رأي

محمد فتحي الشريف يكتب.. نصف قرن من التجارب 

بعد مرور ما يربو على نصف قرن من مولدي وحتى اليوم، مررت بمراحل مختلفة بين الطفولة والنشء والشباب، حتى وصلت إلى المحطة الأخيرة في مرحلة الرجولة، قبل الولوج إلى مرحلة الكهولة والشيب، وجدت نفسي أمام مشاهد مختلفة ومتنوعة من تلك الرحلة، والتي اجملتها في نقاط مقتضبة؛ منها أن الإنسان يضيع كثيرا من الوقت والعمر في أمور غير مفيدة وغير جادة دون هدف محدد، استخلاصا من التجارب والمواقف المتنوعة في السنوات الماضية التي خسرنا فيها الوقت والعمر دون جدوى، لقد تغير شكل الإنسان في المراحل السابقة وتبدلت هيئته مرات عديدة، وبقيت الروح كما هي تبحث عن الراحة والاطمئنان، ومع ذلك لم تبلغهما بشكل كامل حتى اللحظة، وهذا يرجع إلى نقص في الإيمان، فكلما اكتمل الإيمان بالله زاد الاطمئنان وراحة البال، وقل التعلق بالدنيا، ومع هذا يظل التمسك بالحياة والآمال والأماني مستمرا في مراحل الحياة من الطفولة إلى الشيخوخة.

وفي يوم الخامس من ديسمبر من كل عام أبدأ عاما جديدا من حياتي، وقتها أتذكر ما أنجز في العام الماضي وما تعثر إنجازه، وعلى الرغم من أن الوقت يضيع والعمر يمضي دون تحقيق منجز كبير وواضح، فإن عوامل الرضا تزداد عاما بعد عام، خصوصا أن التجارب الماضية قد تعلمنا منها الكثير والكثير، حتى وصلنا إلى درجة من الاجتهاد في الحاضر لتجنب أخطاء الماضي ونجحنا في الأمر نسبيا وليس كليا، وخلصنا في النهاية إلى الدخول في جو من الهدوء النفسي والصفاء الذهني، حتى أستطيع أن أكمل المخطط الذي يحتاج إلى وقت أكبر ومجهود أكثر، ومع تقدم العمر يقل الجهد البدني ويترفع الجهد الذهني، وهذا الأمر يضعك تحت ضغوط نفسية كثيرة، فأنت تحمل وتخطط وتصطدم عند التنفيذ حتى لا يسعفك الوقت، ولذلك أنصح كل من في مقتبل العمر بأن يحرص على الاستفادة القصوى من الوقت.

في النصف قرن الماضي، أدركت أن الوعي والإدراك يخلقان سلامة نفسية حقيقية واطمئنانا واقعيا غير زائف، وأن الإيمان بالله الثابت من خلال عقيدة راسخة ترفض كل الخرافات وتؤمن بالحقائق التي أخبرنا بها القرآن الكريم وتمنحنا السير على المنهج القويم الذي يدعو إلى الرحمة والعدل والحرية والسلام والذي هو جوهر الدين الإسلامي الحقيقي خلاف ما يروج له المتطرفون وشيوخ الفتن، تجعل إيماننا بالله قويا وراسخا، وأن الحياة مدبرة وأن الباقيات الصالحات خير، وأن القوة في الرحمة والعدل والضعف في الظلم والجور، وأن صلة الأرحام ليس بوصل من وصلك ولكنها بوصل من قطعك والتجاوز عن القاطعين والدفع بالتي هي أحسن في كل الأمور.

وفي النهاية أقول: لقد مر عام من عمري بكل ما فيه من تدابير الله عز وجل، وأنا راض بما تحقق ومؤمن بأن ما لم يتحقق كان من تقصير مني وسوف أعمل جاهدا في المستقبل على أمر واحد وهو إرضاء ربي فهو الهدف الأسمى والأبقى، فإن رضا الله عز وجل هو قمة المجد والنجاح.

بعد الإطلاع على المقال يمكنك متابعة مركز العرب على فسيبوك  وتويتر وشاهد قناتنا على يوتيوب

اظهر المزيد

موضوعات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى