الإمارات في أسبوع.. بن زايد يبحث مع بوتين أزمات المنطقة.. وأبوظبي تنجح في إبرام صفقة تبادل أسرى بين روسيا وأوكرانيا
أبوظبي- مركز العرب
جددت زيارة الشيخ محمد بن زياد رئيس دول الإمارات الحديث عن النجاحات التي حققتها دولة الإمارات العربية خلال الأشهر الماضية في إرساء دعائم السلام عبر وساطات دبلوماسية، كان أبرزها بين روسيا وأوكرانيا لتبادل الأسرى بين الطرفين، والتي تأتي ضمن جهود أبوظبي لإنهاء الحرب الدائرة على الأراضي الأوكرانية منذ مطلع عام 2022، حيث نجحت في إتمام تسعُ وساطات بين البلدين كان آخرها في 18 أكتوبر2024، وشملت 190 أسيراً مناصفة بين الجانبين، ليصل العدد الإجمالي للأسرى الذين تمّ تبادلهم في هذه الوساطات إلى 2184.
بن زايد يزور موسكو ويلتقى الرئيس بوتين
بحث الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، مع رئيس روسيا فلاديمير بوتين، مختلف أوجه العلاقات الثنائية وسبل تعزيزها وتنميتها في إطار الشراكة الاستراتيجية التي تجمع البلدين، إضافة إلى عدد من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.
جاء ذلك خلال جلسة المحادثات التي عقدها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان وبوتين، في الكرملين، في إطار الزيارة الرسمية التي قام بها إلى روسيا الاتحادية.
واستعرضا خلال الجلسة، مسار تطور العلاقات الإماراتية – الروسية خلال الفترة الماضية خاصة في المجالات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية والفضاء والطاقة وغيرها من الجوانب في ظل شراكة البلدين الإستراتيجية، مؤكدين حرصهما على تطوير هذه العلاقات على مختلف المستويات.
كما تطرق اللقاء إلى قمة مجموعة “بريكس” ودور المجموعة في دعم العمل الجماعي الدولي لتحقيق الأهداف العالمية المشتركة، وثمن الشيخ محمد في هذا السياق جهود الرئيس فلاديمير بوتين في قيادة أعمال مجموعة “بريكس” في دورتها الحالية، متمنيا لروسيا التوفيق في رئاستها للمجموعة.
شراكات فاعلة على المستوى الدولي
وأكد الشيخ محمد بن زايد حرص دولة الإمارات على بناء شراكات فاعلة مع مختلف دول العالم، وتعزيز العمل الدولي متعدد الأطراف من أجل تحقيق التنمية المستدامة والازدهار لشعوب العالم أجمع.
كما تبادل الرئيسان، خلال اللقاء، وجهات النظر بشأن عدد من القضايا الإقليمية والدولية محل الاهتمام المشترك؛ وفي هذا السياق أكد الشيخ محمد بن زايد نهج دولة الإمارات الثابت في دعم العمل من أجل السلام والاستقرار في العالم بجانب دفع الحلول والمبادرات السلمية للنزاعات والصراعات.
واستعرض الجانبان، الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط، وشدد الشيخ محمد بن زايد على ضرورة العمل من أجل منع توسيع الصراع في المنطقة والذي يهدد أمنها واستقرارها إضافة إلى إيجاد أفق سياسي واضح للسلام العادل والشامل على أساس “حل الدولتين” والذي يضمن الاستقرار والأمن للجميع.
من جانبه، رحب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين برئيس دولة الإمارات، معرباً عن شكره وتقديره لجهود الوساطة التي بذلتها دولة الإمارات خلال الفترات الماضية، وأسفرت عن نجاح تبادل الأسرى بين روسيا وأوكرانيا، فيما أعرب الشيخ محمد بن زايد عن شكره للحكومة الروسية للتعاون الذي أبدته مع دولة الإمارات في هذا الشأن والذي كان له الدور الهام في نجاح جهودها، مؤكداً حرص الدولة على مواصلة بذل مزيد من الجهد في هذا الجانب الإنساني المهم.
حضر جلسة المحادثات، الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، وعلي بن حماد الشامسي الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن الوطني، وسلطان بن أحمد سلطان الجابر وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة، وثاني بن أحمد الزيودي وزير دولة للتجارة الخارجية، وأحمد بن علي الصايغ وزير دولة، وفيصل عبدالعزيز البناي مستشار رئيس الدولة لشؤون الأبحاث الإستراتيجية والتكنولوجيا المتقدمة، وخلدون خليفة المبارك رئيس جهاز الشؤون التنفيذية، ومحمد العبار رئيس مجلس إدارة شركة إيجل هيلز، ومحمد أحمد الجابر سفير الدولة لدى روسيا الاتحادية، كما حضرها من الجانب الروسي عدد من الوزراء وكبار المسؤولين.
محادثات ثرية ومفعمة
ومن جهته أعلن المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، تفاصيل الجلسة مؤكدا أن الاجتماع الذي عقد بين الطرفين ” استمر اجتماع غير رسمي بين الرئيسين حتى منتصف الليل تقريبًا في نوفو أوغاريوفو بالقرب من موسكو. في بداية المحادثات، حدد الزعيمان مجموعة القضايا التي يرغبان في مناقشتها كأولوية. كانت محادثة ثرية جدا ومفعمة بالثقة”.
وقال الكرملين إن المحادثات الرسمية التي بدأت بالفعل ستركز على التعاون الثنائي والوضع في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وشكر الرئيس الروسي رئيس الإمارات على دور الوساطة الذي اضطلعت به أبوظبي في تبادل سجناء حرب مع أوكرانيا.
وقال بوتين لضيفه الإماراتي، الذي استقبله في مقرّ إقامته في ضواحي موسكو، وفق ما نقل التلفزيون الروسي الرسمي: “اسمحوا لي بأن أتقدّم منكم بالشكر على مساهمتكم في حلّ مشكلات إنسانية، بما في ذلك تبادل الأسرى”.
وأوضح في افتتاح هذا اللقاء غير الرسمي الذي ينوي خلاله أيضا التطرّق مباشرة إلى النزاع في أوكرانيا “أشير بذلك أيضا إلى عملية التبادل الأخيرة”.
وسبق للبلدين أن تبادلا مئات الأسرى منذ الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير 2022، إثر صفقات مبرمة بواسطة الإمارات أو السعودية أو تركيا.
إشادة بجهود الوساطة
وفي بيان لها، أعربت وزارة الخارجية الإماراتية عن شكرها للبلدين على تعاونهما واستجابتهما لجهود الوساطة لإنجاح عملية التبادل “بالرغم من تحديات ظروف الحرب الحالية، والذي يؤكد الثقة التي تحظى بها الإمارات لدى روسيا وأوكرانيا، وتقديرهما لدورها في دعم المسار الديبلوماسي لحل الأزمة بين البلدين”.
وعلى وقع عمليات تبادل الأسرى من جهة، وتخبط العالم في حروب ونزاعات مختلفة، أبرزها تلك في أوكرانيا، وفي الشرق الأوسط في كل من غزة ولبنان، تتوجه الأنظار إلى قمة دول “البريكس” التي تستضيفها روسيا. وهذه القمة دولها معنية بطريقة أو بأخرى لمواجهة التحديات الاقتصادية، إلى جانب تلك السياسية والعسكرية التي تترك تداعياتها على الاقتصاد العالمي.
يتخلل هذه القمة مشاركة دولة الإمارات العربية المتحدة، وهي الأولى لها في “البريكس” بصفتها عضواً في المجموعة. وسبقها مساء الأحد عشاء بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الإماراتي الشيخ محمد بن زايد في قصر نوفو أوغاريوفو في ضواحي موسكو، مقر إقامة الرئيس المستضيف.
وعن هذه القمة تحديداً، يلفت أستاذ العلوم السياسية في الإمارات الدكتور عبد الخالق عبد الله إلى أن “الإمارات من أكثر الدول التي كسبت ثقة موسكو وكييف خلال السنوات الثلاث الأخيرة”، واستطاعت فعلاً تحقيق وساطات لتبادل الأسرى من خلال هذه الثقة الكبيرة التي تحظى بها لدى الأطراف. ويؤكد في حديثه مع “النهار” أنه من منطلق الثقة التي تمكنت الإمارات من الحصول عليها “أعتقد أنه لا توجد دولة أخرى في العالم مؤهلة للقيام بدور إيجابي لوقف الحرب وإعلان هدنة وربما التوصل الى اتفاق سلام بين روسيا وأوكرانيا، وأعتقد أن هذا الموضوع سيكون على جدول أعمال الزيارة الى موسكو”.
انطلاقا من الدور الديبلوماسي الذي تقوم به الإمارات حول العالم، استطاعت أبو ظبي بناء صداقات متينة حول العالم، وذلك في ظلّ ظروف دولية بالغة التعقيد، فيما يشهد الشرق الأوسط حربين شنتهما إسرائيل على قطاع غزة ولبنان، وتتجه نحو توجيه ضربة ضد إيران ما ولّد مخاوف من أنها قد تكون بداية حرب ثالثة مع طهران.
بعد الإطلاع على المقال يمكنك متابعة مركز العرب على فسيبوك وتويتر وشاهد قناتنا على يوتيوب