الزائدي سقوط الانتخابات
لم يصدق كثيرون، وأنا منهم، أن المجتمع الدولي الذي يدير الأزمة الليبية جاد في تكوين سلطة وطنية ليبية بشرعية شعبية، لذلك كانوا ينظرون بعين الريبة إلى الضجيج الذي صاحب الإعلان عن إجراء انتخابات عامة في الرابع والعشرين من ديسمبر الجاري، خاصة وأن ما سمي بلجنة الحوار التي عينتها بعثة هيئة الأمم كسلطة وصاية على ليبيا هي من تبنى الإعلان ومن شكل السلطة المؤقتة التي أوكلت لها مهمة الانتخابات، لكني أعترف أن السيناريو كان محبكا بشكل أدى لإقناع أغلبية الليبيين بأن حلًّا ظهر في الأفق، لذلك تسابقوا على التسجيل في سجل الناخبين، وتقدموا بكثافة للترشيح لموقع الرئيس ولعضوية مجلس النواب، حتى بلغ إجمالى تزكيات المترشحين مليون ناخب، أي 40% من إجمالي الناخبين، وأصبحت المدة المتبقية للانتخابات تحسب بالساعات، لكن أمرا وقع فجأة أدى الى توقف كل شيء!
لقد اكتشف ما يسمى المجتمع الدولي المتمثل في سفراء أمريكا وبريطانيا وفرنسا، أن زمام الأمور قد تفلت من أيديهم، لذلك لم يعد بالإمكان الاستمرار في العرض المسرحي، ووجب التوقف الفوري وتغيير بعض المشاهد حتى تنطلي المسرحية على الجمهور، لقد تأكدوا أن الانتخابات ستفرز لا شك سلطة تتكون من أشخاص وطنيين سيعملون على بناء دولة قوية مستقلة، وينجزون مصالحة وطنية حقيقية ويخرجون ليبيا من دوائر العبث والفوضى والفساد والتبعية، وتنهي سطوة المليشيات، خاصة بعد أن ظهرت شعبية أنصار ثورة الفاتح وأنصار القوات المسلحة الساحقة.
فبالرغم من الدفع بدبيبة الذي حاول إرشاء المواطنين من خلال زيادات عشوائية في الرواتب، وقروض بدون ضوابط، وتبذير مليارات، ورغم تعهده بعدم الدخول في الانتخابات، إلا أن استطلاعاتهم أوضحت أن حظوظ الرجل قريبة من الصفر، لذلك تقرر العودة إلى المربع الأول، جدل عقيم حول قانون الانتخابات وتزامنها، وصلاحيات الرئيس، والدستور إلى آخر الاسطوانة التي سمعها الليبيون لسنوات، وفجأة عادت “استيفاني ويليامز” من خلال منصب جديد للتحايل على مواقف بعض أعضاء مجلس الأمن المعارضين للموقف الغربي، فعينت مستشارا خاصا للأمين العام حول ليبيا، دون تحديد علاقة هذا المنصب بوظيفة مبعوث الأمين العام إلى ليبيا الشاغرة، نتيجة استقالة السلوفاكي “كوبيتش”.
على أية حال، أعيدت “استيفاني” لإعادة كتابة وتنقيح السيناريو، وفق شرطين أولهما: تأجيل الانتخابات إلى حين يتم التأكد من أن نتائجها ستكون بلا شك لصالح الغرب، وثانيهما: إعادة إعمال قوانين الإقصاء ليتمكنوا من منع أشخاص بعينهم من الاشتراك فيها.
يمكننا القول بكل ثقة، لقد سقطت الانتخابات! وانتهى هذا الفصل الركيك من المسرحية الهزلية، وعلى الليبيين أن ينتظروا وقتا آخر -لن يكون قصيرا- لكي يحلموا باستعادة الدولة.
رسالة لمن يدركون حجم معاناة الوطن، لا دليل على الاعتماد على النفس، والتحام القوة الوطنية مع الشعب والمؤسسة العسكرية والأمنية لإطلاق مشروع وطني خالص لبناء ليبيا الجديدة
بعد ان تناولنا موضوع الزائدي سقوط الانتخابات يمكنك قراءة ايضا
ليلى موسى تكتب.. إعادة العلاقات بين الشعوب ضرورة تاريخية
لمفكر العربي الكبير علي محمد الشرفاء الحمادي يكتب .. لا سنة ولا شيعة بل إسلام وشريعة
ويمكنك متابعة منصة العرب 2030 على الفيس بوك