من أطروحات الشرفاء الحمادي.. في ميدان الصراع بين (الخير والشر) تظهر حقيقة جهاد النفس
أطروحة جديدة تأتيكم – أسبوعيا - كل إثنين من منبر منصة مركز العرب للأبحاث والدراسات الرئيسية
الملخص
يقدم لنا المفكر العربي الأستاذ علي الشرفاء الحمادي طرحا جديدا حول الصراع بين (الخير والشر)، و(الحق والباطل) ومن ثم يضع لنا روشتة للنجاة من مكائد الشيطان من خلال مجاهدة النفس، واتباع منهج الله وطريق الحق المستقيم، وهو أمر ليس بالسهل اليسير لأنه يتطلب صبرا وجلدا حتى يتحقق الانتصار ويهزم الشيطان، وإليكم النص المفصل.
جهاد النفس
يبين الله للناس ما سيقابلهم في حياتهم بأنه خلق الإنسان في الحياة الدنيا ليواجه الصراع الدائم بين الخير والشر وبين الحق والباطل، ومن رحمة الله بالناس أرسل لهم الرسل والأنبياء، ليعلموهم كيف يحققون الانتصار في جهادهم مع النفس الأمارة بالسوء وحليفها الشيطان على قوى الشر وجماعات الباطل.
عداوة الشيطان
ولذلك فالله سبحانه حذر الإنسان عند بدء خلقه بأن الشيطان سيكون له عدواً مبينا، وعلى الإنسان أن يظل دائما مستيقظاً من خداع الشيطان وأتباعه، ويكون حذرا ليستخدم ما أرشده الله بكتبه وما بلغه الرسل والأنبياء باتباع حكمة الله ومقاصد آياته، ليواجه بها الشيطان وينتصر في معركة الحق ضد الباطل، ويظل في جهاد مع نفسه، إلى أن يأتيه الأجل وهو يصارع مغريات الشيطان ويحارب النفس الأمارة بالسوء كلما أخلص في إيمانه بالله سبحانه واتبع آياته في كل كتبه التي أنزلها الله مع المرسلين، ليحقق الانتصار ويهزم الشيطان.
الأطماع الدنيوية
لقد بين الله سبحانه للإنسان قدرة الشيطان على التحايل على الإنسان باستخدامه النفس الأمارة بالسوء وغريزة الشهوات من طمع الدنيا وارتكاب المعاصي والمحرمات والتسلط على ممتلكات العباد واتخاذ الناس سبيل النفاق والكذب وحتى قتل الأبرياء، وسيلة لتحقيق أطماعهم الدنيوية.
النصح والغواية
يفتح لهم الشيطان الطرق المختلفة ويرشدهم للوسائل المتعددة، ليسوقهم لارتكاب المعاصي من ظلم وبغي وعدوان.. ألم ينصح الله الإنسان عند بدء الخليقة ويحذره من الشيطان قبل هبوط آدم وزوجته من الجنة بعدما خالفا أمر الله بعدم الاقتراب من الشجرة، فأزلهما الشيطان وحرضهما على مخالفة أمر الله، حين قال لهما: (إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ) (21 الأعراف) فطردهما الله من الجنة وحذرهما من إغراء الشيطان حين نصحهما الله سبحانه بقوله: (فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَٰذَا عَدُوٌّ لَّكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى) (117 طه)، فعاقبهما الله بقوله سبحانه: (قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى) (123 – 124 طه).
مجاهدة النفس
لذلك جعل الله الدنيا للإنسان دار امتحان ليعلم الناس أن الطريق إلى الجنة ليس مفروشاً بالورود والرياحين، بل بمجاهدة النفس لتنتصر على إغواء الشيطان ليعبد الله الإنسان بإخلاص وتفان في طاعة الله ليكون من المؤمنين المتقين كما وصفهم الله سبحانه في قوله (الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السموات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار) (آل عمران 191).
الفلاح للمؤمنين
كما وصفهم الله سبحانه أيضا بقوله (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ) (المؤمنون 1-9) يلتزمون بتأدية الفروض بكل الإخلاص وتطبيق مقاصدها والتمسك بكتاب الله وتطبيق شرعته، واتباع المنهاج الرباني الذي وردت عناصره في آيات الذكر الحكيم.
الاستجابة والطاعة
ولن يتحقق ذلك الهدف بالسهولة والدعاء والتمنيات، علما بأن استجابة الدعاء مرهونة بطاعة الوهاب، وتتحقق بطاعة الله ومجاهدة النفس في الحياة الدنيا والتغلب على نزوات الشيطان وكبح شهوات الإنسان والانتصار على النفس في كل لحظاته، ولذلك وصف الله الإنسان بقوله سبحانه: (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي كَبَدٍ) (4 البلد)، ليظل الإنسان في معركة أبدية بينه وبين الشيطان يجاهد في سبيل الله، وذلك هو المقصود من كلمة الجهاد في القرآن الكريم، كما وصف الله الجهاد بقوله سبحانه (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ) (69 العنكبوت).
مكائد الشيطان
فمن اتبع كتاب الله وآياته ففي عصمة الله من الوقوع في مكائد الشيطان يحميه الله بطاعة الله في تنفيذ كل عظاته وتوصياته وتحذيراته للإنسان، وحينما ينجح في الامتحان وينتصر على الشيطان فليبشر بجنات النعيم، أما من اتبع شهواته وهواه وساقه الشيطان إلى مبتغاه فقد خسر الدنيا والآخرة.
بعد الإطلاع على المقال يمكنك متابعة مركز العرب على فسيبوك وتويتر وشاهد قناتنا على يوتيوب