محمود علي هندي يكتب.. إعادة النظر في أهداف التنمية المستدامة
الكاتب باحث قانوني ومدرب معتمد للتنمية المستدامة من وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية
بداية قبل التطرق إلى أهداف التنمية المستدامة لابد أولا من معرفة ماهية التنمية المستدامة، حيث هي التنمية التي تلبي احتياجات الحاضر دون المساس بنصيب الأجيال المقبلة على تلبية احتياجاتها الخاصة في المستقبل، وعناصرها النمو الاقتصادي والإدماج الاجتماعي وحماية البيئة، وعندما اعتمدت الدول الأعضاء فى الأمم المتحدة ال193 خطة التنمية المستدامة بعنوان خطة التنمية المستدامة لعام 2030 فِي مؤتمر قمة التنمية المستدامة الذى عقد في مقر الأمم المتحدة في نيويورك في سبتمبر 2015 وكانت تتألف من 17 هدفا و169 غاية، كان الهدف تعزيز فرص التنمية الاقتصادية والاستدامة فى جميع دول العالم.
ولكن تختلف وتتباين الدول فيما بينها في إمكانية تحقيق هذه الأهداف، ولذا ضرورة إعادة النظر في أهداف التنمية المستدامة ليس بسبب الاختلاف والتباين فيما بين الدول، ولكن لكي تتحقق الأهداف بنسب متفاوتة بين الدول وفي داخل البلدان، ولنعرج على بعض الأهداف ونوضح وجهة النظر في ضرورة إعادة النظر في الهدف الأول القضاء على الفقر بجميع أشكاله فى كل مكان، وهنا اعتمدت مقياس النمو على إجمالي الناتج، وكذلك معدل الدخل لحساب معدل الفقر في البلدان، فنجد أن معظم الدول الأوروبية متفوقة في هذا الهدف وكذلك الولايات المتحدة الأمريكية ودول النمور الآسيوية.
ونجد أن دولا في أفريقيا في ذيل ذلك الهدف، لذا نجد النسب متفاوتة، كذلك في الهدف الثاني القضاء على الجوع وتوفير الأمن الغذائي والتغذية المحسنة وتعزيز الزراعة المستدامة نجد أن بعض الدول نتيجة لعوامل التصحر ينقص بها المساحات الزراعية أو عمليات البخر وكذلك الاعتماد على التكنولوجيا الفائقة ضعيف فيؤدي إلى التفاوت في تحقيق ذلك الهدف أيضا، ونجد في الهدف السابع ضمان حصول الجميع بتكلفة ميسورة على خدمات الطاقة الحديثة الموثوقة والمستدامة تفاوتا شديدا بسبب تركز أماكن الطاقة في دول الخليج وبحر القوقاز وأكبر احتياطي نفطى في أمريكا وكذلك الغاز حاليا في محيط دول البحر المتوسط ومن ضمنها مصر.
فنجد التفاوت أن استهلاك الدول الأوروبية وروسيا استعمال أكثر للطاقة بسبب الظروف الجوية والبرد القارس بعكس دول خط الاستواء والمناطق الحارة والكاحلة بالإضافة لاستعمال الطاقة في مجالات متعددة واستعمالات مختلفة وصناعات وتطور فائق بعكس البلدان النامية في العالم وكذلك في الأهداف التي تخص تحقيق المساواة بين الجنسين وتمكين الفتيات في بعض البلدان مثل كابول والشرق الأوسط ما زال يوجد عدم كفاءة في تحقيق ذلك، ولكن توجد مجهودات، أيضا توافر المياه والصراعات الحالية حول الأنهار وإقامة السدود وتحويل مجرى المياه واستخدامها فى مساومات سياسية، وهدف ضمان التعليم الجيد المنصف والشامل لأن أي تجربة من الخارج من بلد إلى آخر تكون مفيدة ولكن يراعى البيئة والمجتمع المراد تنفيذ ذلك به وكذلك الصناعات لا يسمح بخروج أسرارها من الدول المتقدمة.
وإذا استعرضنا الهدف الثالث عشر نجد أن أمريكا لها نصيب الأسد في التلوث البيئي ويأتي بعدها الدول الأوروبية بسبب الصناعات الكثيفة والمتطورة في استخدام الطاقة بكميات كبيرة وانبعاث ثاني أكسيد الكربون والدخان وتقزم المساحات الخضراء مع عدم تقليل النسبة واتخاذ إجراءات حقيقية تكون توازن بهذا الهدف عن الدول الأقل استخداما وأقل تلوثا، كذلك التلوث فى المحيطات والأنهار، وأيضا فى حماية النظم الايكولوجية والحفاظ على النظام البيئي وإدارة الغابات والتنوع البيولوجى للحيوانات والكائنات الحية، أيضا فى الهدف الأخير الشراكة العالمية بعض الدول تجور على الآخر فيكون الميزان التجاري به اختلال للدول القوية، أيضا استغلال بعض الدول القوية اقتصاديا وعسكريا المواد الخام من الدول الفقيرة والنامية وشرائها بأثمان بخس ثم بيعها فى السوق العالمي بأسعار خيالية ولنأخذ مثال ذلك خامات القطن الزراعية ومعادن الذهب والعاج…الخ.
لذا أصبح من الضروري ومن وجهة نظري :
أن يتم إعادة النظر فى أهداف التنمية المستدامة ونشأة التوازن فى العلاقات والشركات بين الدول لتحقيق التنمية المستدامة.
وأيضا لابد من مراعاة خصوصية الدول في تحقيق هذه الأهداف والتباين بين الدول في الموارد والأهداف والأولويات.
مع النظر إلى المدد الزمنية للتنفيذ أنه في مقدرة بعض الدول على التنفيذ بصورة أسرع من الآخر. مع التركيز على الإرث الثقافي للدول والذي يؤثر بصورة ما على تنفيذ الاستدامة ومراعاة أيضا الطبيعة الجغرافية والتنوع البيولوجي وخطط الاستدامة في هذه الدول وأخيرا المساعدة المالية عن طريق الإقراض الدولي بفترات سماح طويلة للبلدان النامية لتحقيق خطط الاستدامة فى المجالات المختلفة.
بعد الإطلاع على المقال يمكنك متابعة مركز العرب على فسيبوك وتويتر وشاهد قناتنا على يوتيوب