رامي زُهدي يكتب.. «رسالة من مواطن إلى القادة العرب في القمة العربية الـ34 ببغداد»

يا أصحاب السمو والفخامة والجلالة…
يا من اجتمعتم في بغداد التاريخ والعزة، بغداد الحضارة والمجد…
يا قادة العرب، يا أمل الأمة إن صدق الأمل، وسندها إن جفّ الزمان…
بعد سبعةٍ وستينَ اجتماعًا وقمّةً ومؤتمرًا عربيًّا على امتداد ثمانين عامًا…
منها أربعٌ وثلاثون قمةً اعتيادية، وسبع عشرة طارئة، وخمسٌ تنموية اقتصادية، وإحدى عشرة إقليمية…
34 قمة عادية (بما فيها قمة بغداد).
17 قمة طارئة (أولها في أنشاص المصرية عام 1946، وآخرها في القاهرة مارس 2025).
5 قمم اقتصادية تنموية.
11 قمة إقليمية (4 عربية أفريقية- قمة عربية-أوروبية- 4 عربية لاتينية- قمة عربية صينية- قمة عربية إسلامية أمريكية).
القمة العربية العادية التالية هي الـ34
سبعةٌ وستون قمة…67 كرقم…
أما يذكّركم ذلك بالتاريخ الجارح، والجرح النازف منذ نكسة عام 1967؟
أما زال الرقم يؤلم، أم صار رقمًا بلا شعور، وتاريخًا بلا ضمير؟
أليس أوان التغيير قد حان؟
- اقرأ أيضا: رامي زهدي يكتب.. «من يسبق الصين في إفريقيا؟»
أيها القادة…
أنا ابن هذه الأرض… وليد ترابها، ورضيع مجدها، وشهيد حلمها المؤجل…
أنا لا أنطق باسم حزب، ولا أعبّر عن تيار… بل أتكلم بلسان قلب أمة، ونبض شعب، وصرخة ضمير حيّ لا يخاف في الحق لومة لائم.
من قلب القاهرة، من مهد الحرف ونبض الوجدان… أكتب إليكم لا عتابًا، بل رجاءً…
لا بكاءً على الأطلال، بل دعوةً لإحياء الآمال…
أكتب لا لأدين، بل لأستنهض… لا لأتهم، بل لأُذكّر.
أيها القادة…
أما سمعتم أنين الأمهات في فلسطين؟
أما رأيتم دموع الأطفال في السودان؟
أما وصلت إليكم صرخات الشتات من مخيمات الغربة، وجراح النزوح، وغصة اللجوء؟
أفيقوا…
لقد طال السُّبات، واشتدّ العمى، وتاهت القمم حتى ضاعت القمّة…
وتزاحمت التصريحات حتى فقدت الكلمات معناها، وصار الحرف بلا حرارة، والموقف بلا معني.
أما آن لفلسطين أن تعود قضية لا مناسبة؟
أما آن للقدس أن تُرفع فوق طاولة السياسات لا تُطوى بين سطور البيانات؟
نحن لا نطلب معجزةً… بل موقفًا صادقًا.
لا ننتظر منكم وعودًا تتبخّر، بل قرارات تتجسّد…
نطلب موقفًا يجمع لا يُفرّق، يُحيي لا يُميت، يُشرف لا يُخزي.
اجتمعوا على قلب رجلٍ واحد، لا على صور العدسات، ولا على حسابات التوازنات.
اجعلوا من بغداد اليوم منبرًا لا مقبرة، مشعلًا لا مرآةً للفرقة.
اجعلوها صرخة ضمير، وبداية مصير، وعنوان نهضة لا مرثية أمة.
يا أصحاب القرار…
لا تكونوا صدىً لمَن لا يشعر، بل كونوا صوتًا لمَن لا يُسمَع…
لا تكونوا عنوانًا لخذلان، بل فاتحةً لعهد الأمان.
أعيدوا للأقصى هيبته، ولغزة أنفاسها، ولسوريا قرارها، ولليمن سلمها، وللسودان وحدتها، ولبنان كرامته، وليبيا استقرارها…
كونوا كما أرادكم الله أمناء على هذه الأمة… لا أوصياء على جراحها.
ارفعوا سقف الأمل لا جدران الحدود، وتحدثوا بلغة الأمة لا لهجات المصالح، ولا بأصوات الشركات العابرة للضمير.
واعلموا… أن الشعوب ملت الانتظار
وأن التاريخ لا يرحم من خذل الأمل، ولا يغفر لمن صمت حين وجب النطق.
يا قادة العرب…
افعلوا شيئًا يُشرّفنا أمام أطفالنا، ويُفرح قلوب أمهاتنا، ويُرعب أعداءنا، ويعيد لنا كرامةً تيتمت منذ عقود.
لا نطلب صفقة… بل شرفًا.
لا نطلب مالًا… بل مبدأ.
لا نطلب وعدًا… بل عهداً يُكتب بماء العزة لا بحبر الخيبة.
من قلب القاهرة إلى قلب بغداد، ومن ضمير كل عربي إلى كل عاصمة عربية…
أليس من المؤلم أن تُهدر أموال العرب في خزائن الغرب، وتُستثمر في دول لا تعترف بوجودنا، ولا بحقوقنا؟
أليس من العار أن تُشيد الأبراج هناك، بينما تُهدم البيوت هنا، وتُجاع الأطفال في غزة، ويُذلّ الناس في صنعاء، ويُشرّد الأبرياء في دارفور؟
أين تذهب الثروات يا سادة؟
أما آن أن تعود لخدمة العروبة؟ لبناء نهضة؟ لحماية السيادة؟
الثروات ليست خطيئة… لكن حين تُستخدم ضد الأمة، تصير خيانة…
وحين تُودَع في بنوك العدو، تصير سكينًا في خاصرة كل قضية عادلة.
يا قادة العرب…
أقولها بصدقٍ وألمٍ وأمل:
نحن تعبنا من الموت الموسمي المتكرر، من الخذلان المزمن، من الانتظار المسموم، ومن دفن الكرامة بأيدينا وتوقيع صكوك النسيان على وجوه أحلامنا.
كونوا كما يجب أن تكونوا…
كونوا كما أراد الله لهذه الأمة أن تكون: “خير أمة أُخرجت للناس”.
رامي زُهدي
مواطن مصري
17 مايو 2025
من قلب القاهرة إلى قلب بغداد، وإلى قلب كل عربي ما زال يؤمن أن في هذه الأمة نبضًا يستحق الحياة.
بعد الإطلاع على المقال يمكنك متابعة مركز العرب على فسيبوك وتويتر وشاهد قناتنا على يوتيوب