المفكر العربي علي محمد الشرفاء الحمادي يكتب.. الطلاق يهدد أمن المجتمع
الملخص
يقول المفكر العربي الكبير الأستاذ علي محمد الشرفاء الحمادي إن الطلاق هو إحدى المشكلات الحقيقية التي تهدد المجتمع، لأنه يضع الأسرة في وضعيات غير سوية، ويتسبب بشكل مباشر في تقطيع أوصال المجتمع، ويخلق جيلًا مشوهًا يساهم في نشر الجهل والجريمة والأنانية، لأن هذا النشء ولد وعاش في صراع بين الأم والأب بسبب الانفصال والطلاق. وأضاف قائلًا: لن نستطيع بناء مجتمع آمن ومستقر ومطمئن ومحصن من الفتن والمكائد، إلا بالعودة إلى التشريع الإلهي. واختتم الشرفاء بالمطالبة بإعادة النظر في الطلاق الشفهي الذي يخرج عند ساعة غضب فيدمر الأسرة ويشرد الأبناء.. التفاصيل في السياق التالي.
- اقرأ أيضا: مركز رسالة السلام للدراسات ينظم فعالية ” أيام تفكيرية” لمناقشة مؤلفات الشرفاء الحمادي
التفاصيل
اتباع القرآن
قال سبحانه وتعالى (فَإِمَّا يَأتِيَنَّكُم مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلاَ يَضِلُّ وَلاَ يَشْقَى، وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى)، لقد وضع الله قاعدة أزلية للإنسان، وخيره بين أمرين فإن اتبع كتاب الله وقرآنه واستنبط ما في آياته وبيانه لوضع التشريعات الإلهية التي تنظم حياة المجتمع على أساس من الرحمة والعدل والإحسان، وأدى العبادات على الوجه الأكمل، فسيعيش حياته سعيدًا آمنًا.
الإعراض عن القرآن
أما من أعرض عن كتاب الله واتبع أقوال عُبَّاد الله ورواياتهم المزورة على رسول الله وتأثرها بالتقاليد اليهودية وأعراف الجاهلية فإنه سيحيا حياة الضنك والبؤس والتعاسة، وذلك بسبب اتخاذ الفقهاء واعتمادهم في تشريعات الزواج والطلاق على مرجعية الروايات ما تسبب في خلق حالة من التشتت للأسرة وزيادة نسبة الطلاق، حيث يتشرد الأولاد وتضيع المطلقات، وتخلق حالة من الضياع للنساء والأطفال.
مستقبل مجهول
والسبب أن الرجل هو السيد وما ينطقه من كلمة الطلاق، ويرمي عليها اليمين فقد وقع الطلاق، وتخرج من البيت مع أطفالها قليلة الحيلة، لمستقبل مجهول لها ولأطفالها، وحينما نتفكر في التشريع الإلهي الذي ساوى بين الزوج والزوجة بشأن قرار استمرار الحياة معا والانفصال، حيث يقول سبحانه (فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا عَن تَرَاضٍ مِّنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا) (البقرة 233)، وقوله سبحانه وتعالى (وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) (البقرة 227).
التشاور في الطلاق
تؤكد الآيتان أعلاه أن الطلاق لا يتم إلا بالتشاور بين الزوجين إذا عزما على ذلك، مما يعطي الزوجة حق المشاركة في قرار الطلاق أو الاستمرار معًا لتربية أطفالهما تربية سليمة، لأنه عند بداية الزواج قرر كل منهما الموافقة على الارتباط بعقد الزواج بإرادة كل منهما المستقلة، ولذلك يجب أن يعتمد نفس الإجراء فما تمت بدايته بالاتفاق يتم التخارج منه بالاتفاق، ولا يكون للرجل وحده الحق في قرار الانفصال وتعريض الأطفال لمستقبل مجهول، يتيهون في الشوارع، وتصيبهم الأمراض النفسية، ويستدرجهم أصحاب المخدرات واللصوص.
المسؤولية والطلاق
ولذلك أمر الله سبحانه وتعالى أن يتم الطلاق بموافقة الطرفين، وتحمل الزوج مسؤولية الصرف المالي على متطلبات الأطفال ورعايتهم من قبل الزوجة بعد الانفصال، ويخصص لها راتبًا للعناية بأطفاله، تأكيدًا لقوله سبحانه في حق المطلقة الحامل (أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم مِّن وُجْدِكُمْ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ ۚ وَإِن كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ ۚ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ ۖ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُم بِمَعْرُوفٍ ۖ وَإِن تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَىٰ).
الزواج والرحمة
وقال سبحانه يخاطب رسوله واضعًا قاعدة للزوج رحمة به وبأسرته (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ ۖ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ ۚ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ ۚ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ ۚ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَٰلِكَ أَمْرًا) (الطلاق 1).
الطلاق الشفهي
وهذه الآية تعني في حالة حدوث الطلاق بالاتفاق بينهما كما ذكرته الآيات السابقة فلا يتم إخراجها من البيت لمدة العدة، لعل الله يصلح بينهما في تلك الفترة، والله سبحانه يعطي فرصة للزوجين لإعادة حساباتهما، ومراجعة مواقفهما بشأن الاتفاق على كيفية رعاية أطفالهما، والإنفاق عليهم وعلى الزوجة التي ستشرف على تربيتهم وتواجه متطلباتهم الحياتية من نفقات الملبس والمأكل والتعليم والصحة، لأن الله رءوف ورحيم بعباده.
تدمير الأسرة
فمن أين أتى الفقهاء بفرية الطلاق الشفهي، وكيف سمحوا لضميرهم أن يرتكبوا تلك الجريمة التي تسببت في هدم وتدمير أسر بالملايين في العالم الإسلامي، حيث إن معظم حالات الطلاق تمت لأسباب سوء فهم أو حدوث تصرفات من كلا الزوجين لا تؤدي إلى الطلاق، بل نتيجة لتضخيم الأخطاء البسيطة وحالة الغضب التي تنتاب أحدهما، وقد تكون بسبب مشاكل خارج البيت، أو عدم رضا لمطلب من زوجته لم ينفذ فيلقي عليها يمين الطلاق، ورأفة بالأسرة وضع الله سبحانه قاعدة رحمة بهم في قوله سبحانه: (لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَٰكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الْأَيْمَانَ ۖ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ ۖ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ۚ ذَٰلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ ۚ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ ۚ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) (سورة المائدة 89).
الحلف بالطلاق واللغو
فمن يحلف على زوجته بالطلاق اعتبرته تلك الآية الكريمة لغوًا فلا يقع الطلاق على الإطلاق إنما يطعم عشرة مساكين كفارة عن يمينه أو صيام ثلاثة أيّام مما يمنع هذا الحكم الإلهي تفكك الأسر وتشرد الأطفال، تماشيًا مع شريعة الله، وليس شريعة البشر التي لا تعرف الرحمة ولا تقيم للأسرة وزنا.
بعد الإطلاع على المقال يمكنك متابعة مركز العرب على فسيبوك وتويتر وشاهد قناتنا على يوتيوب