رامي زهدي-مركز العرب
أيادٍ تبني وأخرى تحمل السلاح، عقول تفكر وأفئدة تخلص العمل، وقلوب تعشق تراب الأوطان، وقامات وهامات لا تنحني إلا لله. هكذا تُبنى الأوطان.
إن بناء الأوطان يحتاج إلى منظومة متكاملة تجمع بين المؤسسات الحكومية، والجماهير الشعبية، والمجتمع المدني، والقطاع الاقتصادي. ومن بين المؤسسات التي تلعب دورًا محوريًا في تعزيز استقرار الدول وحمايتها والمساهمة في تنميتها هي الجيوش الوطنية، التي تمثل خط الدفاع الأول عن سيادة الدول وهويتها، وتتحول إلى شريك أساسي في التنمية.
في نموذج الدول الوطنية، تمثل الجيوش الوطنية الركيزة الأولى لحماية سيادة الدول والحفاظ على استقرارها. فهي ليست مجرد قوى دفاعية تحمل السلاح، بل هي مؤسسات متكاملة تحمل على عاتقها مسؤوليات متعددة تتجاوز الأدوار العسكرية التقليدية.
الجيوش في إفريقيا، كغيرها حول العالم، تواجه تحديات معقدة مرتبطة بالاستقرار الأمني، والنزاعات، والتهديدات الإرهابية، وحتي الكوارث الطبيعية، ومع ذلك، فإن دورها لا يقتصر على مواجهة التحديات الأمنية وحماية الحدود؛ فهي شريك رئيسي في عمليات البناء والتنمية داخل المجتمعات الإفريقية.
“حماية الأوطان وتأمين الحدود”
تتجلى المهمة الأولى للجيوش الوطنية في حماية حدود الدول وضمان استقرارها الداخلي والخارجي. في القارة الإفريقية، حيث تشهد بعض الدول نزاعات مسلحة وتحديات أمنية عابرة للحدود، تصبح الجيوش الوطنية حجر الأساس في الحفاظ على كيان الدولة.
من أمثلة ذلك الدور، مواجهة الإرهاب والتطرف، حيث لعبت الجيوش الإفريقية دورًا بارزًا في مواجهة الجماعات الإرهابية مثل “بوكو حرام” في غرب إفريقيا و”الشباب” في القرن الإفريقي، وكذلك حل النزاعات الداخلية، فقد ساهمت الجيوش الوطنية في العديد من الدول الإفريقية في استعادة الأمن وإعادة بناء المجتمعات بعد الحروب الأهلية والصراعات العرقية.
“المساهمة في التنمية وبناء الدولة”
لا يقتصر دور الجيوش الوطنية في إفريقيا على المهام العسكرية فقط، بل تتجاوز ذلك لتصبح مؤسسات متكاملة تسهم بشكل فعّال في خطط التنمية الوطنية.
“دور الجيوش في المشروعات القومية”
في كثير من الدول الإفريقية، تضطلع الجيوش بأدوار محورية في تنفيذ المشروعات القومية الكبرى. فعلى سبيل المثال، في مصر، يبرز دور القوات المسلحة المصرية كنموذج رائد في المساهمة في التنمية، حيث شاركت في بناء مشروعات البنية التحتية مثل الطرق، والجسور، ومحطات المياه والطاقة، بالإضافة إلى مشروعات الإسكان الاجتماعي.
“الجيش المصري: أقدم جيش نظامي في التاريخ”
عندما نتحدث عن الجيوش الوطنية في إفريقيا او في العالم وعبر التاريخ، فإن الحديث لا يكتمل دون الوقوف أمام الجيش المصري العظيم، أقدم جيش نظامي في العالم، حيث يعود تأسيس الجيش المصري إلى آلاف السنين، مع بداية الحضارة المصرية القديمة التي أدركت أهمية وجود جيش قوي لحماية حدودها وتأمين مصالحها، واستخدمت الدولة المصرية أحدث أنظمة البناء والتدريب والحصر والتعداد في بناء جيشها دائما وعبر كل العصور، كانت دائما مصر تمتلك الأحدث والأجود والأكثر تأثيرا بين جيوش العالم مع اختلاف الأزمان والظروف.
“الجيش المصري عبر التاريخ”
في العصر الفرعوني، كان الجيش المصري قوة لا تُقهر، تجسد ذلك في معارك تاريخية مثل معركة مجيدو بقيادة تحتمس الثالث، والتي تعتبر أول معركة موثقة في التاريخ، ومعركة قادش بقيادة رمسيس الثاني التي وضعت أسس أول معاهدة سلام مسجلة.
في العصر الحديث، استعاد الجيش المصري مكانته القوية كحامٍ للدولة المصرية ومؤسس لنظمها التنموية. منذ عصر محمد علي باشا وحتى اليوم، ظل الجيش المصري رمزًا للقوة والالتزام بخدمة الوطن.
“الجيش المصري ودوره التنموي”
الجيش المصري ليس فقط قوة عسكرية، بل هو مؤسسة شاملة تسهم في تطوير البنية التحتية للدولة ودعم الاقتصاد الوطني، فبفضل قدراته التنظيمية ومعداته الحديثة، شارك الجيش في تنفيذ مشروعات قومية ضخمة أحدثت نقلة نوعية في حياة المصريين، وماكانت تنفذ ابدا هذه المشروعات بهذه التكلفة المقتصدة ولا المدد الزمنية المنضبطة من دون اشراف المؤسسة العسكرية رغم ان معظم الأعمال تمت بأيادي القطاع الخاص المصري وقطاع الأعمال لكن بإشراف المؤسسة العسكرية التي كانت ومازالت تدرك ان دورها في حماية الأمن القومي المصري داخليا وخارجيا كيان ممتد متكامل لايمكن تجزآته او إنتقاصه وانه دور اعمق واكثر تأثيرا في ظل ظروف اصعب.
“مشروعات البنية التحتية: إنشاء شبكة الطرق القومية، تطوير المطارات، بناء الجسور والأنفاق.”
قطاع الإسكان: بناء ملايين الوحدات السكنية ضمن مشاريع الإسكان الاجتماعي لتوفير سكن ملائم للمواطنين.
الطاقة والمياه: إنشاء محطات توليد الطاقة وتحلية المياه، لتأمين مصادر مستدامة للكهرباء والمياه.
الأمن الغذائي: إدارة مشروعات زراعية وصناعية كبرى لتحقيق الاكتفاء الذاتي وتوفير الغذاء بأسعار مناسبة.
“دور الجيش المصري في الحروب” والصراعات الإقليمية
منذ معركة العبور في حرب أكتوبر 1973 وحتى اليوم، كان الجيش المصري دائمًا في الصفوف الأمامية للدفاع عن الأمة العربية، سواء بحماية الأمن القومي المصري أو دعم الشعوب الشقيقة.
الجيوش الوطنية: حصن الأوطان وسند الشعوب في إفريقيا
في نموذج الدول الوطنية، تمثل الجيوش الوطنية الركيزة الأولى لحماية سيادة الدول والحفاظ على استقرارها. وفي إفريقيا، تواجه الجيوش تحديات معقدة تشمل النزاعات المسلحة والإرهاب والتطرف. ومع ذلك، فإن دورها لا يقتصر على المهام الأمنية، بل يمتد ليشمل دعم التنمية وبناء الدولة.
مواجهة الإرهاب وتأمين الحدود
في إفريقيا، لعبت الجيوش الوطنية دورًا رئيسيًا في مواجهة الجماعات الإرهابية مثل “بوكو حرام” و”الشباب”.
قامت بعض الجيوش بدور الوسيط لحل النزاعات الأهلية، مثل الجيش الرواندي في استعادة الاستقرار بعد الإبادة الجماعية في التسعينيات.
المشاركة في التنمية
علي سبيل المثال المغرب: القوات المسلحة الملكية المغربية ساهمت في تطوير البنية التحتية بالمناطق الريفية وتحسين الزراعة وتحلية المياه، بينما في جنوب إفريقيا: قوات الدفاع الوطني الجنوب إفريقية أسهمت في إعادة الإعمار بعد الكوارث الطبيعية وتعزيز الأمن الصحي.
“الجيش كمؤسسة متكاملة في إفريقيا”
تحولت بعض الجيوش الإفريقية إلى مؤسسات متكاملة تسهم في بناء الأوطان.
في مصر، يمثل الجيش نموذجًا فريدًا في هذا السياق، حيث يدير مشروعات اقتصادية ضخمة توفر ملايين الوظائف وتساهم في تحقيق الأمن الاقتصادي.
في المغرب وجنوب إفريقيا، تبرز أدوار الجيوش في مجالات التنمية الاجتماعية والاقتصادية.
“تحديات تواجه الجيوش الإفريقية”
رغم الإنجازات، تواجه الجيوش الوطنية في إفريقيا تحديات مثل:
نقص الموارد والتمويل.
الصراعات السياسية وتأثيرها على استقلالية الجيوش.
ضعف البنية التحتية في بعض الدول.
“توصيات لتعزيز دور الجيوش الوطنية”
تحديث القدرات العسكرية: الاستثمار في التكنولوجيا الحديثة والتدريب العسكري.
تعزيز الشراكة مع المجتمع المدني: لتحقيق التكامل في مشروعات التنمية.
فصل الأدوار السياسية عن العسكرية: لضمان استقرار الدولة وديمقراطيتها.
أخيرا، الجيوش الوطنية في إفريقيا، وعلى رأسها الجيش المصري، هي نموذج للتضحية والبناء. فالجيش المصري كان وسيظل رمزًا لعظمة الدولة المصرية، ومصدر إلهام للشعوب الإفريقية، بفضل تاريخه العريق وأدواره الممتدة في حماية الوطن ودعم التنمية.
إنها أيادٍ تبني وأخرى تحمل السلاح، لكنها تعمل دائمًا لهدف واحد: خدمة الوطن والمواطن.