رامي زهدي يكتب.. من الشيخ زايد إلى المستقبل: رحلة الإمارات في قلب القارة الأفريقية
المقدمة
القارة الأفريقية، بموقعها الجغرافي المتميز ومواردها الطبيعية الغنية، لطالما كانت مركز جذب للدول الطامحة إلى تعزيز نفوذها وتنمية شراكاتها. ومن بين الدول العربية التي أدركت أهمية الانخراط في الشأن الأفريقي، تبرز الإمارات العربية المتحدة قوة إقليمية صاعدة، أثبتت قدرتها على تحقيق التأثير في مختلف المجالات التنموية، السياسية، والاقتصادية. ومنذ تأسيس الاتحاد الإماراتي على يد الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، كانت أفريقيا جزءًا من رؤية الإمارات المستقبلية لتوسيع دورها الإقليمي والدولي، وبناء علاقات متينة مع دول القارة السمراء.
المحور الأول: دور الإمارات تاريخيًا في القارة الأفريقية
1. الجذور الأولى للعلاقات الإماراتية – الأفريقية:
رغم حداثة تأسيس الاتحاد الإماراتي في عام 1971، فإن العلاقات بين الإمارات وأفريقيا تمتد إلى ما قبل هذا التاريخ، من خلال الروابط التاريخية بين شبه الجزيرة العربية وسواحل شرق أفريقيا. كانت التجارة والروابط الثقافية والدينية جسرًا طبيعيًا للتواصل، حيث أسهمت الهجرات العربية إلى أفريقيا في بناء أساس قوي للعلاقات المستقبلية.
2. الشيخ زايد ودوره في تعزيز العلاقات الأفريقية:
أولى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان اهتمامًا كبيرًا بأفريقيا، إدراكًا لأهميتها الجيوسياسية والاقتصادية. عمل على تأسيس علاقات تقوم على الاحترام المتبادل والتعاون. كما لعبت المساعدات الإنسانية والتنموية التي قدمتها الإمارات دورًا محوريًا في بناء هذه العلاقات، حيث دعمت الإمارات كثيرًا من الدول الأفريقية في مجالات البنية التحتية والتعليم والصحة.
المحور الثاني: علاقة الشيخ زايد بالقارة الأفريقية
1. رؤية الشيخ زايد لبناء شراكات قوية:
آمن الشيخ زايد بأن التنمية والسلام هما المفتاح لبناء علاقات متينة مع الدول الأفريقية. حرص منذ البداية على تعزيز التعاون مع الدول الأفريقية عبر تقديم المساعدات التنموية والدعم السياسي في المحافل الدولية.
2. مبادرات الشيخ زايد الإنسانية والتنموية في أفريقيا:
تجلت جهود الشيخ زايد في أفريقيا عبر تقديم المساعدات الإنسانية لدعم الاستقرار والتنمية. كان له دور بارز في دعم المشاريع الزراعية والتعليمية والصحية، مما أسهم في تحسين حياة ملايين الأفارقة.
المحور الثالث: الدور السياسي الإماراتي الداعم للقارة الأفريقية
1. دعم الإمارات للاستقرار السياسي في أفريقيا:
أظهرت الإمارات التزامًا واضحًا بدعم الاستقرار السياسي في أفريقيا، من خلال تعزيز الحوار السياسي بين الدول الأفريقية ومساعدتها في تجاوز النزاعات. كما أسهمت في دعم الحكومات الشرعية ومواجهة التحديات السياسية، مثل الإرهاب والتطرف.
2. المشاركة الإماراتية في المنظمات الإقليمية والدولية المعنية بأفريقيا:
عملت الإمارات على تعزيز علاقاتها مع الاتحاد الأفريقي ومنظمات إقليمية مثل “الإيجاد” و”السادك” و”الكوميسا”. حيث قدمت دعمًا لوجيستيًا وماليًا للمبادرات التي تهدف إلى تعزيز السلم والتنمية في القارة.
المحور الرابع: الدور التنموي للإمارات في القارة الأفريقية
1. مشروعات البنية التحتية:
استثمرت الإمارات بشكل كبير في تطوير البنية التحتية في أفريقيا، حيث أسهمت في إنشاء الطرق والجسور والمطارات، مما أسهم في تحسين الاتصال بين الدول الأفريقية.
2. التعليم والرعاية الصحية:
دعمت الإمارات مبادرات تعليمية وبرامج تدريبية تستهدف تعزيز المهارات وبناء الكوادر الأفريقية. كما قدمت مساعدات طبية ومشاريع لإنشاء المستشفيات والمراكز الصحية.
3. الطاقة المتجددة:
أسهمت الإمارات في توفير حلول للطاقة المتجددة في أفريقيا من خلال مبادرات مثل “مصدر”، التي وفرت الكهرباء كثيرًا من المناطق النائية.
المحور الخامس: الدور الاقتصادي للإمارات في أفريقيا
1. الاستثمارات الإماراتية في أفريقيا:
تركزت الاستثمارات الإماراتية في قطاعات مثل الزراعة، والتعدين، والسياحة، والخدمات اللوجيستية. وتعدّ أفريقيا شريكًا استراتيجيًا للإمارات في تحقيق أهدافها الاقتصادية.
2. المناطق الحرة والموانئ:
أدى توسع “موانئ دبي العالمية” في أفريقيا إلى تحسين التجارة الإقليمية والدولية للقارة. أسهمت الإمارات في تطوير وإدارة موانئ رئيسية مثل ميناء جيبوتي وميناء بربرة.
3. دعم التجارة البينية:
عملت الإمارات على تسهيل التجارة بين الدول الأفريقية ودول العالم عبر إطلاق مبادرات لوجيستية وتوفير تمويل للمشاريع التجارية.
المحور السادس: دور الإمارات في إحلال الأمن والسلم بالقارة الأفريقية
1. مكافحة الإرهاب والتطرف:
أسهمت الإمارات في دعم الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب بأفريقيا، عبر تقديم الدعم اللوجيستي والاستخباراتي لدول الساحل الأفريقي ودول القرن الأفريقي.
2. تعزيز الاستقرار في مناطق النزاعات:
عملت الإمارات على دعم جهود الوساطة وحل النزاعات في مناطق مثل السودان، والصومال، وليبيا، بهدف تحقيق الاستقرار الإقليمي.
3. المشاركة في عمليات حفظ السلام:
قدمت الإمارات مساعدات مالية ولوجيستية لدعم عمليات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في أفريقيا.
المحور السابع: الإمارات قوة إقليمية صاعدة وعلاقتها بالقارة الأفريقية
1. التحول في دور الإمارات:
أثبتت الإمارات قدرتها على الانتقال من دور المانح التنموي إلى شريك استراتيجي لدول القارة.
2. تعزيز الحضور الدبلوماسي:
افتتحت الإمارات عددًا من السفارات والقنصليات في أفريقيا لتعزيز العلاقات الثنائية.
المحور الثامن: مستقبل العلاقات الإماراتية – الأفريقية
1. تعزيز الشراكات الاستراتيجية:
من المتوقع أن تتوسع الإمارات في الاستثمار بمجالات الزراعة والطاقة والتكنولوجيا بأفريقيا.
2. دعم التنمية المستدامة:
سوف تركز الإمارات على تعزيز التنمية المستدامة، خصوصًا في مجالات الطاقة النظيفة والتعليم.
المحور التاسع: الإمارات محور اتصال بين المنطقتين العربية والأفريقية
1. تعزيز الروابط الثقافية:
أسهمت الإمارات في تعزيز العلاقات الثقافية بين العالم العربي وأفريقيا، من خلال تنظيم الفعاليات الثقافية والمهرجانات.
2. تطوير البنية التحتية للنقل:
عملت الإمارات على تحسين الاتصال الجوي والبحري بين الدول العربية والأفريقية.
المحور العاشر: التحديات التي تواجه تنامي الدور الإماراتي في القارة الأفريقية
1. المنافسة الدولية:
تواجه الإمارات تحديًا في التنافس مع قوى مثل الصين، والولايات المتحدة، وتركيا، التي تمتلك نفوذًا كبيرًا في أفريقيا.
2. التحديات الأمنية:
التهديدات الأمنية مثل الإرهاب والنزاعات المسلحة تمثل تحديًا أمام توسع الاستثمارات الإماراتية.
3. تحقيق التوازن:
تعمل الإمارات على تحقيق توازن بين مصالحها الاقتصادية ودورها الإنساني والتنفيذي في أفريقيا.
الخاتمة
لعبت الإمارات العربية المتحدة دورًا فاعلًا في القارة الأفريقية، مستندة إلى رؤيتها للتنمية المستدامة ودعم السلام. وبفضل سياساتها المتوازنة واستثماراتها الاستراتيجية، أضحت الإمارات شريكًا رئيسيًا لدول القارة في مسيرتها نحو التنمية والاستقرار. ومع ذلك، يبقى على الإمارات مواجهة التحديات التي تعترض مسارها لتحقيق علاقات أكثر متانة واستدامة مع القارة السمراء.
بعد الإطلاع على المقال يمكنك متابعة مركز العرب على فسيبوك وتويتر وشاهد قناتنا على يوتيوب