دراساتسياسية

دانيال ينخر الشرق الليبي وانتظار إعادة الإعمار

قال الباحث السياسي أحمد عرابي إنه في ساعات الصباح الأولى من الحادي عشر من سبتمبر 2023 ، استيقظ أهالي مدينة درنة الياسمين على صوت إنفجار سدين يحميان المدينة من تدفق مياه الأمطار لسنوات طويلة مضت، تبعه فيضان مياه ضخم وسيول جرفت البشر والمباني والمنازل بأكملها والسيارات وألقت بها في عمق البحر المتوسط .

حيث أدت السيول الناجمة عن الإعصار دانيال إلى انهيار سدود وجرف مبان وتدمير ربع مدينة درنة الواقعة في شرق البلاد، وسط مخاوف من فقد قرابة ما لا يقل عن عشرة آلاف شخص، وارتفاع عدد ضحايا الفيضانات إلى 3802 حالة وفاة حتى اليوم الجمعة بحسب ما أعلن عنه الناطق باسم اللجنة العليا للطوارئ والاستجابة السريعة التابعة للحكومة المكلفة من مجلس النواب محمد الجارح.
وأوضح عرابي إن فرق الإغاثة في ليبيا أعدت مقابر جماعية لدفن المئات من الجثث التي انتُشلت جراء الفيضانات العارمة التي دمرت مناطق في مدينة درنة الساحلية الواقعة شرقي البلاد، وأجبرت الفيضانات التي ضربت شرقي ليبيا في أعقاب العاصفة دانيال الكثيرين على النزول إلى الشارع، والمشاركة في عمليات الإغاثة والدفن وإنقاذ كل من يمكن إنقاذه .
حيث تمت عمليات الدفن بمقبرة مرتوبة الواقعة شرقي مدينة درنة في ظل تزايد أعداد الضحايا التي يتم انتشالها، إلا أنه جارٍ دفن الجثث المجهولة في مقبرة منفصلة مع وضع أكواد لتسهيل سحب عينات والتعرف على ذويها فيما بعد ، يأتي هذا فيما دعت منظمة الصحة العالمية ومنظمات الإغاثة في ليبيا إلى التوقف عن دفن ضحايا الفيضانات، في مقابر جماعية.
عرابي أوضح إن إنهيار السدود في مدينة درنة ناتج عن كميات الأمطار الهائلة التي تهاطلت على المدينة، وهذه الكميات فاقت كل التوقعات المرصودة من قبل إضافة إلى عدم القيام بأعمال الصيانة لهذه السدود القديمة ووقعت ضحية الإهمال منذ سنوات ، فامتلأ الوادي بمياه الأمطار التي سببها إعصار دانيال وارتفع مستواها بشكل غير مسبوق لتشكل طوفاناً وجرياناً وضغطاً هائلا على أهم سدين يحجزان المياه في الوادي فانهارا بالكامل، ما أدى إلى ارتفاع أعداد الضحايا والخسائر البشرية المادية، أن وادي درنة هو مصب لكل السيول القادمة من جنوب درنة من مناطق المخيلي والقيقب والظهر الحمر والقبة والعزيات، السدان المنهاران هما سد البلاد وسيدي بومنصور اللذان يحبسان في العادة مياه السيول في الوادي.
الباحث السياسي اسرد إنه في عام 1941، حدث فيضان كبير في وادي درنة وضرب المدينة وجرف من قوته دبابات وآليات حربية ألمانية إلى البحر في أثناء الحرب العالمية الثانية، لذلك لم يتحدث أحد عن الأضرار البشرية التي وقعت آنذاك مع الجزم أنها كانت كبيرة ، وفي عام 1959 فيضانا كبيراً آخر حدث بسبب ارتفاع مستوى المياه في الوادي وأوقع قتلى ومصابين بالمئات ودمر العديد من المنازل، ومن شدة قوته حركت المياه المندفعة الصخرة الكبيرة في درنة، المعروفة بصنب الزيت، إلى مسافة كبيرة من منطقة عين البلاد حتى منطقة وسط المدينة، وكانت هناك فيضانات أخرى بسبب وادي درنة عامي 1968-1969 لكنها لم تسجل أضرارا كبيرة وقتها في ذلك الوقت.
الأوضاع في درنة تعتبر كارثية وغير مسبوقة، فهناك أحياء سكنية اختفت بالكامل بعد أن جرفتها السيول وطوفان الوادي إلى البحر المتوسط مع الآلاف من سكانها يعتبروا في عداد المفقودين شيئًا فشيئًا، تتكشّف أكثر وأكثر الأضرار الهائلة التي خلّفها الإعصار دانيال على المواطنين في المنطقة الشرقية من البلاد، والعاجزين عن استيعاب هول الكارثة حتى الآن، مع الفاتورة البشرية التي تثقل الكاهل، وارتفاع عدّاد الضحايا إلى أرقام لا تُصدَّق حتى الان وهناك الكثير من الفقودين أيضاُ، ولكنّ الخسائر البشرية ليست كلّ ما خلّفته فيضانات ليبيا، إذ هناك تداعيات كبيرة للكارثة، حتى إنّ ربع مدينة درنة قد اختفى بالكامل، وكأنّها لم تكن موجودة ذات يوم بكلّ بساطة.
عرابي قال إنه بالإضافة إلى مدينة درنة المنكوبة تشير التقارير الأولية أن هناك عشرات القرى والبلدات قد تضررت بشدة مع فيضانات واسعة النطاق، وأضرار في البنية التحتية، وخسائر في الأرواح والأراضي الزرعية التي جرفتها غزارة الامطار والسيول التي لم تبقة على الثروة الحيوانية والزراعية في المنطقة التي ضربها إعصار دانيال، فلا تزال إلى هذه اللحظة فرق الإنقاذ تعمل على انتشال الجثث والبحث عن المفقودين مع نزوح نحو 38640 شخصاً من المنطقة التي ضربتها الفيضانات من درنة، سوسة، المرج، وحتى طبرق، ودخلت عمليات الإغاثة والمساعدات وانتشال الجثث أسبوعها الثاني في مدينة درنة جراء إعصار دانيال الذي ضرب شرق ليبيا منذ أكثر من أسبوع، وسبب خسائر كارثية هناك.
الباحث السياسي أوضح إن الحكومة الليبية المكلفة من البرلمان، أعلنت اليوم، أنها ستنظم في العاشر من شهر أكتوبر المقبل مؤتمراً دولياً في مدينة درنة التي دمرتها فيضانات اعصار دانيال بهدف إعادة إعمارها من جديد.وأن فكرة إعادة البناء والإعمار سيكون لها أثر إيجابي كبير على نفوس المتضررين في فيضانات الشرق الليبي، خصوصا في المواقف الإنسانية الملحوظة هناك.

بعد الإطلاع على المقال يمكنك متابعة مركز العرب على فسيبوك  وتويتر وشاهد قناتنا على يوتيوب

اظهر المزيد

موضوعات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى