إن أي محادثات وطنية سياسية يجب أن تقوم على محددات معينة وخيارات واضحة ، من أجل يكون لها مستقبلا استراتيجية تعتبر قاعدة أساسية للانطلاق نحو تحقيق أهداف وتطلعات شعبها ، حتى تصل به إلى بر الأمان ، وفق تطبيق خطة شاملة تقوم على النهوض والاستنهاض لكافة متطلبات المرحلية سواء الحالية أو القادمة، حتى يتم القدرة على تنفيذ واقع عنوانه الرئيسي ” مستقبل وطن”.
إن الانقسام السياسي الفلسطيني المستمر منذ سنوات طويلة قد أحدث تأثير سلبي على الحياة الفلسطينية على كافة الصعد والمستويات، والذي كانت أهم سلبيات ومأساة الانقسام الوصول في نهاية الطاف لحرب عنوانها الابادة الجماعية بكل ما تعني الكلمة على قطاع غزة منذ عام كامل والتي لازالت مستمرة، وكذلك الحال في الضفة الغربية والقدس فكلاهما ليس ببعيد عن واقع الحرب في غزة ، في ظل القتل والاعتقالات والاجتياحات والاقتحامات واستمرار الاستيطان والتهويد التي تشمل كافة مناطق الضفة الغربية والقدس المحتلة.
إن المحادثات والحوارات القائمة حاليًا في العاصمة المصرية بين طرفي الانقسام ( فتح وحماس) مباحثات مرحب بها بكل تأكيد من حيث الإطار العام باللقاء بينهما ، من أجل تعزيز سبل الوصول لوحدة الهدف والرأي والاجتماع على إنقاذ ما يمكن انقاذه لكافة الواقع الفلسطيني، الذي به الأمر إلى أسوأ أحواله منذ النكبة الفلسطينية الأولى عام 1948، وهذا لأن قطاع غزة يعيش النكبة الفلسطينية الثانية بل والأصعب والأشد من الأولى منذ عام كامل.
إن المباحثات والحوارات القائمة بين ( فتح وحماس ) في العاصمة المصرية يجب أن تكون مغايرة تماما لجولات وصولات المصالحة الفلسطينية التي استمرت لسنوات طوال دون أي نتيجة أو فائدة للأسف الشديد، فلهذا الحوارات الجارية حاليا بين (طرفي الانقسام ) يجب أن تضع أمام أعينها مصلحة الانسان الفلسطيني، الانسان الذي ذاق وعانى مرارة الحرب المسعورة والعدوان المتواصل على قطاع غزة، والاستماع لصوته ولرأيه بكل وطنية وحيادية وموضوعية ، وابتعاد حركتي ( فتح وحماس) عن التفكير مطلقا بأهداف لا تحقق لجموع الفلسطينين ولكافة النازحين المشردين الذي بلغ عددهم المليون نازح وأكثر في خيام ومراكز الإيواء في كافة مناطق قطاع غزة، لأن تطلعات جموع النازحين والمشردين تتضارب تماما مع أي تطلعات حزبية أو فصائلية محصورة بين تطلعات وأهداف المتحاورين بالقاهرة، فاليوم لا بد من اعتذار وطني عام من طرفي الانقسام لكافة شعبنا الفلسطيني، وخصوصًا المنكوبين في كافة قطاع غزة، لأن من أهم الأسباب الرئيسية والحقيقة لنشوب الحرب في السابع من أكتوبر، هو حالة الانقسام السياسي الفلسطيني بكل تأكيد ، لأنه لو كان هناك إطار وطني عام وحدودي وحكومة وحدة وطنية تضم الكل الفلسطيني بلا استثناء لما وصل شعبنا في قطاع غزة إلى حرب دفع ثمنها الأكبر المواطنين المدنيين والأطفال والنساء وجمع الغلابة والبسطاء للأسف الوطني الشديد.
فلهذا المحادثات الجارية بالقاهرة بين حركتي فتح وحماس يجب أن تكون ضمن محددات ومعايير وطنية شاملة وليست حزبية خاصة، حتى تثمر الحوارات عن إيجابية في التأثير والتغيير ، التأثير نحو شعور المواطن الفلسطيني أن هناك واقعا افضل سيكون واضح المعالم وملموس، والتغيير في العقلية السياسية لكافة المسؤولين والساسة الفلسطينين ، وأن يتجهوا إلى عقلية الإجماع الوطني والاجتماع على رؤية واستراتيجية واحدة موحدة ، تضم كافة كل القادرين من أبناء شعبنا وقادته جميعا، من أجل تجاوز المرحلة العصيبة والقدرة على تخطى الصعوبات ، والتطلع لحال وواقع المواطن الفلسطيني البسيط المشرد في خيام النزوح ومراكز الإيواء ، الذي أسمى امانيه تغيير واقعه للأفضل ، من خلال ترميم واقعه النفسي والصحي والاجتماعي ، والاهتمام بمتطلباته العاجلة التي لا تقبل التأخير من مأوى إنساني يليق به وحياة كريمة تتوفر بها كافة مقومات الحياة الطبيعية من مأكل ومشرب وعلاج وتعليم ، وخدمات إنسانية واغاثية بشكل متواصل ومستمر ، من أجل الانطلاق لاحقا في مشروع الاعمار على طريق مستقبل وطن.
بعد الإطلاع على المقال يمكنك متابعة مركز العرب على فسيبوك وتويتر وشاهد قناتنا على يوتيوب