فلسطين في أسبوع.. مجازر الاحتلال مستمرة في غزة والغرب يهدد نتيناهو بالعقوبات إذا لم تتوقف الحرب

القدس- ثائر نوفل أبوعطيوي
لا يزال الاحتلال الإسرائيلي يمارس إجرامه في قطاع غزة منذ استئناف الحرب عقب إجهاض الهدنة التي أقرت في يناير الماضي، وعلى وقع المجازر المستمرة قال المكتب الإعلامي الحكومي بغزة إن الاحتلال يرتكب مجازر مروعة في مواقع مختلفة من القطاع بشكل متكرر، مع تمسكه برفض دخول المساعدات التي تكفي الأهالي، وهو ما يهدد بوقوع كارثة إنسانية في القطاع خلال الأيام القليلة المقبلة.
مطالب بدخول مساعدات كافية للقطاع
في هذه الأثناء، تواصلت ردود الفعل الدولية المنددة بالعدوان الإسرائيلي على غزة، ومنع دخول المساعدات الغذائية والإنسانية إلى القطاع المحاصر، مما فاقم أزمة الجوع التي تضرب أكثر من مليوني غزي.
شهد الموقف الغربي تحولًا نوعيًا تجاه العدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة، في ظل إعلان إسرائيل عن بدء عملية برية واسعة تشمل شمال وجنوب القطاع، وتعثر مفاوضات الهدنة، وتزايد الرفض الدولي لآلية تل أبيب في التعامل مع المساعدات الإنسانية.
في هذا السياق، أصدر زعماء فرنسا وكندا وبريطانيا بيانًا ثلاثيًا مشتركًا حذروا فيه إسرائيل من أنهم لن يقفوا مكتوفي الأيدي إزاء ما وصفوه بالتصعيد غير المقبول في العمليات العسكرية ضد المدنيين الفلسطينيين.
جاء البيان الأوروبي متزامنًا مع تلويح بعقوبات إذا لم تستجب إسرائيل لوقف العدوان والسماح بدخول المساعدات، حيث بادرت فرنسا بالتأكيد على اعترافها بدولة فلسطين، في حين استدعت بريطانيا السفير الإسرائيلي وعلّقت محادثات تجارية مع تل أبيب.
وفي خطوة دبلوماسية ذات دلالة كبيرة، قدّمت سفيرة فلسطين لدى الاتحاد الأوروبي أمل جادو، أوراق اعتمادها رسميًا إلى رئيس المجلس الأوروبي أنطونيو كوستا، ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، خلال مراسم رسمية في بروكسل، ما يُعد تقدمًا في ترسيخ العلاقات بين فلسطين والمؤسسات الأوروبية، ويشكل جزءًا من الحصار الدبلوماسي المتصاعد على حكومة بنيامين نتنياهو.
ترامب محبط من حرب غزة
وفي سياق متصل أكد مسؤولان في البيت الأبيض لموقع “أكسيوس” أن الرئيس دونالد ترامب يشعر بالإحباط من الحرب الدائرة في غزة. وعبر عن انزعاجه من صور معاناة الأطفال الفلسطينيين، وطلب من مساعديه إبلاغ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو رغبته في إنهاء الأمر.
ونقل الموقع عن مصدر مسؤول: “الرئيس (ترامب) محبط مما يحدث في غزة. يريد إنهاء الحرب، ويريد عودة الرهائن إلى ديارهم، ويريد دخول المساعدات، ويريد البدء في إعادة إعمار غزة”.على الجانب الآخر: صرّح مسؤول إسرائيلي لموقع أكسيوس أن نتنياهو لا يشعر حاليًا بضغط كبير من ترامب. قال المسؤول: “إذا أراد الرئيس اتفاقًا لإطلاق سراح الرهائن ووقف إطلاق النار في غزة، فعليه ممارسة ضغط أكبر بكثير على الجانبين”.
من جانببه، رفض نتنياهو الدعوة الأوروبية واتهم “القادة في لندن وأوتاوا وباريس” بـ”تقديم جائزة ضخمة للهجوم الإبادي على إسرائيل في 7 أكتوبر، بينما يدعون إلى المزيد من هذه الفظائع”.
يذكر أن أحد المجالات التي ضغط فيها ترامب على نتنياهو خلال الأسبوعين الماضيين هو تجميد إسرائيل التام لإيصال المساعدات الإنسانية إلى غزة.
أمام هذه التهديدات وافق مجلس الوزراء الإسرائيلي على استئناف إيصال المساعدات إلى غزة، ودخلت القطاع يوم الاثنين اثنتي عشرة شاحنة محملة بأغذية الأطفال وإمدادات أخرى. وقال مسؤول البيت الأبيض إنه لا بد من بذل المزيد من الجهود.
وحذرت الأمم المتحدة من أن آلاف الأطفال معرضون لخطر المجاعة إذا لم تزداد المساعدات بشكل كبير.
رئيس وزراء فرنسا: سنعترف مع بريطانيا وكندا بدولة فلسطين
وفي سياق متصل أكد رئيس الوزراء الفرنسي فرنسوا بايرو، اليوم الثلاثاء، أن التحرك للاعتراف بدولة فلسطينية، كما تنوي فرنسا والمملكة المتحدة وكندا فعله قريباً، “لن يتوقف”.
وقال بايرو، أمام مجلس النواب الفرنسي: “للمرة الأولى، قررت ثلاث دول كبرى.. بريطانيا وفرنسا وكندا، أنها ستعترض معاً على ما يحدث” في قطاع غزة و”أن تعترف معاً بدولة فلسطين”. وأضاف “هذا التحرك الذي انطلق، لن يتوقف”.
وجاء كلامه في معرض رده على ماتيلد بانو، زعيمة كتلة حزب “فرنسا الأبية”، التي سألته عما إذا كان ينوي “الاعتراف بدولة فلسطين بعدما لم يبق هناك من فلسطينيين”، بحسب تعبيرها للتنديد بممارسات إسرائيل بحقهم.
وكان وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو أكد، في وقت سابق من اليوم في حديث لإذاعة “فرانس إنتر”، أن باريس عازمة على الاعتراف بدولة فلسطين، مؤكداً أن ذلك “يصب في مصلحة الفلسطينيين والإسرائيليين على حد سواء”.
وأضاف: “لا يمكننا أن نترك لأطفال غزة إرثاً من العنف والكراهية. لذلك، يجب أن يتوقف كل هذا، ولهذا السبب نحن عازمون على الاعتراف بدولة فلسطين”.
وأضاف: “أنا أعمل على هذا بفاعلية لأننا نريد المساهمة في التوصل إلى حل سياسي يصب في مصلحة الفلسطينيين، ولكن أيضاً في صالح أمن إسرائيل”.
من المتوقع أن تعلن فرنسا اعترافها بدولة فلسطين خلال مؤتمر دولي لإحياء الحل السلمي للصراع الفلسطيني-الإسرائيلي على أساس حل الدولتين سيعقد في الفترة من 17 إلى 20 يونيو المقبل.
وأكد الوزير الفرنسي أن الوضع في غزة “لا يحتمل لأن العنف الأعمى ومنع الحكومة الإسرائيلية إدخال المساعدات الإنسانية حوَّل غزة إلى مكان يحتضر فيه الناس، حتى لا نقول إلى مقبرة.. هذا انتهاك بالمطلق لكل قواعد القانون الدولي.. وهذا يتعارض مع أمن إسرائيل الذي تحرص عليه فرنسا، لأن من يزرع العنف يحصد العنف”.
وكرر الوزير دعوة إسرائيل إلى السماح بدخول المساعدات الإنسانية “بكميات كبيرة” ومن “دون عوائق”.
من جانبه، قال فابيان روسل، رئيس الحزب الشيوعي الفرنسي، لإذاعة “فرانس إنتر”، إن الحزب “سيستقبل وفداً كبيراً من منظمة التحرير الفلسطينية في الرابع من يونيو لإطلاق حملة أوروبية للاعتراف بدولة فلسطين”.
تحذير أممي من تفاقم الوضع الإنساني
حذر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) من أن الوضع الإنساني في غزة هو “الأسوأ على الأرجح” منذ بدء العدوان الإسرائيلي على غزة، ومنع دخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع.
وحذر المكتب الأممي من أن الوضع الإنساني في غزة بلغ أسوأ حالاته منذ اندلاع الحرب قبل 18 شهرا، مشيرا إلى أن مرور نحو شهر ونصف الشهر دون السماح بدخول أي إمدادات عبر المعابر يمثل أطول فترة توقف للإمداد حتى الآن.
وفي الثاني من مارس الماضي، منع الاحتلال الإسرائيلي دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة، وأغلق جميع المعابر المؤدية إلى القطاع، حيث استأنف الإبادة ضد الشعب الفلسطيني في 18 من الشهر ذاته، بعد هدنة استمرت شهرين.
وقال وزير الخارجية الإسرائيلي غدعون ساعر إن المساعدات أصبحت “المصدر الرئيسي لإيرادات حماس في غزة”، على حد قوله.
من جانبه، أشار مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إلى أنه بسبب إغلاق المعابر، إلى جانب القيود المفروضة داخل غزة، فإن نقص الإمدادات أجبر السلطات على ترشيد وتقليص عمليات التسليم.
من جهتها، دعت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس، إسرائيل إلى السماح بإعادة دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة.
وأعربت كالاس عن قلق التكتل الأوروبي إزاء الأوضاع المتدهورة في الضفة الغربية، مناشدة إسرائيل وقف توسيع المستوطنات.
وأضافت أن الاتحاد الأوروبي متضامن مع الشعب الفلسطيني في ظل الخسائر البشرية والدمار واسع النطاق في غزة، منددة بالحصار الكامل المفروض على المساعدات الإنسانية.