السودان في أسبوع.. الاشتباكات تتجدد في الخرطوم ودارفور.. والبرهان: مستعدون لإنهاء الحرب
أهم الأخبار في السودان.. خدمة أسبوعية من منصة «العرب 2030» الرقمية.. كل أحد
تعج الساحة السودانية بالأخبار والتفاعلات السياسية، خصوصا بعد اندلاع القتال بين الجيش وقوات الدعم السريع وفشل الاتفاق بين المكونات السياسية والعسكرية لاستكمال المرحلة الانتقالية لم يكتمل حتى الان، في ظل تطلعات رسمية وسياسية لإنهاء المرحلة الانتقالية واختيار حكومة منتخبة للبلاد.
استئناف المعارك والاشتباكات بالخرطوم.. بعد انتهاء هدنة اليوم الواحد
أفاق سكان الخرطوم، صباح الأحد، على أصوات تجدد القصف المدفعي والاشتباكات في مختلف أنحاء العاصمة، مع انتهاء هدنة بين الجيش وقوات الدعم السريع وفّرت لهم السبت هدوءا لم يعهدوه منذ بدء النزاع قبل نحو شهرين. وأكد شهود في الخرطوم سماع “أصوات القصف والاشتباكات بعد عشرة دقائق من انتهاء الهدنة”. وأشار شهود إلى سماع “قصف عنيف بالمدفعية الثقيلة” في الخرطوم وضاحية أم درمان بشمال العاصمة، واشتباكات “بمختلف أنواع الأسلحة” في شارع الهواء بجنوب الخرطوم.
وقبلها، أفادت تقارير إعلامية أنه بعد نصف ساعة من نهاية هدنة الأربعة وعشرين ساعة، سُمع دوي انفجارات قوية وأصوات اشتباكات في وسط الخرطوم واشتباكات في شرق النيل، وكذلك سُمع دوي ضربات مدفعية في شمال أم درمان.
وانتهت صباح الأحد الهدنة التي امتدت لأربع وعشرين ساعة بين طرفي الصراع في السودان. هدنة اليوم الواحد التي دخلت حيز التنفيذ صباح أمس، منحت سكان الخرطوم متنفّسا نادرا منذ بدء المعارك قبل نحو شهرين.
ومنذ بدء النزاع في أبريل الماضي بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو “حميدتي”، أبرم الجانبان أكثر من اتفاق لوقف النار سرعان ما كان يتمّ خرقها من الطرفين.
ومنحت هدنة الساعات الأربع والعشرين بين طرفي القتال في السودان سكان الخرطوم هدوءاً نسبياً لم يشهدوه منذ بدء المعارك قبل نحو شهرين، حتى خلال الاتفاقات السابقة التي خرقها الجانبان.
ودخلت الهدنة حيز التنفيذ عند السادسة صباحا (04:00 غرينتش) السبت. وطوال اليوم، أفاد سكان في العاصمة وكالة “فرانس برس” أن الهدوء في مختلف أنحائها حلّ مكان أصداء القصف أو الاشتباكات أو الطيران الحربي.
وعلى رغم أن توقعات السكان حيال الهدنة كانت متواضعة، لكن توقف المعارك في يوم جمعة، أتاح لسكان العاصمة شراء حاجياتهم الضرورية من دون الوقوع في شرك الاقتتال.
من جانبه، قال محمد رضوان الذي يقطن بجنوب الخرطوم أثناء تبضّعه في إحدى أسواقها إن “الهدنة فرصة بالنسبة إلينا للحصول على مواد غذائية بعدما عشنا الفترة الماضية على مواد محددة”.
وأكد أنه انتظر “حتى مرت أربع ساعات” على بدء الهدنة ليتأكد من ثباتها، قبل أن يخرج لشراء الحاجات الرئيسية مثل الخضراوات والفاكهة ومواد تموينية.
وتعاني الخرطوم التي كان يقطنها أكثر من خمسة ملايين نسمة قبل بدء المعارك، كغيرها من مدن أخرى، من نقص في المواد الغذائية وانقطاع الكهرباء وتراجع الخدمات الأساسية. وتركها مئات الآلاف من سكانها منذ بدء القتال.
«البرهان»: مستعدون لأي حل يُنهي الحرب ويعيد الطمأنينة للشعب السوداني
أكد قائد الجيش السوداني الفريق أول عبدالفتاح البرهان، خلال اتصال هاتفي مع رئيس الاتحاد الإفريقي رئيس جمهورية جزر القمر غزالي عثماني، اليوم (السبت)، استعداده لقبول أي حل يُنهي الحرب مع قوات الدعم السريع، ويعيد الطمأنينة للشعب؛ وذلك وسط سريان هدنة لمدة 24 ساعة بين الجانبين.
وأوضح مجلس السيادة الانتقالي في بيان، أن «الاتصال تَطَرّق إلى الجهود المبذولة عبر منبر جدة لحل الأزمة، عازيًا سبب فشل جميع الهدن إلى غياب آليات فعالة وملزمة لمتابعة خروقات مليشيا الدعم السريع المتمردة، وعدم التزامها بإخلاء منازل المواطنين والمستشفيات ومراكز الخدمات والمرافق العامة والمقرات الحكومية».
السودان.. اشتباكات عنيفة في دارفور وجثث منتشرة في شوارع الجنينة
حتى الساعات الأولى من فجر السبت، وقبل دخول الهدنة التي اتفق عليها طرفا الصراع في السودان حيز التنفيذ، لم تتوقف الاشتباكات في مدينة الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور التي تعاني من أوضاع إنسانية متدهورة.
فمنذ أسابيع تشهد الجنينة اشتباكات عنيفة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، لدرجة انتشار جثث في الشوارع لا تجد من يواريها الثرى.
وأعلنت الحركة الشعبية بقيادة مالك عقار في بيان الجمعة، أن المدينة تشهد هجمات مستمرة على المواطنين العُزّل منذ اندلاع الحرب مما تسبب بقتل وجرح ونزوح مئات الضحايا مضيفة أن الوضع الإنساني كارثي ويحتاج لحلول عاجلة.
في حين أكدت الهيئة النقابية لأطباء ولاية غرب دارفور، أن المدينة تشهد وضعا إنسانيا وأمنيا كارثيا بعد انهيار الخدمات وانقطاع الاتصالات مشيرة إلى تعذر إمكانية تقدير الخسائر المادية والبشرية.
ووصف الأطباء ما يجري في تلك المدينة بالجحيم الحقيقي. وناشدت الهيئة النقابية لأطباء ولاية غرب دارفور العالم بالتحرك، مؤكدة أن الناس حرموا من الخروج من المدينة بينما تخلى العالم عنهم.
فيما تتعاظم المخاوف من هول الكارثة التي يمكن أن تحدث، خصوصا أن الخدمات الإنسانية والطبية في الجنينة انهارت منذ بداية شهر مايو، ولم يعد في المدينة التي يسكنها نحو مليون شخص، لا غذاء ولا ماء ولا دواء ولا حتى اتصالات، بحسب الهيئة.
بينما تعذرت إمكانية تقدير الخسائر المادية والبشرية في ظل تعدد أسباب الموت من القتل المباشر في المعارك إلى القنص واستهداف منازل المدافعين عن حقوق الإنسان، فضلاً عن الموت بسبب الجوع والمرض، إضافة إلى الحرق والنهب والإتلاف لكل الممتلكات والمنازل والمخيمات.
يشار إلى أن إقليم دارفور الشاسع غرب السودان، والذي تسكنه قبائل عدة عربية وإفريقية، والمشهور بالزراعة، وتعادل مساحته فرنسا تقريبا، يزخر بذكريات أليمة من الحرب الأهلية الطاحنة التي امتدت سنوات، مخلفة آلاف القتلى فضلا عن مجازر كبرى بين القبائل، قبل عقدين من الزمن.
فقد اندلع الصراع فيه عام 2003، حينما وقفت مجموعة من المتمردين في وجه القوات الحكومية المدعومة من ميليشيات الجنجويد التي اشتهرت في حينه بامتطاء الخيل، وأدت أعمال العنف لمقتل نحو 300 ألف شخص، وتشريد الملايين.
ورغم اتفاقيات السلام العديدة، فإن التوتر لا يزال مستمراً منذ ذلك الوقت، كالجمر تحت الرماد، ينتظر شرارة لإيقاظه. وقد تصاعد العنف بالفعل خلال العامين المنصرمين بشكل متقطع قبل أن يهدأ نسبياً، ليعود إلى الاشتعال ثانية.
نائب البرهان: قواتنا متماسكة في كل مكان بالسودان
فيما لا تزال الاشتباكات مستمرة بين الجيش وقوات الدعم السريع للشهر الثاني في السودان، أكد نائب قائد الجيش الفريق أول شمس الدين كباشي أن القوات المسلحة متماسكة.
وظهر الكباشي في فيديو جديد اليوم الجمعة، مخاطباً عناصر من القوات المسلحة، قائلا إن “قوات الدعم السريع دمرت البلاد وحرقتها”.
كما أضاف أن قائد الجيش، عبد الفتاح البرهان يقود المعركة على الأرض، نافياً كل الشائعات والأنباء التي زعمت تصفيته، مؤكدا أنها مفبركة.
وخلال الفترة الماضية تقاذف الفريقان المتصارعان الاتهامات، كما انتشرت الشائعات حول صحة قائدي القوتين العسكريتين الكبيرتين. ما دفع كلاً من البرهان وقائد الدعم السريع محمد حمدان دقلو، إلى الظهور أحيانا في مقاطع مصورة بين الجنود من أجل دحضها.
يذكر أنه منذ اندلاع الصراع بين الجانبين يوم 15 أبريل الماضي، تتواصل المعارك بين الجيش والدعم السريع بلا أفق للحلّ.
فيما أسفر النزاع عن مقتل أكثر من 1800 شخص. إلا أن الأرقام الفعلية للضحايا قد تكون أعلى بكثير، بحسب ما أكدت عدة وكالات إغاثة ومنظمات دولية.
كما تسبب بنزوح زهاء مليوني شخص، بينهم أكثر من 476 ألفا عبروا إلى دول مجاورة.
ولم يفِ طرفا القتال بتعهدات متكررة بوقف إطلاق النار يتيح للمدنيين الخروج من مناطق القتال أو توفير ممرات آمنة لإدخال مساعدات إغاثية.
وقبل أكثر من أسبوع انهار آخر اتفاق للتهدئة تمّ التوصل إليه بوساطة سعودية-أميركية على هامش مباحثات استضافتها مدينة جدة.
فأعلنت الرياض وواشنطن تعليق المباحثات، لكنهما حضتا الطرفين على العودة إلى طاولة الحوار.