«وعد بلفور جديد».. قراءة في زيارة جو بايدن الأولى للدول العربية
وصف المحلل السياسي فراس ياغي، المختص بالشأن الاسرائيلي، زيارة بايدن وما نتج عنها من إعلان “جيروسالم” بأنها تمثل وعد “بلفور” جديد يعطي “إسرائيل” القوة والنفوذ في المنطقة ويوسع مجال نفوذها ليشمل كل غرب آسيا.
وقال في تصريحات خاصة لمركز العرب: “لقد إنتهت زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن لدولة الإحتلال ولفتته الرمزية بزيارة مستشفى المطلع في شرقي القدس ولقاءه بالرئيس الفلسطيني محمود عباس في بيت لحم لمدة 45 دقيقة، ومنذ اللحظة الاولى لطبيعة وبرنامج الزيارة تحددت السياسات التي جاء من اجلها بايدن للمنطقة والهادفة لتأكيد الدعم الإستراتيجي وإظهار كل الدفء الطبيعي والمصنع تجاه “إسرائيل”، حيث كان إعلان “جيروسالم” بمثابة تجديد لوعد “بلفور” وصفقة قرن جديدة تؤدي لتوسيع النفوذ الإسرائيلي ليشمل غرب آسيا وحوض المتوسط”.
اقرأ أيضا: فلسطين في أسبوع.. الاحتلال يستخدام جثامين الشهداء بالمختبرات الطبية.. وهدم البيوت لازال مستمرا
وأضاف ياغي : أن بايدن أكد بخطوات عملية دعمه المطلق لدولة الإحتلال وأعلن بشكل رسمي وعملي عن بدء دمجها علنيا في المنطقة وتحت يافطات متعددة أهمها الأمن والإقتصاد متجاوزا بذلك قضية الصراع المركزية المتمثلة في القضية الفلسطينية وإنهاء الإحتلال، لكنه أكد على موقف إدارته المؤيد لمفهوم الدولتين دون اي خطة لتحقيقها سوى إنتظار جهوزية الطرفين للمفاوضات لتحقيق ذلك، ونلاحظ حتى في حديثه عن الدولتين انه لا يرى جاهزية لذلك لدى الطرفين لأنه لا يريد حتى الإشارة للتعنت والرفض الإسرائيلي الرسمي لهذا المفهوم.
وأشار ياغي إلى أن بايدن استعاض عن أي شيء سياسي للفلسطينيين بالدعم المالي الإنساني لمستشفيات القدس ووكالة غوث تشغيل اللاجئين ” الأونروا” وليس لميزانية السلطة الفلسطينية، واعطى إشارات رمزية تعبر عن موقف ملتبس من القدس بزيارته لمستشفى المطلع في القدس الشرقية كتعويض عن عدم قدرته على إتخاذ قرار بفتح القنصلية الأمريكية في القدس كما وعد او إعادة فتح مكتب منظمة التحرير في واشنطن او رفع إسم منظمة التحرير عن لائحة الإرهاب.
ودعا ياغي القيادة الفلسطينية للدعوة فورا لمؤتمر وطني يشمل كافة الفصائل والمستقلين في الوطن والشتات يعلن من خلاله تنفيذ كافة قرارات المجلس المركزي ويعتبر ان أمريكا ليست محايدة ولا وسيطة في الصراع الفلسطيني والعربي الإسرائيلي، ويعمل على دفن الإنقسام السياسي في بيت الوطنية الفلسطينية معلنا بذلك فشل عملية السلام وانسداد افق المفاوضات بما يستدعي العودة المنظمة والجماعية لمفهوم حركة التحرر الوطني ووفقا لقرارات الشرعية الدولية.
ومن جهتها قالت الباحثة الفلسطينية تمارا حداد، إن جولة الرئيس الأمريكي “بايدن” قدمت أكبر هدية لدولة الاحتلال في حين أعلن عن اتفاق جروزاليم أو بيان القدس الذي يعتبر اتفاقا لحماية اسرائيل بشكل شامل على كافة الأصعدة الأمنية والاقتصادية والعسكرية والمادية وهذا الاتفاق يعتبر انقلابا سياسيا وقانونيا وتاريخيا على حق الشعب الفلسطيني لانه لم يذكر اي بند لتعزيز حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره.
وأضافت : “في خطاب الرئيس الأمريكي بايدن في مقر المقاطعة في بيت لحم تخلل حديثه عن حل الدولتين ولكنه بعيد المدى وهذا الأمر انقلاب على قرارات الشرعية الدولية واشارة إلى انعدام الأفق السياسي للجانب الفلسطيني، ولم يذكر في خطابه اي إشارة لفتح القنصلية في القدس الشرقية أو إزالة صفة الإرهاب عن منظمة التحرير أو أي اشارة لاستكمال المفاوضات بين الجانب الفلسطيني والإسرائيلي، بل تحدث بنقاط محددة وهي التركيز على التسهيلات الاقتصادية وتقديم الدعم المالي للأونروا ومستشفيات القدس وكلها ليس بيد السلطة بل ضمن صناديق خاصة وهذه إشارة لعدم ثقة الجانب الأمريكي بمؤسسات السلطة الفلسطينية وأيضا تحدث عن أمله ببناء المؤسسات الفلسطينية بان تؤمها مبادئ الحكم الرشيد وان تكافح الفساد وهذا الأمر إشارة ان الجانب الأمريكي يعلم أن هناك ترهلات ادارية ومالية في سياق المؤسسات وبحاجة الأمر إلى إصلاح مالي واداري”.
وتابعت: “تحدث بايدن في نهاية خطابه انه يامل ان تتعزز الديمقراطية إشارة ورسالة للرئيس الفلسطيني بأن يتم ترسيخ الانتخابات التشريعية والرئاسية حتى يتم تحقيق الديمقراطية في الواقع الفلسطيني”.
واستطردت : “أما كنواحي سياسية لا يوجد امل لحل الدولتين فالموقف الأمريكي يتقاطع تماما مع الموقف الإسرائيلي ولا يهمه حاليا سوى امن إسرائيل وتعزيز اندماجها في منطقة الشرق الأوسط، وإسرائيل غير معنية بانهاء الاحتلال في مناطق الضفة الغربية ولا تمارس ضغطا لوقف الاستيطان، ولم تحسم الإدارة الأمريكية موقفها تجاه الجانب الفلسطيني بل فتحت المجال لمزيد من المراوغة، وتسعى لتقليص الصراع الفلسطيني _ الإسرائيلي ضمن إطار الحل الإقليمي وهو التوجه الاقتصادي وقبر حل الدولتين وتصفية القضية الفلسطينية وشرعنة الاحتلال مقابل تحسين ظروف حياة الشعب الفلسطيني.
بالتالي الرهان الحالي على وحدة الشعب الفلسطيني واستنهاض عناصر قوته للدفاع عن حقوقه وتعزيز الوحدة الوطنية وترسيخ الانتخابات العامة واختيار قادة وطنية تنقذ الواقع الفلسطيني”.