنية تسليم السلطة لحكومة باشاغا، قال رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبدالحميد الدبيبة إنه لا يزال يمارس عمله وفق مدد خارطة الطريق المحددة بـ18 شهرا وإن حكومته لن تسلم السلطة إلا لجهة منتخبة.
وادعى رئيس الحكومة المنتهية ولايتها، أن إجراءات سحب الثقة من حكومته وإعلان حكومة جديدة حدثت «بالمخالفة للاتفاق السياسي الذي نص على آليات واضحة في إجراءات التعديل الدستوري، وتشكيل السلطة التنفيذية، التي كانت بإجراءات أحادية تعود بالبلاد لمرحلة الانقسام»، على حد قوله.
ولم يعترف الدبيبة بالحكومة الجديدة، مؤكدًا استمرار حكومته في عملها، قائلًا: «لن تعبأ الحكومة بهذا العبث، سنركز جهودنا لإنجاز الانتخابات بوقتها في يونيو المقبل»، وفق الخطة التي سبق أن أعلنها من جانب واحد.
ومنح النواب الحاضرون في مقر المجلس بمدينة طبرق، الذين تجاوزوا 101 نائب، بأغلبية 92 برلمانيًا، الثقة لحكومة باشاغا، بعد أن أجرى الأخير بعض التعديلات على التشكيلة الوزارية.
وتضمنت التشكيلة الوزارية الجديدة، 29 وزيرًا، و6 وزراء دولة، إضافة إلى ثلاثة نواب لرئيس الوزراء، بعد إضافة خالد علي الأسطى نائبًا ثالثًا ضمن التشكيلة المعدلة.
وتعرض عدد من النواب للتهديد، حيث أدان البرلمان ما تعرَّض له عدد كبير من الأعضاء من تهديدات بالقتل لهم ولعائلاتهم، والمنع من العودة لبيوتهم، مشيرًا إلى أن الأمر وصل إلى الاعتداء على المنازل.
وقال مجلس النواب، في بيان: «هذه التصرفات الإجرامية والإرهابية لا يمكن أن تصدر إلا من مجرمين خارجين على القانون»، معبرًا عن تضامنه ودعمه لجميع النواب تجاه ما يتعرَّضون له بصرف النظر عن أي توجُّه سياسي.
وحمَّل البرلمان الليبي السلطة التنفيذية مسؤولية أمن أعضاء مجلس النواب وسلامتهم، مطالباً النائب العام بفتح تحقيق عاجل فيما حدث، وإحالة المجرمين إلى العدالة.
ولم يسلم وزراء حكومة باشاغا من التهديد والخطف والتضييق، حتى وصل الأمر لخطف وزيرين من الحكومة الجديدة، وعلى الفور، أدان مجلس النواب، في بيان له، منع وزراء حكومة فتحي باشاغا من السفر إلى مدينة طبرق لأداء اليمين الدستورية أمام البرلمان.
وأضاف بيان النواب: “نستنكر اختطاف المرشحين لوزارتي الخارجية والثقافة، ونتابع بقلق بالغ خطف الوزيرين”.
ولفت البيان، إلى أنه يدين ما حدث من اعتداء على باقي الوزراء والرماية بالرصاص عليهم لمنعهم من الوصول إلى مدينة طبرق لأداء اليمين القانوني”.
وأكد بيان النواب: “نتابع ما تم من قفل للأجواء وما تم من قفل للطريق الساحلي وما ترتب عنه من معاناة للمرضى والمسافرين”.
واستطرد بيان النواب: “ما حدث تهديد لمنجزات لجنة 5+5 واعتداء على حرية التنقل، ويؤكد ما أعلنه مجلس النواب من تهديد للنواب لمنعهم من حضور الجلسات ومساومات لشراء الذمم في سبيل عرقلة النصاب القانوني”.
وأشار بيان النواب، إلى أن هذه التصرفات غير مسؤولة، ومجلس النواب يحمل حكومة الوحدة الوطنية المسؤولية الكاملة عن سلامة المختطفين وسلامة المهددين من وزراء ونواب.
وطالب بيان النواب، النائب العام بفتح تحقيق عاجل فيما حدث من أعمال إجرامية غير مسؤولة.
كما طالب بيان النواب، حكومة الوحدة الوطنية بتسليم مهامها بكل ديمقراطية للحكومة الجديدة لتباشر مهامها من العاصمة وتبسط سيطرتها وسلطتها على كامل التراب الليبي.
فيما كشفت مصادر مطلعة، عن كواليس دعوة المستشارة الأممية ستيفاني وليامز مجلسي النواب والدولة لفتح المسار الدستوري.
وقالت المصادر، إن ستيفاني تسعى للاستحواذ على مشروع الحوار الليبي وتقويض الاتفاق الأخير الذي أنتجه البرلمان الليبي، حسبما أفادت صحيفة “الساعة24”.
وأضافت المصادر، إن ستيفاني فتحت المسار الدستوري بناءً على طلب رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبدالحميد الدبيبة وتنسيق رئيس الشركة الليبية لإدارة المشاريع المشتركة مع القطاع الخاص “عبدالمجيد مليقطة” لكسب المزيد من الوقت.
وأشارت المصادر إلى أن ستيفاني تشعر بالإحباط كونها لم تتمكن من رعاية الاتفاق الأخير الذي أنتج حكومة يرأسها فتحي باشاغا وتريد عرقلة المشروع الليبي خوفا على منصبها وتقليص دور البعثة في الملف الليبي.
وأوضحت أن ستيفاني طلبت محاضر جلسة منح الثقة من قبل البرلمان وتثبيت الحضور، وتواصلت مع عينات عشوائية من أعضاء مجلس النواب المانحين للثقة، وتراجعت عن بيانها الداعم للحكومة الجديدة بعد اتصالات أجرتها مع مليقطة.
دعوة ستيفاني، لوضع قاعدة دستورية، وجدت تأييدًا من حكومة الدبيبة ومجلس الدولة وجماعة الإخوان بما يؤكد أن مبادرتها تحاول من خلالها إسقاط الحكومة الجديدة وعودة ليبيا للانقسام مرة أخرى.
ورحب رئيس مجلس الدولة الاستشاري خالد المشري بمقترح ستيفاني ويليامز، بشأن تشكيل لجنة مشتركة من مجلسي النواب والدولة للتوافق على قاعدة دستورية برعاية أممية.
وقال المشري في بيان إن مهمة اللجنة إعداد قاعدة دستورية لإجراء الانتخابات في أسرع وقت ممكن، والرافضة للمراحل الانتقالية.
وأضاف المشري أن ستيفاني استجابت لمطلبنا في مجلس الدولة، الذي أقر قاعدة دستورية كاملة في سبتمبر الماضي، والتي يمكن البناء عليها لإيجاد توافق وطني.
وتابع المشري: سنكون في الموعد تعبيرًا عن إرادة الليبيين في الذهاب المباشر للانتخابات، ودور البعثة سيكون فقط في رعاية عمل اللجنتين دون تدخل فيهما.
كما رحب رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي بمبادرة المستشارة الأممية ستيفاني وليامز لإطلاق حوار سياسي يؤسس لإجراء الانتخابات.
وقال المنفي في تغريدة عبر “تويتر”: نؤكد على ضرورة مشاركة جميع المؤسسات المنبثقة عن الاتفاق السياسي دون استثناء لدعم المخرجات بما يحقق إجراء الانتخابات.
إلا أن بعض السياسيين، شككوا في دعوة ستيفاني وحذروا منها، حيث قال إبراهيم الدباشي، سفير ليبيا الأسبق لدى الأمم المتحدة ومجلس الأمن، إن “السيدة ستيفاني وليامز التي تحمل صفة المستشارة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة، وهي في الواقع رأس حربة السياسة البريطانية والأمريكية في ليبيا، ونجحت في تكريس الفوضى وتمكين الفاسدين والفاشلين والعملاء من مفاصل الدولة، وحشد الدعم الدولي لهم على حساب مصلحة الوطن، والآن يبدو أنها تريد أن تنتقم من الليبيين الذين تمكنوا من التوافق على حكومة استقرار وطني بعيداً عنها”.
أضاف على فيسبوك: “تصريح الناطق باسم الأمين العام، الذي يستند إلى المعلومات المقدمة من السيدة وليامز، تبنى مزاعم السيد الدبيبة وشكك في صحة منح الثقة لرئيس الحكومة الجديد السيد فتحي باشاغا، وهي بذلك تشجع مساعي السيد الدبيبة لإشعال الحرب في ليبيا من جديد للاحتفاظ بالسلطة”.
وتابع قائلًا: “لقد اتضح الآن بكل جلاء لكل الليبيين أن بعثة الأمم المتحدة في ليبيا لم تحقق شيئا لليبيين على مدى عقد من الزمان، وأنها ليست نزيهة وأحد عوامل استمرار الأزمة الليبية، ويقع على عاتق الحكومة الجديدة مراجعة دور البعثة وحصره في دعم الاستقرار وبناء المؤسسات كما سبق وأن اقترحنا رسمياً على مجلس الأمن منذ 2015، وربما حتى طلب إنهاء مهمة البعثة والعودة إلى التعامل مع الأمم المتحدة من خلال الممثل المقيم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي”.
كما انتقد رئيس لجنة خارطة الطريق عن مجلس الدولة محمد تكالة مطالبة المستشارة الأممية ستيفاني وليامز مجلسي النواب والدولة بتشكيل لجان جديدة للتباحث حول قاعدة دستورية.
وأكد تكالة في تصريحات صحفية أن هذه الدعوة تمثل قفزا على التعديل 12 للإعلان الدستوري الذي أنجزته لجنتا خارطة الطريق المنبثقتين عن المجلسين.
وقال: “كان الأولى بستيفاني أن تساعد هذه اللجان في استكمال استحقاقاتها التي أصبحت جزءا من الإعلان الدستوري وتحوي معالجة لكل المسارات، بدلا من البحث عن بدائل أخرى”.
ودعا أيضا الناشط السياسي محمد محجوب، مجلس النواب لرفض لجان المستشارة الأممية ستيفاني وليامز، التي وصفها بالمشبوهة، أو أي اجتماعات أو حوارات تعقد خارج الوطن أو تكون للبعثة الأممية، التي وصفها ببعثة الخراب، يد فيها.
وقال محجوب في تغريدة عبر “تويتر”: إن “البعثة التي أخفت التحقيقات في رشاوى عبدالحميد الدبيبة في جنيف لا يمكن أن نرضى بها نحن الشعب أن تكون وصيةً علينا أو تتحكم في أمرنا ومستقبلنا”.
بعد الإطلاع على المقال يمكنك متابعة مركز العرب على فسيبوك وتويتر وشاهد قناتنا على يوتيوب