تمهيد
تتغير الاحداث والتطورات حول العالم على نحو غير مسبوق في مسيرة الحضارة البشرية. بالامس القريب، كنا نتحدث عن حروب الجيل الرابع والخامس والسادس وما تمثله من حروب تعتمد على الاختراقات والاشاعات وبث الفتن واحداث الفرقة بين اطياف المجتمع الواحد. حتى اصبح هذا الحديث عن طبيعة الحروب المستقبلية على هذا النهج دربا من دروب التاريخ وحديث من احاديث الامس. وبات الحديث الان عن حروب الجيل السابع والتي تتخذ من التطورات التكنولوجية المتلاحقة سمة لها. فعلى الصعيد التكنولوجي نجد الميتافيرس وما تحمله من دمج الواقع بالافتراض، بحيث لا يتوقف التقدم التكنولوجي للحظة واحدة . وان هذه الصورة البانوراماية تشير برمتها الى ما يلي: ان حروب المستقبل سوف تعتمد على الجيوش الذكية. وان الميتافيرس سيكون لها تاثير كبير على اداء الجيوش. إضافة الى ان هناك تحديات امام المؤسسات العسكرية عموما والتي توجب التحوط لها من الان.
اولا: الجيوش الذكية والميتافيرس
بدأت بعض القوى الدولية والاقليمية بالفعل في العمل على تحول قوتها الخشنة من الاعتماد على النمط التقليدي في التسليح وفي التصدي لحروب الجيل الرابع والخامس والسادس. الى الاستعداد لحروب الجيل السابع من خلال التجهيز الذكي لقواتها المسلحة. ومن مؤشرات هذا الانتقال: القوة 59 بالاسطول الخامس وتحديث قوات الدفاع الاسرائيلية. وفي هذا النوع من الجيوش، لم نعد نتحدث عن الكيف والعدد والعتاد التقليدي حتى لو كان نوويا في اعداد الجيوش. وبات الحديث عن الإعداد الذكي عبر توظيف الذكاء الاصطناعي وتسخير الواقع الافتراضي والسيبراني في تغليب كفة القوة لدى الجيوش الوطنية. وان هذا الإعداد الذكي سيمكن الجيوش من التعامل مع التهديدات الهجينة في المناطق الرمادية اكثر من ذي قبل. كما انه سيختصر الفجوات التكنولوجية التي يمكن ان تهمش جيوش كثيرة في مناطق مختلفة من العالم لا تزال تنتهج الفكر التقليدي في الاعداد للقوة الوطنية.
ان الجيوش الذكية سوف تعتمد بشكل كبير على مفردات جديدة في التعامل مع التهديدات تعتمد على معالجات مختلفة لنظام المعلومات، وتعتمد على التقدم في الانجازات الطبية. وعلى الخريطة الجينومية والتي قد تتحول الى استهداف اعراق معينة من خلال التحليل الجيني للعنصر البشري. وان هذا الاستهداف قد يتخذ اشكال متعددة ومنها الاستهداف البيولوجي.
ان الجيوش الذكية بات فرضا عليها ان تتهيأ لعملية الميتافيرس، والتي تعمل على انشاء منصات لدمج الواقع الحقيقي بالواقع الافتراضي وعلى نحو سيغير من الطبيعة التقليدي للسلوك البشري العام. حيث يستطيع الافراد انشاء واقع وحياة افتراضية تتعدى مجرد التصفح عبر سطح المكتب، وبما يسمح لهم بالعمل والتلاقي بداخله. كما يسمح بالمشاهده عن بعد عبر اجهزة ذكية ومن خلال استخدام تقنية الابعاد الثلاثية والاحساس والشعود المادي في الواقع الافتراضي. وعليه فان عالم اختياري وفق رغبات المستخدمين ومن ثم يخلق فارق بين الواقع والافتراض، وبما يمثله هذا من تحدي امام الحكومات التقليدية.
ان عالم ميتافيرس، والذي توجد مؤشرات على امكانية تحقيقة الان. سيخلق فجوة بين واقع الفرد، ورغباته. فيمكنه ان يتصور عالمه وجنته ويصممها ويقابل فيها من يريد. ومن ثم يزيد من حجم التوقعات لديه في عالمه الحقيقي. كما ان العالم الافتراضي يمكن ان ياخذه بعيدا عن عالمه الحقيقي فيقل انجازه العلمي والحضاري الحقيقي. وتقل القيمة المضافة وتزداد حدة التضخم وانخفاض القيمة الحقيقية للاقتصاد وبما يستتبع هذا من احتمالية وقوع اضطرابات مجتمعية. اما على الصعيد الامني، فسيكون هناك تحديات امنية في نوعية الجريمة وفي توظيف الارهاب للعالم الافتراضي والتاثير على الجودة النفسية للافراد المنخرطين في القوات المسلحة وضرورة اعدادهم البدني والنفسي والعلمي على نحو مختلف.
ثانيا: سبل التعامل مع التحديات امام المؤسسات العسكرية
ان عالم الميتافيرس ( عالم ما وراء الكون)، سيخلق تحديات جسام امام المؤسسات الدفاعية والامنية في العالم اجمع. حيث يبني ويختار الفرد في مقتبل حياته، شكل الحياة التي يريدها ونوعية الافراد الذي يحب ان يقابلهم ويتعامل معهم. وبذلك نكون امام فرد ياتي للواقع من عالم اخر، وكأنه مريض نفسي يحمل شخصيتين في شخص واحد. وان هذا يخلق تحدي كبير في بنيان وسبل اعداد الفرد للجيوش الذكية وحروب الجيل السابع والاعداد التكنولوجي والنفسي للتعامل مع التهديدات الهجينة في المناطق الرمادية. حيث لن تعتمد الجيوش على الاعداد والحروب الميدانية التقلدية بشكل كبير في حروب المستقبل.
وعلى الرغم من ان عالم الميتافيرس، سيؤهل الفرد على المستوى التكنولوجي بشكل كبير، وبما يسهل تعامله مع الاعداد الذكي لجيوش المستقبل. الا انه في ذات الوقت يخلق تحديات امام المؤسسة العسكرية مثل النوعية النفسية للمنتسب والاعداد العلمي له وتوقعاته وقدرته عن الزود بنفسه للدفاع عن وطنه وقدرته على تصور التهديدات الحديثة والمتغيرة،
ثالثا: الخاتمة
في ضوء ما سبق، يتطلب ضرورة التعامل مع تلك التحديات على النحو التالي:
لابد من ادماج التطورات التكنولوجية في برامج الخدمة الإلزامية او التطوعية من حيث التعريف النظري والعملي بها. والتعريف بنقاط القوة التي يمكن توظيفها في اعداد الفرد المقاتل. ونقاط الضعف التي ينبغي التقليل منها الى اقل حد ممكن. ووضع الادوات والوسائل التي تحول دون انخراط الفرد بالخدمة العسكرية للانجرار في عالم افتراضي ” شبه حقيقي” يمكن ان يعمل ضد مصالح دولته.
دراسة تداعيات الميتافيرس الامنية على القوات المسلحة. وفكرة تطور الجيوش الذكية. على ان ومعرفة مدى تطبيقها على صعيد هياكل وزارات الدفاع . وايضا في البرامج التدريبية والتاهيلية الحديثة التي يجب ادراجها في الفترات المقبلة للتاهيل الذهني والبدني والنفسي والعلمي للفرد وبما يتناسب مع الجيش الذكي وعالم الميتافيرس.
الهوامش
arabhardware.net/articles/what-is-metaverse