صبرة القاسمي يكتب.. السودان والإرهاب
متلازمة الإرهاب والفوضى متلازمة طردية يؤدي أحدهما للآخر.. يسبب أدهما الآخر.. ويولد الثاني من أولها ويخرج أولهما من ثانيهما.
في المقابل.. فإن مصطلحا الإستقرار والإرهاب الذين لا يجتمعان ويوئد الثاني إن ظهر.. والأدلة على ذلك كثيرة.. في مصر سادت حالة من عدم الاستقرار قبل ثورة 30 يونيو المجيدة.. تسببت في موجة إرهابية وئدها الاستقرار الذي تسبب فيه الثورة وما نتج عنها.
وليس ببعيد في سوداننا الحبيب.. نزاع تسبب في فوضى وأدخل البلاد في نفق مظلم.. وفي مثل هذه الأنفاق المظلمة والفوضى الضاربة ينمو الإرهاب مستغلًا ذلك لصالحه داخليًا وخارجيًا.
الإخوان المسلمون، الفصيل المنزاح عن الحكم في السودان بعد ثلاثين عامًا.. والقاعدة ذات الإرث التاريخي في السودان التي اعتبرت السودان المهجر الأول لها بعد التضيق علي قياداتها في أفغانستان في تسعينات القرن الماضي.. وداعش الذي يحاول أن يجد في أي مكان موطأ قدم.
يحكم الثلاثة محاولة استغلال الفوضى.. وفقًا لاستراتيجيات، مثل استراتيجية القاعدة إدارة التوحش التي نظرها أبو بكر ناجي “محمد خليل الحكايمة” في كتابه الذي يحمل الاسم نفسه “إدارة التوحش”، تلك الاستراتيجية التي اعتمدها تنظيم داعش الإرهابي واستفاد منها سواء في العراق أو في سوريا أو في جيوبه في وسط وغرب أفريقيا وبعض شرقها.
وليست تلك الرؤية غائبة عن أعين التنظيم الدولي للإخوان الذي يرى في الفوضى الضاربة في السودان متنفس له كما كان في ليبيا، ومنطلق له لعودة سيطرة الإخوان على السودان واسترداد موقع قدم لها في دول أخرى.
يغذي الرؤي السابقة للقاعدة وداعش والإخوان، الإقتتال الدائر بين السودانيين أنفسهم، الذي يسمح لهم بذلك، الأمر الذي التفتت له القمة العربية، وفقًا لرؤية مصرية تسعى لإستقرار جميع الدول العربية، والحفاظ على وحدة أراضيها، الأمر الذي عبر عنه البيان الختامي للقمة العربية المنعقدة مؤخرًا في جدة بالمملكة العربية الشقيقة.
الإرهاب لن يعلم لصالح طرف متصارع ضد الآخر في الصراع الدائر في السودان، إنما الإرهاب وجماعاته تستخدم الطرفين لصالحهما دون أي اعتبارات، لذا فالخاسر الأكبر في السودان السودانيين أنفسهم وعلى رأسهم الطرفان المتصارعان.
وندعوهما إلى ما اتفقت عليه الدول العربية وفقًا للرؤية المصرية من ضرورة الحوار الداخلي الهادئ لحل الأزمة وإعلاء وحدة السودان ومصلحته فوق أي شيء أخر.