الرئيسيةساحة الفكرمقالات الشرفاء الحمادي

الحاكمية في موروث المسلمين.. أطروحة جديدة للمفكر العربي علي محمد الشرفاء الحمادي

الملخص

في هذا المقال يؤكد المفكر العربي الكبير الأستاذ علي محمد الشرفاء الحمادي، أهمية أن تكون شريعة الله عز وجل هي الحاكمة والسائدة سيادة تامة على غيرها من الموروثات الإسلامية التي استندت على الروايات المحرفة، إذ يوضح الشرفاء أن التشريعات الإلهية في القرآن الكريم تحقق الرحمة والعدل والمساواة.. التفاصيل في السياق التالي.

التفاصيل  

اقرأ أيضا: محمد فتحي الشريف يكتب .. آليات بناء الوحدة العربية في فكر الشرفاء الحمادي

قال الله سبحانه وتعالى: “وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ”، (المائدة: ٤٤).

لقد أنزل الله مجموعة من الأحكام تنظم العلاقة بين الإنسان وربه في فروض العبادات وأحكامها ومقاصدها وحكمتها، كما أن التشريعات الإلهية في الآيات القرآنية التي تنظم العلاقات الأسرية والاجتماعية والإنسانية، أساسها الرحمة والعدل والمساواة، كما أمر الله الناس سبحانه بقوله فيما يتعلق بالأحكام بما نطق رسوله عن ربه: “إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَىٰ أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ ۚ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا”، (النساء: ٥٨).

وقال سبحانه وتعالى: “إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ”، (يوسف: ٤٠)، فالأحكام التي وردت في آيات القرآن الحكيم هي أحكام إلهية تتوافق وما يحقق للإنسان الأمن والطمأنينة والسكينة في حياته إذا تم تطبيق شرعة الله ومنهاجه وضمن حقه وحمايته من الاعتداء عليه أو على ممتلكاته أو الإساءة إليه باللفظ والعمل، يتحقق له السلام في سكنه ووطنه وعمله دون منازع ولا ظلم ولا طغيان، فكل تلك المنغصات التي يواجهها الإنسان وضع الله لها القواعد التشريعية حتى يأمن الإنسان على نفسه وأسرته وقوته وممتلكاته، فلا يجرؤ من يعتدي عليه أو يظلمه أو يخطئ في حقه بأي شكل من الأشكال، وفي مقدمة حقوقه حريته المطلقة في اختيار دينه ومذهبه وملته بشرط عدم الاعتداء على الناس والإضرار بهم أو استباحة حقوقهم، ولو تحقق تطبيق التشريع الإلهي في مجتمع المسلمين لن تجد مظلوماً ولا بغياً أو طغياناً على الآخرين، وستجد كل الناس يعيشون في جنة على الأرض تملؤها الرحمة والتعاون على البر والتقوى والإحسان والعدل والمساواة، فلا كبرياء ولا تمييز بين الناس، الكل ترى على وجهه ابتسامة الرضا والسعادة، والكل يحيا في أمن وسلام.

أما المجرمون الذين زوروا مقاصد الأحكام الإلهية وألّفوا مع شياطينهم تشريعات إجرامية تستبيح حقوق الناس بسفك دمائهم فيتربصون بالأبرياء بمصطلح الاستحلال، وهو تشريع شيطاني يبيح لمجموعة من الخارجين على الإسلام والرسالات الإلهية، أرواح الناس ونهب ممتلكاتهم وسفك دماء الأبرياء لسرقة أموالهم واستغلالهم، وظفوا بعض الآيات في غير مقاصدها الخيرة إلى تشريعات شريرة لا تراعي أحكام الله ولا تتورع من سبي النساء واستحلال بناتهم مخالفين لشريعة الله ونواهيه (كالخوارج والقرامطة والإخوان وجند الشام والقاعدة)، وغيرهم الذين استخدموا الحاكمية التي اختص بها الله وحده في تشريعاته بالكتاب المبين  لتصديق الإيمان بعقائد فاسدة، وأخفوا حقيقة الحكمة الإلهية ومقاصد الآيات لخير الناس جميعاً، إلى تشريعات تبرر أعمالهم الإجرامية والشيطانية، فأصبحت تلك التشريعات التي زوروا مقاصدها وصدقها الجهلاء وخلقت في المجتمعات المسلمة الفزع والخوف وعدم الأمان، فكم من الجهد والعمل المخلص يحتاج الموروث عند المسلمين من نفايات الماضي الفكرية والتشريعية إلى السريرة التي تسرها الدماء المسفوكة والعذاب الذي يلاقيه المسلم وغيره من التشفي والسعادة، حينما يسمع بكاء المعذبين وصراخهم فتستمتع بذلك نفوس مريضة شقية كتب الله عليهم الذل والعذاب والمطاردة في الدنيا، والعقاب يوم الحساب.

فمن هم الذين خالفوا أمر الله سبحانه ولم يحكموا بما أنزل الله وحكم الله عليهم بأنهم الكافرون؟ أليسوا الذين ألّفوا الأحكام من أفكارهم وما سولت لهم أنفسهم ووضعوا تشريعات تخالف ما أنزله الله في آيات القرآن ممن سموهم العلماء والفقهاء الذين أسسوا أحكامهم مستندين إلى الروايات والإسرائيليات والتفسيرات وفتاوى شيوخ الدين منصرفين عن الاعتماد على التشريع الإلهي في القرآن الكريم، فجاءت أحكامهم ضد العدالة والرحمة والإحسان والتحقق من اتفاق تشريعاتهم مع التشريع الإلهي؟ اتخذوا تشريعاتهم وسيلة تخدم مصالحهم وتحقق لهم ما يتوافق مع النفس الأمارة بالسوء، فوضعوا مبدأ الحاكمية ليكونوا هم مصدر التشريع والأحكام للمسلمين بدلاً من أن يكون الحكم لله وحده الذي وضع القواعد التشريعية لتحقيق العدالة بين الناس، ولكنّ المشرعين المسلمين وضعوا تشريعاتهم بما يتوافق مع الهوى ونفوسهم المريضة التي تسعى للانتقام وسفك الدماء، ممن لا يتبع مذاهبهم ويرفض أن يكون من حزبهم، فبذلك يعتدون على تشريع الله ويضعون قواعد تشريعية تحقق أهدافهم، ثم يدعون أنها تشريع الله، في الوقت الذي يخالفون فيه ما أنزل الله ولم يحكموا به، فبذلك يقعون تحت ما وصفهم الله سبحانه في قوله: “وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ”، (المائدة: ٤٤).

بعد الإطلاع على المقال يمكنك متابعة مركز العرب على فسيبوك  وتويتر وشاهد قناتنا على يوتيوب

 

 

 

اظهر المزيد

موضوعات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى