د. يسرا شعبان.. العنف الأسري من منظور مصري
35 ٪ من النساء على مستوى العالم يتعرضن للعنف الأسري، وفقًا لمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمصر. استخدمت الأمم المتحدة مصطلحًا آخر بدلاً من العنف الأسري وهو “الإساءة الأسرية” والتي تعرفها بأنها نمط سلوك في علاقة ما يُمارَس لإحراز السلطة والسيطرة على شريك حميم أو لمواصلة إخضاعه له. والعنف الأسري لا يعني فقط العنف الموجه ضد النساء، بل أيضًا الموجه ضد الأطفال أو ما يخص الأسرة ككل.
فمثلاً يعاني 3 من كل 4 أطفال أو 300 مليون طفل تتراوح أعمارهم بين 2-4 سنوات بانتظام من العقاب البدني و/أو العنف النفسي على أيدي الوالدين ومقدمي الرعاية. وهذا يعني أنه يمكن لأي شخص أن يكون ضحية للعنف الأسري، بغض النظر عن العمر أو العرق أو الجنس أو التوجه الجنسي أو الدين أو الطبقة، ولا يقتصر ضحايا العنف الأسري على الأطفال أو النساء، ولكن أي فرد آخر من أفراد الأسرة معرض للعنف الأسري.
ازدادت نسبة العنف الأسري في وقت جائحة كورونا فأظهرت الدراسات الاستقصائية ارتفاع معدل العنف الأسري في جميع أنحاء العالم منذ يناير 2020. فعلى سبيل المثال يقدر تقرير صندوق الأمم المتحدة للسكان أن هناك زيادة بنسبة 20٪ في حوادث العنف الأسري بالدول الأعضاء في الأمم المتحدة البالغ عددها 193 دولة خلال عمليات الإغلاق بسبب جائحة كورونا.
العنف الأسري قد تكون له أشكال عدة: لأنه قد يكون بدنيًّا كالضرب أو إسقاط المرأة الحبلى، ختان الإناث، أو جنسيًّا مثل هتك العرض والتحرش أو نفسيًّا مثل التمييز والابتزاز والتنمر، أو اقتصاديًّا، وهو غالبًا ما يحدث في إطار الأسرة من بعض أفرادها الذين لهم سلطة أو ولاية أو علاقة سلطوية أو هيمنة على فئة قد توصف بأنها أضعف أو أقل حيلة. لكن أخطر أنواع العنف هو “العنف المجتمعي” الناتج عن أعراف أو عادات وتقاليد سيئة أو مفاهيم مغلوطة عند عامة المجتمع.
وتسعى مصر في الوقت الحالي إلى تمرير قانون موحد وشامل لمواجهة كافة أنماط وأشكال العنف الأسري ومنها أشكال العنف ضد المرأة لمناهضة مثلاً، على سبيل المثال وليس الحصر، أشكال الاستغلال الجنسي للفتيات، جريمة ضرب الزوجات، حالات إجبار الحامل على إسقاط الجنين، جرائم خطف النساء والأطفال، جريمة إجبار الفتيات على الزواج، جريمة ختان الإناث إلخ…
ولا يألُ المجلس القومي والأزهر جهدًا في هذا الصدد، وكذلك في الجانب الاجتماعي والتوعوي في مناهضة العنف الأسري. فعلى سبيل المثال ينظم المجلس فاعليات بمختلف محافظات الجمهورية بالتعاون مع الأزهر الشريف ممثلاً في مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، وذلك في إطار حملة الـ ١٦ يومًا من الأنشطة لمناهضة العنف ضد المرأة للتنبيه والتوعية بالآثار السلبية للعنف داخل الأسرة المصرية.
وأخيرًا وليس آخرًا، وجب التنويه بأن المجلس القومي للمرأة في مصر، تحت شعار “احنا معك”، خصص الخط الساخن 15115 للحصول على الدعم القانوني، النفسي والاجتماعي لأفراد الأسرة المعنفة. ويعد هذا الدعم ضمن برنامج توعوي للمقبلين على الزواج والمتزوجين حديثًا يقدمه المجلس القومي للمرأة إلى المهتمين.
كذلك يجب إلقاء الضوء على وجود مراكز استضافة المرأة التابعة لوزارة التضامن الاجتماعي، والتي تعمل على حماية النساء المعرضات والناجيات من العنف، وتأهيل الناجية من العنف، حتى تتعافى جسديًّا واجتماعيًّا، من خلال تقديم الدعم النفسي والقانوني والصحي والاجتماعي إليها.
ويأتي ذلك اتساقاَ ومبدأ الحماية والمساواة التي نصت عليه المادة 11 من الدستور المصري بأنه :
“تكفل الدولة تحقيق المساواة بين المرأة والرجل فى جميع الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وفقا لأحكام الدستور.
كما تكفل للمرأة حقها فى تولى الوظائف العامة ووظائف الإدارة العليا فى الدولة والتعيين فى الجهات والهيئات القضائية، دون تمييز ضدها. وتلتزم الدولة بحماية المرأة ضد كل أشكال العنف، وتكفل تمكين المرأة من التوفيق بين واجبات الأسرة ومتطلبات العمل”.