د. سيد عيسى يكتب.. 30 يونيو ثورة الشعب
قبل 11 عامًا عاش الشعب المصري أيامًا عصيبة، سعى فيها المتربصون بمصر وأمنها واستقرارها إلى النَّيل من كل جوانب الدولة والسعي إلى تقسيم أهلها لفِرق وأحزاب، والنَّيل من الهوية الوطنية، ولكن الشعب المصري، عبر تاريخه الطويل، لم ينجح أحد في طمس هويته أو تفريقه، لأن الشعب المصري له تركيبة فريدة يصعب اختراقها أو زرع الفرقة فيها.
اقرأ أيضا: شكري شيخاني يكتب.. الشعب السوري بحاجه إلى 30 يونيو على الطريقة المصرية
ومع الأحداث المتتالية المتوترة التي أعقبت يناير 2011 واستمرت حتى يونيو عام 2013، وهو الموعد الذي خرج فيه الشعب المصري يطالب بإنهاء الفوضى وبداية الاستقرار، وهي تظاهرات تؤكد أن تركيبة الشعب المصري العظيم لا تقبل الفرقة والتحزب واختطاف الشعب لصالح مجموعة لا تؤمن بالوطن وتعمل ضد استقراره.
لقد جنبت ثورة 30 يونيو الشعب المصري مخاطر التقسيم المجتمعي والتحول الاجتماعي في المقام الأول، ثم أنهت الفوضى، ثم وضعت الدولة المصرية في مكانها الطبيعي عربيًّا وإفريقيًّا ودوليا، فعادت مصر إلى الاتحاد الإفريقي، وتحسنت العلاقات مع الدول العربية، ونجحت في توضيح الصورة المغلوطة التي أنفق عليها المتربصون بالوطن المليارات، وكانت مصر على موعد لإعادة مكانتها ومعالجة عشوائية السنوات الماضية فكانت ثورة 30 يونيو.
إن ثورة 30 يونيو استطاعت أن تعالج الكثير من الأزمات والمشاكل التي تعرضت لها مصر، وكانت هناك ملفات بها مشاكل معقدة تحتاج إلى صبر حتى يتم معالجتها، أول الملفات كان الملف الأمني، الذي شهد تراجعًا كبيرًا قبل 30 يونيو حتى وصل إلى مستوى متدنٍّ لم تعرفه مصر، ونجح قادة 30 يونيو في معالجة الملف الأمني، وعادت الشرطة المصرية إلى مكانتها، وتم تطوير الجيش المصري ليصل إلى مرتبة دولية متقدمة في العشرة جيوش الأوائل في العالم.
ثم كان الملف الاقتصادي الأكثر تعقيدًا وعشوائية وهشاشة، فتم إعادة بناء البنية التحتية، وتم معالجة الكثير من الأمور الاقتصادية العالقة، وكانت العاصمة الإدارية الجديدة والعلمين الجديدة ومشروعات استصلاح الأراضي وإنشاء طرق جديدة لنتقدم إلى مراكز متقدمة في التصنيف، وبدأت الدولة المصرية مشروعات عملاقة بدأت تؤتي ثمارها، ثم اتجهت الدولة إلى إصلاح هيكل الأجور بعد موجة الغلاء والتراجع الاقتصادي الدولي التي شهدها العالم عقب أزمة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية والشلل في سلسلة إمدادات الطاقة والغذاء عالميًّا.
على الرغم من الصعوبات والعراقيل التي يواجهها الاقتصادي المصري على كافة المستويات فإن لديَّ ثقة في وضع معالجات سريعة لكل هذه الأمور، لأن الملف الاقتصادي يحتاج إلى عمل متواصل وأفكار ابتكارية لمعالجة أزمات مثل الطاقة وأيضا الأسعار، ومع ذلك ننتظر المزيد من ثورة 30 يونيو التي نعول عليها ونعلم أن لها قادة مخلصين للوطن ويحاولون بكل السبل معالجة الملف الاقتصادي. كل عام ومصر وأهلها بخير.