محمد فتحي الشريف يكتب.. ليبيا إلى أين؟
الكاتب رئيس مركز العرب 2030 للدراسات والأبحاث.. خاص منصة العرب الرقمية
ليبيا إلى أين؟
منذ سقوط الدولة الليبية في عام (2011) في أيدي المتطرفين بمساهمة ومساعدة مباشرة من المجتمع الدولي، والأوضاع في البلاد تتحول يوما بعد يوما من سيئ إلى أسوأ، والأزمات تتوالى والصراع يستمر فأزمة تلد أخرى، وخلاف يولد خلافات، والشعب يدفع الفاتورة، هذا هو ملخص للمشهد السياسي في ليبيا من عقد من الزمان.
كانت الأمور تسير في اتجاه جيد بعد عام (2014)، عندما استطاع الشعب الليبي أن يذهب إلى صناديق الاقتراع لأول مرة ليقرر مصيره، ومع أن المشاركة في هذا الاستحقاق كانت ضئيلة نظرا للمشهد الأمني المتردي إلا أن الخطوة كانت جيدة.
وبعد أن أقصى الشعب الليبي في عام (2014) كل أصحاب الأيدولوجيات المتطرفة من جماعة الإخوان وأنصارها، إذ كانت النتائج معبرة عن كل الشعب الليبي، وتم اختيار (188) عضوا من التيار الوطني و(12) فقط من المتطرفين الذين قاطعوا مجلس النواب، أول شرعية شعبية حقيقية بعد عام (2011) في ليبيا.
هنا ظهرت الخطة المحكمة لجماعة الإخوان الإرهابية وأنصارها لإفساد المشهد من خلال أذنابها في الداخل والخارج بداية من التهديد الميليشياوي لمجلس النواب وعدم تمكنه من عقد الجلسات في طرابلس أو بنغازي لسيطرة المتطرفين على المجلس في تلك المناطق وقتها ثم عقدت الجلسات في طبرق.
هنا ظهر دور الإعلام الإخواني في تقسيم المشهد، إذ أطلق على مجلس النواب الليبي مجلس نواب طبرق، ثم بدأت الحرب الضروس على الشرعية الشعبية الوحيدة في ليبيا من خلال جماعة الإخوان، ومركز الحوار الإنساني وتركيا والمجتمع الدولي وحتى تكتمل الخطة كان لابد من صناعة شرعية جديدة تلك الشرعية تنال من مجلس النواب، فكان اتفاق الصخيرات، الذي نتج عنه مجلس الدولة الاستشاري.
وكان هذا المجلس هو العقبة السياسية البارزة في إنجاز أي تقدم سياسي أو توافق، واقتصر دور المجلس على الضغط والنيل من شرعية مجلس النواب استنادا إلى اتفاق الصخيرات، وتحقق للمجلس ما أراد حينما أفسد كل مساعي التوافق وحرض على كل المؤسسات وخاصة القوات المسلحة العربية الليبية.
ويحسب لمجلس النواب أنه استطاع أن يؤسس الجيش الليبي من خلال مساندة عملية الكرامة التي بدأت بعشرات الأفراد، ثم تحولت الى جيش جرار أعاد التوازن للقوى السياسية الوطنية وحطم آمال جماعة الإخوان الإرهابية في السيطرة على ليبيا التي كانت قاب قوسين أو أدني من السيطرة على مفاصل الدولة.
ثم جاء فايز السراج من رحم المؤامرة ليدشن لحقبة سوداء، مستغلا الشرعية الدولية الزائفة التي منحت له، واستطاع أن يدخل تركيا في المشهد الليبي بقوة وحضرت الأسلحة والمرتزقة التابعون لتركيا من كل صوب وحدب وتم تسمين الميليشيات وتقويتها في فترة الخمس سنوات التي جلس فيها فايز السراج في سدة الحكم بالتعاون مع المجتمع الدولي.
وما بين مؤتمرات في فرنسا وروسيا وإيطاليا وألمانيا وسويسرا ومصر وتونس والمغرب من (باريس وموسكو وباليرمو والقاهرة وقمرت إلى برلين وبوزنيقية وجنيف) تم تدويل القضية الليبية بين تلك العواصم، وفي النهاية يبقى الدور الإخواني من خلال مركز الحوار الإنساني الدور الأبرز في الإفساد.
وفي النهاية وصلت ليبيا إلى محطة جديدة من الفشل بعدما تدخلت الميليشيات ومجلس الدولة الإخواني وتركيا في صياغة مشهد جديد يعيد الأزمة إلى المربع الأول، وخاصة بعد أن فتح باب الترشح للانتخابات البرلمانية والرئاسية وتقدم المشير خليفة حفتر وسيف الإسلام معمر القذافي لتعود الجماعة الإرهابية إلى العرقلة الواضحة ونذهب إلى صياغة مرحلة انتقالية سادسة حضرت لها استيفاني ويليامز، ليعود المواطن ويتساءل من جديد.. ليبيا إلى أين؟
بعد اطلاعك على ليبيا إلى أين؟ يمكنك قراءة ايضا
د. دينا محسن تكتب.. الإعلام الأفغاني تحت نقاب «طالبان»
أحمد شيخو يكتب.. أزمة الأنظمة القومية
يمكنك متابعة منصة العرب 2030 على الفيس بوك