د. يسرا شعبان تكتب.. حق الكد والسعاية ضماناً لحقوق المرأة
وضع شيخ الأزهر الإمام أحمد الطيب مؤخراً على مائدة النقاش المجتمعي والديني فتوى تتضمن حقاَ منسياَ من حقوق المرأة موجودا في تراثنا الإسلامي وهو “حق الكد والسعاية”. إذ دعا سيادته إلى إعادة إحياء “حق الكد والسعاية”، الذي يضمن للمرأة العاملة حقها في ثروة زوجها، خاصة أنها مساهم رئيسي في تكوين هذه الثروة.
ويقصد بهذا الحق حفظ حق المرأة العاملة من الأموال والممتلكات والتي أسهمت في تكوين ثروة زوجها.
وتجدر الإشارة إلى أن الشريعة الإسلامية تؤكد على استقلالية الذمة المالية للمرأة. فالزوج مسؤول بحكم العقد الشرعي عن النفقة، لدرجة أن بعض الفقهاء اعتبروا أن نفقة الزوج تصير ديناً في ذمته من وقت وجوبها، أي منذ توقيع العقد الشرعي، واستدلوا على ذلك بقوله تعالى: “وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف”.
لكن ما قد يجهله البعض أن هذه الفتوى تعود إلى أيام الخليفة عمر بن الخطاب، حين قضى بقسم المال إلى نصفين، نصف لحبيبة بنت زريق والنصف الآخر يقسم على الورثة -ومن بينهم حبيبة- وفقاً للشرع، إذ يحق لبنت زريق أن تأخذ ربع ما ترك زوجها؛ كونها ليس لديها أطفال منه. وكانت حبيبة بنت زريق تعمل في النسيج واستطاعت وزوجها تكوين ثروة من التجارة المشتركة خلال الحياة الزوجية وبذلك فهي قد ساهمت مع زوجها في تنمية ثروته أو بالأحق ثروة الأسرة. وقد عمل بهذه الفتوى الفقهاء على مر السنين.
وكان أهل المغرب سباقين في تحويل هذه الفتوى إلى تشريع قانوني يضمن حق الزوجة. حيث يحفظ القانون المغربي للزوجة حقها في أموال زوجها إذا كانت قد أسهمت في تنميتها معه.
والجدير بالذكر أن بعض القوانين الغربية وعلى رأسها القانون الفرنسي تعترف ومنذ اللحظة الأولى بالذمة المالية المشتركة للزوجين. فهو النظام المالي المعتمد للزيجات إلا إذا نص على خلاف ذلك.
قد لا نذهب في مصر إلى التقليد الأعمى لهذا النظام لأن في الأساس كما ذكرنا، القانون الإسلامي يؤكد على مبدأ استقلال الذمة المالية للزوجين وللمرأة بالتأكيد. لكن ما قد يحتاج حماية قانونية وتشريعية هي الأموال والمشروعات المشتركة المكتسبة خلال فترة الحياة الزوجية.
ونقترح بناء على ما سبق أن يكون أولا، إقرار حق الكد والسعاية اختيارا واتفاقيا من قبل عقد الزواج أو خلال الحياة الزوجية المشتركة، ثانياً، أن يرفق بعقد الزواج إقرار للذمة المالية للزوجين وخصوصاً للمرأة التي تعمل أو لها ممتلكات أو ميراث معين. وثالثا، نؤكد على أنه حق بجانب الميراث وليس له أي علاقة أو تأثير من قريب أو بعيد بميراثها المفروض شرعا وفقاً للدين الإسلامي.
وأخيراً وليس آخرا، قد ينظر القاضي الشرعي في بلادنا الإسلامية لكل حالة على حدة بالأخذ في الاعتبار العديد من العوامل من بينها: المستوى الاجتماعي للمرأة، ما لديها من ممتلكات أو ميراث أو الخ…، مدى إسهامها في تنمية الثروة الزوجية.
ونرى أن سن قانون أو إضافة مادة جديدة لقانون الأحوال الشخصية تتضمن هذا الحق قد يساهم وبشكل كبير في حماية الأوضاع المالية للزوجات المصريات ويضع حدا للزيجات اللاتي يكون الأصل فيها الاستغلال. لأنه إذا غاب الوازع الديني والنية الحسنة يجب أن يظل للقانون كلمته!
فوفقاً لمبادئ العدالة أن المرأة التي تساهم في زيادة ثروة زوجها أن يكون لها الحق في اقتسام الأموال المشتركة في حال الوفاة أو الطلاق أيهما أقرب (أي في حالة نهاية الحياة بينهما(. بما أنهما شاركا حياة زوجية فعليهما أن يشاركا أيضًا ما استطاع كلاهما تجميعه وحصاده أو استثماره في هذه الحياة المشتركة. ولماذا لا… أليس الزوجان يتقاسمان في المبدأ الحياة “على الحلوة والمرة”؟