د. محمد جبريل العرفي يكتب.. ليبيا ونهاية فزاعة المجتمع الدولي
زوال ترتيبات الحرب الأوروبية الثانية غير واقع الأقطاب، فسقوط جدار برلين وتوحيد ألمانيا، وشل الأمم المتحدة، وترنح الكيان الصهيوني، وحل وارسو، وانتقاد الناتو، وإلغاء المادة 9 التي فرضتها الدول المنتصرة في الدستور الياباني التي كانت تمنع تسليح اليابان، كلها أثرت في القطبية الحالية وتؤدي لتشكل أقطاب جديدة.
أربعة أسباب شكلت عالما متعدد الأقطاب هي: حرب أوكرانيا، وثورة الأمير الشاب، والفاجنر في إفريقيا، وعودة اليسار إلى أمريكا اللاتينية.
بعض الأقطاب تنشطر إلى أقطاب متنافسة، وبعض الأقطاب متشكلة واقعيا، وإن لم تعلن عن نفسها، وبعضها عندها مقومات أن تصبح أقطابا.
• القطب الأنجلوساكسوني المتشكل من أمريكا وبريطانيا، وهو قطب يحمل عقلية استعمارية قديمة، يعيش على التوسع والاحتكار، تتبعه دول آسيا المهزومة وهي اليابان وكوريا الجنوبية، وبعض الأنظمة العربية العميلة، هذا القطب يملك أسلحة نووية وحق النقض.
• قطب الاتحاد الأوروبي بقيادة ألمانيا وفرنسا وإيطاليا، يسعى لإنشاء ناتو أوروبي وتقوية اليورو، تحرر أوروبا عسكريا وماليا يعني نهاية النفوذ الأمريكي، ولهذا تحاول أمريكا خنق أوروبا بإمدادات الطاقة، وتوريطها في مواجهة مع روسيا. هذا القطب يملك حق النقض والردع النووي.
• قطب أوروبا الشرقية بقيادة روسيا التي تسعى حثيثا لاستعادة الاتحاد السوفيتي، وتتمدد في أفريقيا بشكل متسارع، وتستغل سخط الشعوب الإفريقية على المستعمر القديم والأنظمة الخانعة له. هذا القطب يملك حق النقض والردع النووي.
• القطب الصيني الكوري الشمالي المتمدد في الاقتصاد العالمي بالأسلوب الناعم، فكما قال الشهيد الصائم: « احذروا الغزو الأصفر لأفريقيا»، يملك حق النقض والردع النووي.
• القطب الهندي، وهي أكبر دول العالم سكانا وتتربع على عرش العقول الإلكترونية، وتتميز بتعدد الأعراق والأديان واللغات، تجمعها ثقافة وحضارة واحدة، يملك الردع النووي.
• قطب الساتو، فقد بدأ اليسار الاشتراكي يزحف للسيطرة على أمريكا اللاتينية، كان مقررا أن تعقد قمة الساتو في ليبيا 10-10-2010 فكانت أحد أسباب الغزو، هذا القطب يملك الطاقة والإنتاج الزراعي والحيواني، ولكنه ما زال في طور التشكل، وقد يضم جنوب إفريقيا وغيرها من دول الجنوب، إلى الآن لا يملك رادعا نوويا.
• القطب العربي، وآخرون يريدونه العربي الإسلامي وغيرهم يريدونه الشرق الأوسط، وليبيا يجب أن تكون من ضمنه مهما كان تنظيمه، هذا القطب بدأ يتشكل بقيادة مصر بثقلها البشري والتاريخي، والسعودية بثقلها الاقتصادي والروحي، أربع دول يشكل التفكير في انضمامها تحديا استراتيجيا لهذا القطب، هي إيران وباكستان وفلسطين المحتلة والجزائر، مؤهل اقتصاديا وعلميا أن يملك الردع النووي.
علاقة تشكيل هذه الأقطاب بالحالة الليبية
رد فعل روسيا على تعثر صفقة الأسلحة، وتخليها عن ليبيا عام 2011 أدى إلى تفرد القطب الأمريكي مما أوجد في ليبيا فزاعة المجتمع الدولي.
القطب الأنجلوساكسوني يريد احتلال ليبيا لتحقيق ثلاثة أهداف، هي خنق أوروبا من الجنوب، والاستيلاء على بوابة ليبيا لمنع التمدد الروسي في إفريقيا، ومنع أن يتحول جنوب المتوسط إلى شاطئ روسي، وخاصة أن روسيا تتمركز في سوريا شرقه والجزائر غربه، والقطب الروسي يريدها قاعدة لخنق أوروبا ولدعم التمدد الروسي في إفريقيا، والقطب الصيني يريدها للتمدد الاقتصادي الناعم، إذن فإن الأسلوب الأمثل للتعامل مع الوضع الدولي يكمن في: الإيمان بنهاية فزاعة المجتمع الدولي، فقد بدأ يتفكك وكل يسعى لمصالحه، والأمم المتحدة أصيبت بالشلل، وهذ يدفع للبحث عن حلفاء استراتيجيين، وشركاء مصير مع الشعب الليبي، فلا مناص عن تحرير ليبيا والتحاقها بقطبها الطبيعي الذي يضم معظم الدول العربية، واقتلاع جذور جماعة الإخوان الإرهابية، ومافيا النهب، وعلى القوى الوطنية دور يتمثل في تجذير الوعي، وتقوية التنظيم، والالتفاف مع القوات المسلحة.
بعد الإطلاع على المقال يمكنك متابعة مركز العرب على فسيبوك وتويتر وشاهد قناتنا على يوتيوب