رأي

د. محمد جبريل العرفي يكتب.. أثر القدوة والقضية في الانتفاضات الطلابية

مرت يوم أمس الذكرى الستون لانتفاضة الطلاب، تحركهم قضايا يؤمنون بها، وقدوة يحتذون بها.
الشعور القومي للشباب تشكَّل، بفعل إعلام عبدالناصر وخطبه، والمناهج والمعلمين المصريين الذين انتقاهم عبدالناصر وأعارهم إلى ليبيا مجاناً، فكانت قضايا تحرير فلسطين والوحدة العربية والعدالة الاجتماعية ومعاداة الرجعية والإمبريالية، تلهب مشاعر الشباب، والقدوة للشباب جمال عبدالناصر. عقيدة جيل الستينيات عروبية تحررية، تكره الاستغلال، ومحصنة ضد الأفكار التكفيرية والظلامية.

أول مظاهرة طلابية كانت ضد جريمة الانفصال 1961، في منتصف الستينيات كان يلتقي بطلاب القسم الداخلي بمعهد المعلمين ببنغازي ضابط نحيف، علمنا فيما بعد أنه كان الملازم معمر القذافي.
وصلت الانتفاضة أوجها في 14 و26 يناير 1964 فواجهتها قوات البوليس الملكي بالرصاص الحي، فاستشهد ببنغازي يوم 14 يناير 1964 كل من مفتاح بن حريز، وعلي مسعود النقازه، وعلي الأمين البيجو، وجُرح طلاب منهم يوسف صالح هويدي الذي بترت ساقه وعاش معاقا، إلى أن توفي في ذكرى يناير 2023. قامت النيابة العامة بواجبها باحتراف، فوثق الطب الشرعي الإصابات وأسباب الوفيات، وقدمت النيابة المتهمين إلى المحاكمة، لكن النظام اختطفهم من قاعة المحكمة بقوة السلاح فطُمست الجناية وفلت الجناة.
في الزاوية استشهد يوم 26 يناير 1964 كل من محمد كردين، ومحمد زعميط، ومحمد أبو دربالة، وجرح عدد من الطلاب، واندلعت مظاهرات في طرابلس وصبراتة والأبيار ودرنة وغيرها. أطاحت الانتفاضة الطلابية بحكومة محي الدين فكيني في 1964.1.20 .
كانت الاحتجاجات ضد وجود القواعد الأجنبية في ليبيا التي استخدمت في عدوان 1956 و1967.
عقب النكسة هجم سكان طرابلس على قاعدة الملاحة، فاستشهد أبو عجيلة البنغازي برصاص الأمريكيين وبوليس عملائهم. أسقطت النكسة حكومة حسين مازق في 1967.07.02، فخلفتها حكومة عبدالقادر البدري التي لم تدم سوى ثلاثة أشهر فسقطت في 1967.10.25. النظام كان يضحي بالحكومات امتصاصا لغضب الجماهير. الإنجليز والأمريكيون شعروا بانفلات الأمور فبدأوا يفكرون في تغيير الملك بولي العهد.
الإخوان تاريخياً يكنون العداء للقومية العربية لعدة أسباب:
أولها عندما ازدهرت الدعوة للقومية العربية في الستينيات، اعتبرتها جماعة الإخوان منافسه لها في استقطاب الشباب.
وثانيها الإخوان المسلمين يدعمهم الانجلوساكسون ضد المد القومي العربي.
وثالثها جماعة الإخوان لا تهمها مصلحة الوطن، بل تتقلب حسب مصلحة مشغلها؛ ففي عام 1937 بايعوا فاروق، ثم أسسوا التنظيم الخاص الإرهابي لاغتيال وزرائه وقضاته، وخانوا إدريس بعد أن أجار أعضاءها (عز الدين إبراهيم، محمود الشربيني، وجلال الدين سعده) الهاربين من تهمة اغتيال النقراشي، ومكّنهم من تشكيل تنظيم نكاية في عبدالناصر، فاغتالوا ناظر خاصته إبراهيم الشلحي عام 1954، كما تقربوا من عبدالناصر ثم حاولوا اغتياله بالمنشية عام 1954 وأخرجهم السادات من السجن فردُّوا جميله بأن اغتالوه، ودعموا جمال مبارك لوراثة الحكم ثم 2011 انقلبوا عليه.
وفي بلادنا تقربوا لسيف فأفرج عنهم ومُكنوا، ثم انقلبوا فاغتالوا وسجنوا وشردوا، ودمروا الوطن، وعندما تمكنوا من اختطاف المجلس الانتقالي أصدروا قوانين إقصائية، وأسسوا ميليشيات الدروع واللجان الأمنية بديلًا عن الجيش والشرطة، وتحالفوا مع القاعدة وداعش إلى أن بدأت القوات المسلحة 2014 اجتثاثهم وتطهير ثلاثة أرباع ليبيا منهم، وما زالوا يعرقلون خروج ليبيا من أزمتها، للأسف بيننا من يعاود السير على (الشليوني) الذي أوصلنا إلى ما نحن فيه!!
تحاول جماعة الإخوان تشويه صورة العرب في وجدان الشعوب، فتبنت ثقافة تضليل وتزوير للفرقة بين العروبة والإسلام، بين الروح والجسد، فعداء الإخوان للأمويين لأنهم رفعوا شأن العروبة بتعريب الدواوين وصك الدينار العربي وغيره، فالصلابي افترى على الخليفة الأموي الوليد بن يزيد واتهمه بالمجون وشرب الخمر فوق الكعبة، هل يصدق عاقل بأن يسمح المسلمون لخليفتهم بشرب الخمر فوق الكعبة، كما حاول تشويه صورة صلاح الدين بربط حربه للصليبيين بحربه مع الفاطميين، كما أن الدجال القرضاوي أساء للأمويين في مسلسل عن الحسنين، معظم أعداء الأمويين كانوا من غير العرب.
العداء بين الفكر الناصري العروبي القومي الاشتراكي وبين الفكر الإخواني العميل الاستغلالي مستحكم، فعندما سيطرت جماعة الإخوان على ليبيا، قامت في 2012.2.11 بهدم النصب التذكاري للزعيم جمال عبد الناصر في بنغازي.
إن جمال عبدالناصر خالد بأفكاره ومبادئه ونضاله في قلوب وعقول الملايين، فقد ردت إليه ثورة يونيو الفردية اعتباره بعد 42 سنة وشهر واحد و15 يوما من محاولات التشوية والطمس والافتراءات، ذاكرة الشعوب تحتفظ بمآثر أبطالها، رغم انتشار دعوات التكفير والظلامية والدروشة والخرافات والخوف والتقليد والخنوع والتبعية، وشل العقول وتحريم الإبداع، والقدوة إنسان ظلامي ينهل من تراث مزور كتبه أعداء الإسلام أثناء الصراع على السلطة، فلا تتركوا الصبيان والشباب فريسة للأفكار الهدامة والظلامية ليزرعوا في عقولهم بذور الطائفية والشعوبية والتكفير والظلامية والزندقة، بل ازرعوا فيهم حب العروبة الجامعة وروح الإسلام السمح. وسيظل جمال عبدالناصر قدوة يلهم الشباب في الوطن العربي ضد أطماع القوه الاستعمارية المتربصة بشعوبنا والمهددة لمصيرنا، وسنرى الشعب العربي الليبي يعيد النصب التذكاري للزعيم جمال عبدالناصر لمكانه، ويحاكم من قاموا بهدمه.

بعد الإطلاع على المقال يمكنك متابعة مركز العرب على فسيبوك  وتويتر وشاهد قناتنا على يوتيوب

اظهر المزيد

موضوعات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى