الرئيسيةرأي

دكتور فكري سليم يكتب.. العلاقات المصرية الإيرانية..متى تعود؟ (الجزء الثاني)

الكاتب أكاديمي مصري وخبير الشئون الإيرانية.. خاص لمنصة «العرب 2030» الرقمية 

بعد أن سلطنا الضوء -في الجزء الأول من هذا المقال- على نقاط تمثل علامات بارزة في تاريخ العلاقات المصرية الإيرانية بعد ثورة عام 1979م في إيران، نستكمل الحديث -في هذا الجزء- عن أبرز محطات هذه العلاقات في فترة حكم الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك وأثناء أحداث ثورة 25 يناير 2011م وعام حكم الإخوان؛ فنقول: لعل أبرز حدث وقع في فترة حكم الرئيس مبارك هو إلقاء القبض-في نهاية عام 2008م وبداية 2009م – على خلية عرفت بخلية حزب الله في مصر كان قائدها اللبناني “محمد يوسف منصور” المعروف بـ”سامي شهاب”، تلك الخلية التي كانت تخطط للقيام بعمليات إرهابية داخل سيناء ومنطقة قناة السويس، وقضيتها معروفة وحكم فيها القضاء المصري بأحكام مشددة ضد أفرادها الذين كانوا ينتمون إلى جنسيات لبنانية وفلسطينية ومصرية وسودانية، وحكم غيابياً أيضاً على أربعة أشخاص كان من بينهم دبلوماسي إيراني.

وفي أثناء الانفلات الأمني وحادثة فتح السجون في 28 يناير 2011م هرب أعضاء خلية حزب الله من سجن وادي النطرون إلى خارج مصر. آنذاك استُقبِل “سامي شهاب” في لبنان استقبال أحد الفاتحين الذين تم تحريرهم من الأسر، على حد تعبير جماعته.

وبعد 25 يناير 2011م تمت الإطاحة بالرئيس مبارك وخرج المرشد الإيراني السيد علي خامنئي على شاشات التلفاز ليوجه كلمة باللغة العربية للشعب المصري هنأه فيه بالثورة، قائلا: “.. إن الثورة المصرية امتداد للثورة (الإسلامية الإيرانية المباركة)..”! كما أطل علينا “رحيم ازغدي” أحد المنظرين للجمهورية (الإسلامية) وعضو المجلس الأعلى للثورة الثقافية، ليتحدث عن نجاح تصدير الثورة فيقول: “..إن الثورة قد تم تصديرها بالفعل، وأصبحت ثورة عالمية..” كما يتحدث عن الدور التخريبي للحرس الثوري الإيراني في شمال أفريقيا ومصر قائلا: “..إن هناك أربع دول عربية قد تم إسقاطها، والبقية ستسقط خلال أشهر قليلة..”! مشيراً إلى أن جمهورية إسلامية تتشكل في صحراء سيناء المصرية..”!!

وفي الخامس من فبراير 2013م وخلال فترة حكم الإخوان وصل الرئيس الإيراني “محمود أحمدي نجاد ” إلى القاهرة في أول زيارة يقوم بها رئيس إيراني للبلاد بعد قطيعة استمرت نحو 34 عاماً، في محاولة لإحياء العلاقات بين البلدين، وكانت تلك الزيارة قد سبقتها زيارتان لوزير الخارجية الإيراني “علي أكبر صالحي” كانت الزيارة الأولى في سبتمبر 2012م والثانية في 9 يناير 2013م وكان الهدف الرئيسي من الزيارة الثانية حسب ما أعلن عنه هو مناقشة الأوضاع في سورية.

وفي مطلع يناير 2013م انتشر خبر زيارة سرية قام بها لمصر “قاسم سليماني” قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، وأول من نشر ذلك الخبر صحيفة التايمز البريطانية التي وصفت الزيارة بالسرية وذكرت أنها لتنسيق المواقف الأمنية ومساعدة النظام القائم ورئاسة الجمهورية في مصر لتمكين قدراته الأمنية داخل مصر. وتم استضافتنا آنذاك في بعض الفضائيات للتعليق على تلك الزيارة السرية وقلنا إن الهدف منها هو نقل تجربة إيران الثورية إلى مصر، وإنشاء أمن مواز خاص بجماعة الإخوان، وحرس ثوري على غرار الحرس الثوري الإيراني. وتلك كانت رغبة إيرانية لتتمكن إيران من خلالها خلق حالة من الفوضى والتناحر المسلح عند وجود فصائل مسلحة تتبع جماعة الإخوان أو غيرها؛ فتضعف الدولة وتصبح هشة يسهل اختراقها من قبل إيران والعبث فيها وتحويلها إلى دولة مدمرة كما فُعِل بدول أخرى في المنطقة! هكذا تصورا مصر دولة ضيعفة! ونسوا أنها دولة عريقة ذات مؤسسات ، دولة لا تسقط مهما كانت التحديات.

تلك المؤامرات المتلاحقة من قبل إيران ضد مصر لم تكن انتقاماً لتوقيع مصر اتفاقية كامب ديفيد أو لاستضافة مصر للشاه أو لوقوف مصر إلى جوار العراق الشقيق في حربه ضد إيران فحسب، بل هي استراتيجية وضعها قادة الثورة الإيرانية لتصديرها إلى الدول العربية والعالم، لخلق حالة من الكره لحكام المنطقة من قبل شعوبها وزعزعة استقرار أمن هذه الدولة تمهيداً لإقامة إمبراطورية مزعومة تحدث عنها “علي يونسي” مستشار الرئيس روحاني للشئون الدينية والأقليات في منتدى الهوية الإيرانية في طهران يوم 8 مارس 2015 حيث قال: “إن ايران أصبحت إمبراطورية عاصمتها بغداد”. وقد أحدث هذا التصريح غضباً في الشارع العراقي واستنكرته بغداد.

ولهذه المؤامرات وهذا التدخل في شئون مصر والدول العربية ظلت وستظل عودة العلاقات بين مصر وإيران مرهونة بمطلب مصري عادل وشرط مشروع ألا وهو: عدم التدخل في الشئون المصرية أو الدول العربية التي تمثل عمقاً لأمن مصر واستقرارها.

إن مصر دولة كببرة عريقة بحضارتها وشعبها ومؤسساتها، دولة مسالمة لا تتدخل في شئون غيرها إلا في حالة الاعتداء عليها أو العبث بأمنها واستقرارها؛ فمتى تستجيب إيران لهذا المطلب المصري المشروع، وتكف عن تدخلها في شئون مصر والدول العربية؟.

بعد ان تناولنا موضوع العلاقات المصرية الإيرانية يمكنك قراءة ايضا

اقرأ أيضا: د. فكري سليم يكتب.. العلاقات المصرية الإيرانية..متى تعود؟- ج1

ويمكنك متابعة منصة العرب 2030 على الفيس بوك

اظهر المزيد

موضوعات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى