سباق استراتيجي في شمال أفريقيا.. توسعات في مشاريع البنية التحتية والنقل والدفاع

القاهرة: علي فوزي
تشهد منطقة شمال أفريقيا ديناميكية سياسية واستراتيجية لافتة، حيث تتجه دول المغرب العربي إلى تعزيز قدراتها في مجالات البنية التحتية والنقل والدفاع، في مشهد يعكس تطلعات تنموية متسارعة وتحسبًا لتحولات إقليمية ودولية. وتبرز ثلاث محطات رئيسية في كل من المغرب، الجزائر، وموريتانيا، تعكس هذا الحراك المتجدد.
المغرب: بنية جوية تنافسية استعدادًا لكأس العالم
أعلن وزير النقل المغربي، عبد الصمد قيوح، عن خطة وطنية طموحة تهدف إلى رفع الطاقة الاستيعابية للمطارات المغربية إلى 80 مليون مسافر سنويًا بحلول عام 2030. ويأتي ذلك في سياق استعدادات المملكة لاستضافة مباريات كأس العالم بالشراكة مع إسبانيا والبرتغال، وما يرافق ذلك من مشاريع تنموية ضخمة.
وتشمل الخطة إنشاء مطار جديد بمدينة الدار البيضاء باستثمارات تصل إلى 28 مليار درهم (نحو 2.8 مليار دولار)، على مساحة 800 هكتار، بطاقة استيعابية تبلغ 40 مليون مسافر سنويًا. وسيتم ربط المطار الجديد بشبكة القطار فائق السرعة مع مدينتي مراكش وطنجة، إلى جانب مضاعفة أسطول الطيران المغربي ليصل إلى 100 طائرة.
هذه الخطوات، وفق مراقبين، تضع المغرب في موقع تنافسي على مستوى النقل الجوي والسياحة، مع توقع استقبال 26 مليون سائح سنويًا بحلول 2030، ما يشكل قفزة نوعية في الاقتصاد السياحي والبنية التحتية.
الجزائر: قانون التعبئة العامة يفتح باب التساؤلات
في الجزائر، صادق مجلس الوزراء برئاسة الرئيس عبد المجيد تبون على مشروع قانون “التعبئة العامة”، ما أثار تساؤلات واسعة في الشارع السياسي والإعلامي بشأن توقيته ودلالاته، خصوصًا في ظل عدم إعلان أي تهديدات خارجية مباشرة.
ويستند المشروع إلى المادة 99 من الدستور، التي تمنح الرئيس صلاحية إعلان التعبئة بعد استشارة عدد من الهيئات السيادية، ويهدف إلى “تنظيم وتحضير وتنفيذ التعبئة العامة”، التي تُعرف بأنها تحويل شامل لمقدرات الدولة إلى حالة الحرب أو شبه الحرب.
ورغم التأكيدات الرسمية بعدم دخول الجزائر فعليًا في هذه الحالة، يرى محللون أن الخطوة قد تكون مرتبطة بالتحولات الأمنية في منطقة الساحل وتنامي التهديدات غير التقليدية، ما يعكس توجهًا استباقيًا من السلطات لتعزيز الجاهزية الوطنية.
موريتانيا وروسيا: تعاون دفاعي في تصاعد
أما في نواكشوط، فقد شهدت الساحة الدبلوماسية لقاءً لافتًا بين وزير الدفاع الموريتاني، الفريق حننه ولد سيدي، والسفير الروسي بوريس زيلكو، حيث بحث الطرفان آفاق تعزيز التعاون العسكري والدفاعي بين البلدين.
ووفق الوكالة الموريتانية للأنباء، تناول اللقاء سبل تطوير الشراكة في مجالات الدفاع، إلى جانب دعم شؤون المتقاعدين وأسر الشهداء، وهو ما يندرج ضمن استراتيجية موريتانيا لتوسيع شراكاتها الدولية وتعزيز قدراتها الدفاعية في ظل بيئة إقليمية معقدة.
تعكس هذه التحركات في المغرب، الجزائر، وموريتانيا واقعًا إقليميًا يتسم بالتحول السريع، حيث تتقاطع الأهداف التنموية مع الاعتبارات الأمنية والاستراتيجية.
وبين مشاريع الطيران العملاقة في الدار البيضاء، والإجراءات التنظيمية ذات الطابع الدفاعي في الجزائر، والتعاون العسكري المتنامي مع روسيا في نواكشوط، يتشكل مشهد مغاربي جديد يوازن بين الانفتاح التنموي والتحصين الاستراتيجي.