رأي

أحمد السمنتي يكتب.. الشائعات التهديد الخفي للأمن القومي المصري

لم تعد الحروب تقتصر على المواجهات العسكرية التقليدية، بل أصبحت أدوات جديدة تستهدف زعزعة استقرار الدول من الداخل. من أبرز هذه الأدوات الشائعات، التي تُعد سلاحًا استراتيجيًا في حروب الجيل الرابع، تُستخدم لتعكير صفو المجتمعات وضرب استقرارها. مصر، بثقلها الإقليمي والتاريخي، كانت ولا تزال هدفًا لهذه الحرب الصامتة التي تعتمد على نشر الفوضى النفسية وإضعاف النسيج الاجتماعي. الشائعات ليست مجرد أخبار زائفة، بل أدوات مُوجهة بعناية لتحقيق أهداف محددة.

من خلال منصات التواصل الاجتماعي، التي تحولت إلى ساحات قتال مفتوحة، تُصمم الشائعات لاستهداف نقاط الضعف داخل المجتمع، سواء سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية. الهدف الرئيسي منها هو زعزعة ثقة المواطن بمؤسسات الدولة، مما يؤدي إلى إضعاف قدرتها على مواجهة التحديات. في السنوات الأخيرة، تعرضت مصر لموجات متكررة من الشائعات التي ركزت على إثارة الأزمات الاقتصادية والاجتماعية. هذه الشائعات لم تقتصر على البلبلة، بل استهدفت عمق الاقتصاد واستقرار المجتمع، حيث تُضخم من المشكلات الصغيرة أو تخلق أزمات وهمية تُربك الحكومة وتُضعف الروح الوطنية. الخطورة الأكبر للشائعات تكمن في تأثيرها النفسي، فهي تُغذي الإحباط واليأس بين المواطنين، مما يجعل المجتمع أكثر هشاشة أمام الضغوط.

الدولة المصرية، وعيًا منها بخطورة هذه الحرب، اعتمدت استراتيجيات متعددة لمواجهتها. الإعلام الوطني كان في مقدمة الجهود، حيث قدم المعلومة الصحيحة بشفافية وسرعة، مما ساعد على احتواء الكثير من الأزمات قبل تفاقمها. كما عززت الدولة التشريعات لمحاسبة مروجي الأكاذيب، مع الاعتماد على التكنولوجيا الحديثة لرصد الشائعات وتحليلها وتتبع مصادرها.

الوعي المجتمعي هو أحد أهم الأسلحة لمواجهة هذه الحرب. تعمل الدولة على بناء ثقافة نقدية لدى المواطنين تُساعدهم على التمييز بين الحقيقة والزيف، من خلال حملات توعية وبرامج تعليمية تهدف إلى تحصين المجتمع على المدى الطويل.

إلى جانب ذلك، اعتمدت الدولة على مشاريع تنموية ضخمة لتعزيز النسيج الوطني وتقوية الشعور بالانتماء، مما يجعل المجتمع أكثر صلابة أمام محاولات التفكك. معركة الشائعات ليست مجرد صراع على الحقيقة، بل على الهوية والاستقرار. مصر، بتاريخها العريق وشعبها الواعي، أثبتت قدرتها على مواجهة الأزمات، لكن هذه الحرب تتطلب شراكة مستمرة بين الدولة والمواطن. الشائعات قد تكون أخطر من الرصاص إذا تُركت دون مواجهة، وأمن الوطن ليس مسؤولية الحكومة وحدها، بل واجب وطني يتحمله الجميع.

بعد الإطلاع على المقال يمكنك متابعة مركز العرب على فسيبوك  وتويتر وشاهد قناتنا على يوتيوب

اظهر المزيد

موضوعات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى