تقدير موقف

هل استطاعت إسرائيل تفكيك سلسلة القيادة العسكرية لحزب الله ؟

في ظل حالة السجال المتبادل بين حزب الله وإسرائيل علي الجبهة الجنوبية في لبنان وبعد سلسة الاغتيالات السياسية الاسرائيلية ضد المقاومة

زعمت إسرائيل “تفكيك سلسلة القيادة العسكرية لحزب الله بشكل شبه كامل بعد القضاء على 12 عنصراً بارزاً بمن فيهم القيادي العسكري إبراهيم عقيل” ونشرت وزارة الدفاع الإسرائيلية على صفحتها في موقع “X” ما قالت إنه الهيكل العسكري لحزب الله و استعرض الجيش الإسرائيلي سلسلة القيادات العسكرية لحزب الله وعلى رأسها أمين عام الحزب حسن نصرالله موضحا أنه قضى على 6 منهم من أصل 9 فيما أكد أنه قضى على هرم قيادة “قوة الرضوان”.

ففي ظل الغطاء الامريكي لهذه الاغتيالات السياسية التي انتهجتها إسرائيل بعد هجمات السابع من اكتوبر استطاعت إسرائيل تصفية العديد من قادة حزب الله بداية من  وسام الطويل إلى فؤاد شكر و اخيرا إبراهيم عقيل اغتيال  إسرائيل عددا مؤثرا من كبار قادة ميلشيا حزب الله اللبناني يطرح العديد من التساؤلات بشأن وجود اختراقات أمنية كبرى داخل صفوف الحزب وما حدث في تفجيرات ” البيجر” علامة سوداء في ثوب حزب الله .

تلك الهجمة الإسرائيلية التي استطاعت من خلالها اغتيال ابراهيم عقيل قد قضت على كل قيادات “قوة الرضوان” النخبوية في حزب الله والذين قدر عددهم بعشرين شخصا كان يحضرون اجتماعا أمنيا هاما وهذا ما يشير إلى وجود عناصر من الدائرة الأمنية والعملياتية في حزب الله يعملون كمصادر استخبارية عالية القيمة لدى مراكز الاستخبارات الإسرائيلية وينسحب هذا ايضا علي نجاح إسرائيل في العديد من عمليات الاستهداف والقتل في ايران تشير إلى وجود اختراق واسع النطاق داخل الحرس الثوري الإيراني الداعم الرئيسي لحزب الله وداخل تلك الجماعة اللبنانية على المستويات البشرية والإلكترونية والسيبرانية

 

اعتراف نصر الله باختراق حزب الله أمنيًا 

 

قد تكون إسرائيل لديها أجهزة استخبارات قوية وتعاون دولي ناهيك عن أن خبرة جهاز الاستخبارات الخارجية (الموساد) معروفة على مستوى العالم رغم وجود العديد الإخفاقات الا ان  حزب الله لديه أعداء كثر في الداخل اللبناني وبالتالي فإن لدى جهاز الموساد مئات من  العملاء والجواسيس الذين يمدون إسرائيل بالكثير من المعلومات الاستخباراتية الهامة ساهم في نجاح هذه الاغتيالات تواجد حزب الله في مناطق صغيرة ومعروفة في جنوب لبنان والضاحية الجنوبية لبيروت مما يسهل من عمليات رصدهم والقضاء عليهم

وهو ما اكد عليه السيد  “حسن نصر الله “  و اعترف بذلك عندما قال في خطابه الأخير إنهم سوف يحتفظون بطريقة الرد وسيناريو الرد (لأنفسنا) قبل أن يعقب بجملة (وبعض من أنفسنا) أي أنه بات يشك بالدائرة المحيطة به وتابع: “الاستهدافات التي قضت على قادة كبار في الحرس الثوري الإيراني في سوريا ومقتل عدد من قادة حزب الله المهمين تمت بناء على معلومات من المفترض ألا يعرفها سوى عدد محدود جدا من المسؤولين الأمنيين في دمشق وطهران وحزب الله وهو ما طال  نحو 64 قائدا من النسق الأول والنسق الثاني والثالث قد لقوا حتفهم في تلك الضربات الدقيقة التي وجهتها إسرائيل اتساقا مع ذلك امتلاك تقنيات تجسس فائقة الدقة والذكاء لتكون كافية لتنفيذ تلك الضربات بدقة متناهية فمقتل القيادي العسكري الكبير لحماس صالح العاروري في بيروت تم بعد انتهاء اجتماع له مع قيادات كبيرة بحزب الله وهذا ما اكدته إسرائيل  وقتها بأنها انتظرت عشر دقائق قبل قتل العاروري حتى تأكدت من خروج قيادات حزب الله من المكان الذي كان يتواجد فيه بمعنى أنه جراء دقة المعلومات التي لديها لم تكن تريد سوى أن تقتل ذلك القيادي في حماس دون غيره

فالقضاء على تلك القيادات سوف يؤثر كثيرا على قدرات حزب الله العسكرية واللوجستية فبعض هؤلاء الأشخاص من مؤسسي الحزب ولديهم خبرات كبيرة تراكمت على مدى عقود طويلة وليس من السهل تعويضها

ان الغارات المكثفة على جنوب لبنان في الآونة الأخيرة توحي بأن إسرائيل تستعد لـ”القيام باجتياح بري في الأيام القليلة القادمة على الأقل حتى الوصول إلى شمالي نهر الليطاني لخلق ما يشبه منطقة عازلة

 

قدرات حزب الله العسكرية 

 

ولكن علي الرغم من ذلك فإن جهوزية قوة الرضوان في حزب الله  بعد عدة أشهر من القتال لم تتضرر القدرة العملياتية لهذه القوة بشكل مهم بحيث أنها ما زالت قادرة على تنفيذ اجتياح في “إسرائيل”

ويرجع السبب في ذلك هو أن حزب الله يمتلك جيشاً بكل ما للكلمة من معنى وبناء عليه يستطيع حزب الله التعامل مع مقتل العديد من مقاتليه

ان المشكلة الرئيسة هي مشروع الدقة لحزب الله فهذا لا يتوقف عند الصواريخ التي يبلغ مداها 350 كيلومتراً وشعاع إصابة يصل إلى 10 أمتار بحيث يمكن لمثل هذا الصاروخ أن يصيب سيارة في تل أبيب إذا تم إطلاقه من منطقة البقاع في لبنان لذلك ما يثير القلق هو مسألة إدخال الدقة في الترسانة قصيرة المدى – التي تشكل 65000 صاروخاً وقذيفة صاروخية فبدلاً من مئات الصواريخ والقذائف الصاروخية الدقيقة والذخائر الدقيقة لدى حزب الله الآلاف نقدر أن لديه عدّة آلاف دقيقة من بين 250 ألف ذخيرة كما أن لبنان لديه أنفاق تحت الأرض لإطلاق صواريخ بعيدة المدى تصيب العمق الاسرائيلي .

اهم ما يميز الجناحين المدني والعسكري في حزب الله انهما  لا يعيشان بشكل منفصل فحزب الله أوجد “مجتمع مقاومة” بحيث أن الأجهزة المدنية لحزب الله تشكل خطرا مهما على “إسرائيل”

وهذا ما أشارت إليه صحيفة “إسرائيل هيوم” إلى أن التقديرات في “إسرائيل” تقول إن حزب الله جاهز للحرب وهو “معني بها في أي سيناريو وأضافت الصحيفة أن السيد نصر الله، قد يزيد من عمليات الإطلاق نحو الشمال التي ارتفعت معدلاتها في الأشهر الأخيرة (لا سيما عبر المُسيرات)

يوجد نجاحات لحزب الله في الآونة الأخيرة في إدخال مسيرات إلى “إسرائيل” من النوع الذي يصور ويجمع المعلومات و”هو موضوع حتى الآن لا يوجد له الرد الأمني المناسب من قبل إسرائيل  ففي “إسرائيل” يعرفون أنه “يوجد العديد من الطائرات غير المأهولة التي تخترق المجال الجوي الإسرائيلي وتصور وتجمع معلومات من دون عائق من قبل المؤسسة الأمنية كما حدث في ” عملية الهدهد”

كما يستمر هذا في رد أولي على المجزرة الإلكترونية ” البيجر ” فقد قام حزب الله باستهداف  مجمعات الصناعات العسكرية لـ”رافاييل” شمال حيفا كرد أولي على ‏المجزرة التي ارتكبها الاحتلال في مختلف المناطق اللبنانية عند استهدافه أجهزة “البيجر” والأجهزة اللاسلكية كما استهدف قاعدة ومطار “رامات دافيد” للمرة الثانية وهي عمليات نوعية داخل إسرائيل .

قد يكون حزب الله قادر على المدى البعيد أن يعوض تلك القيادات لأنه يتملك تراتبية عسكرية و عليه فإن هناك الكثير من عناصره يتلقون تدريبات على مستوى عال يوفرها لهم الحرس الثوري الإيراني بشكل دائم ولهذا  يمكن أن نشهد لاحقا ظهور قيادات جديدة ولكن ليس في القريب العاجل

بعد الإطلاع على المقال يمكنك متابعة مركز العرب على فسيبوك  وتويتر وشاهد قناتنا على يوتيوب

اظهر المزيد

موضوعات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى