الرئيسيةرأي

د. فكري سليم يكتب.. العلاقات المصرية الإيرانية..متى تعود؟- ج1

الكاتب أكاديمي مصري وخبير الشئون الإيرانية.. خاص لمنصة «العرب 2030» الرقمية 

العلاقات المصرية الإيرانية

في فبراير عام 1979م تمت الإطاحة بشاه إيران محمد رضا بهلوي وتغير النظام من ملكي إلى  (إسلامي) يعتلي قمته آية الله الخميني الولي الفقيه وهو الجامع لشرائط الفتوى والمرجعية الدينية ونائب الإمام الغائب (المهدي المنتظر) في قيادة الأمة وإقامة حكم الله في الأرض.

وكان شاه إيران محمد رضا بهلوي قد أجبر على ترك إيران في يناير عام 1979م تحت وطأة مظاهرات شعبية عارمة واتجه إلى أوروبا التي رفضت استقباله؛ فاستضافه الرئيس محمد أنور السادات. لكن الشاه تنقل بعد ذلك إلى عدة دول أخرى لتستضيفه، هي المغرب وجزر الباهاما والمكسيك ثم أمريكا التي كان قد طلب منها استضافته للعلاج بسبب تدهور حالته الصحية؛ فاستضافته حتى شهر نوفمبر 1979م لكنها طلبت منه المغادرة بعد حادث اقتحام السفارة الأمريكية في طهران؛ فغادرها إلى بنما ومكث بها بعض الوقت إلى أن أرسل الرئيس السادات طائرة نقلته إلى القاهرة فمكث فيها تحت الرعاية الطبية إلى أن توفي في يناير 1981م متأثراً بمرض السرطان.

كان موقف الرئيس السادات من شاه إيران موقفاً إنسانياً تجاه صديق حاول السادات أن يرد له الجميل الذي قدمه لمصر حيث أمدها بالبترول عندما احتاجته خلال حرب السادس من أكتوبر 1973م، وقد أشار الرئيس السادات في إحدى خطبه إلى هذا الدعم الذي قدمه الشاه لمصر.

منذ ذلك الوقت انقطعت العلاقات بين مصر وإيران ولم تعد حتى يومنا هذا باستثناء ما طرأ عليها في فترة حكم الإخوان عام2012م. بخلاف ذلك فقد كان نظام الحكم في إيران يكيل الاتهامات لمصر ويجهر بمعاداته للرئيس السادات الذي اتهمه ذلك النظام بالخيانة  والعمالة خاصة بعد توقيع اتفاقية كامب ديفيد، وتجسد كرههم للرئيس السادات بعد اغتياله على يد جماعة (إسلامية)  متطرفة، فاحتفوا بخالد الإسلامبولي قاتل الرئيس، واطلقوا اسمه على أحد شوارع طهران، ولم يكتفوا بهذا بل أعدوا فيلماً مسيئاً للرئيس أسموه “إعدام فرعون”.

ولا ننسى هنا الإشارة إلى أن أسرة خالد الإسلامبولي التي عادت إلى مصر بعد أحدث 25 يناير 2011م كانت في استضافة إيران ومعها أسرة بن لادن زعيم القاعدة، وكانت قد لجأت إلى إيران بعد هروبها من أفغانستان عند هجوم الولايات المتحدة عليها في 2001م انتقاماً لأحداث الحداي عشر من سبتمبر.

وطد نظام الحكم في إيران علاقته مع جماعات (إسلامية) كان من بينها الجهاد الإسلامي والجماعة الإسلامية وجماعة الإخوان التي تربطها علاقة قديمة بجمعية فدائي الإسلام التي كان يرأسها الإيراني “نواب صفوي، والذي زار مصر والتقى سيد قطب في بداية الخمسينيات وهو الذي قال جملته الشهيرة: “من أراد أن يكون شيعياً جعفرياً حقيقياً فلينضم لصفوف جماعة الإخوان المسلمين”. وبذلك التقت (حاكمية) سيد قطب و(حكومة الخميني الإسلامية) على هدف قلب نظام الحكم في مصر وإقامة جمهورية إسلامية على غرار ما حدث في إيران عام 1979م.

يمكنك قراءة ايضا

تهاني التري تهنيء الشارقة لحصولها على أرفع جائزة عالمية من الأمم المتحدة للطفولة

وقد وجدت أطياف من الشعب المصري -تنتمي لتيارات وجماعات إسلامية- في شعارات إيران التي أجادت صناعتها والترويج لها إعلامياً، ما لم تجده في الخطاب الإعلامي المصري، خاصة فيما يتعلق بقضية تحرير القدس والعداء للصهيونية، فقد وجدت تلك التيارات الإسلامية ضالتها في الشعارات الثورية الثورية التي دغدغت مشاعرها كالوحدة الإسلامية والصحوة الإسلامية ونصرة الفلسطينيين. وليست الجماعات أو التيارات الإسلامية فقط هي من أنبهر بتلك الشعارات بل كانت هناك شخصيات تنتسب إلى نخب ليبرالية ويسارية  وحتى ناصرية، فمنهم رأى في كيان هذه الدولة (الإسلامية) بطلاً مغواراً يتصدى للإمبرالية الغربية وللصهيونية العالمية، بطلاً لا وجود له في عالمنا العربي، وتجاهلت تلك الأطياف والتيارات والنخب أن مصر كانت تحكمها اتفاقية سلام قيدت إعلامها، ولم تدرك تلك الجماعات والنخب أن مثل تلك الشعارات الثورية الإيرانية ما هي إلا شعارات لدغدغة مشاعر الشعوب العربية، وينسفها ذلك التعاون الخفي القائم بين نظام (الجمهورية الإسلامية) وما يطلقون عليه الشيطان الأكبر وإسرائيل منذ قيام الثورة عام 1979م، وكان ذلك الانبهار بالنظام الثوري في إيران وما تبعه من انتقاد وجلد للذات يمثل ضغطاً على مصر التي حملت القضية الفلسطينة على عاتقها لعقود منذ الزمان وضحت بدماء أبنائها من أجل فلسطين، دون شعارات خالية من مضامينها.

وبعد اغتيال الرئيس السادات وتولي الرئيس مبارك السلطة لم يتغير النهج الإيراني تجاه مصر، بل ظلت مصر ورئيسها تتعرض للشتم والتخوين والعمالة لإسرائيل بسبب موقف الرئيس مبارك من السياسة الإيرانية تجاه مصر، وبسبب تصريحاته عن التدخلات الإيرانية في شئون الدول العربية، والتي نذكر منها تصريحه في إحدى خطبه أمام مجلس الشورى المصري يوم 21 نوفمبر 2009م والتي فيه حذر النظام الإيراني من مغبة التدخل في الشئون العربية.

في الجزء الثاني من المقال نكمل الحديث عن العلاقات المصرية الإيرانية ومتى ستعود.

بعد ان تناولنا موضوع العلاقات المصرية الإيرانية يمكنك قراءة الاتى

أحمد شيخو يكتب.. أُذن للكرد أن يُقاتلوا بأنهم ظُلموا

يمكنك متابعة منصة العرب 2030 على الفيس بوك

اظهر المزيد

موضوعات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى