رأي

هاني الجمل يكتب.. والز .. أول رجل أبيض نائبًا لامرأة ملونة فى تاريخ أمريكا

الكاتب رئيس وحدة الدراسات الدولية بمركز العرب للأبحاث والدراسات

في ظل حالة الطوارئ التي يشهدها الحزب الديمقراطي الحاكم من أجل الفوز بسباق الرئاسة أمام المرشح الجمهوري العنيد ترامب أعلنت المرشحة الديمقراطية للانتخابات الرئاسية الأمريكية القادمة عن الحزب الديمقراطي كامالا هاريس بعد انسحاب الرئيس “جو بايدن” من السباق الانتخابي بعد أدائه الكارثي في المناظرة الرئاسية الأولى مع المرشح الجمهوري “دونالد ترامب في 27 يونيو 2024 عن اختيار حاكم ولاية مينيسوتا تيم والز نائباً لها في 6 أغسطس 2024 على بطاقة الحزب للانتخابات الرئاسية القادمة التي ستجرى في الخامس من نوفمبر 2024.

 

ويأتي هذا الاختيار بعد حصول هاريس على أصوات المندوبين الديمقراطيين لترشحها عن الحزب وقبل المؤتمر الوطني الديمقراطي المقرر له في الفترة 9-12 أغسطس 2024 في شيكاغو الذي سيصوت رسمياً على ترشح هاريس ووالز لتمثيل الحزب في الانتخابات الرئاسية ويعد والز باختياره نائباً لهاريس ببطاقة الحزب الديمقراطي أول رجل أبيض ينضم إلى بطاقة ترشح حزب رئيسي بقيادة امرأة ملونة على الإطلاق.

 

لماذا والز ؟ و لماذا لم يكن شابيرو؟ 

 

ينظر الكثير لوالز  علي أنه رجل كبير السن لايتمتع بخبرة الحكم والقيادة فلم يكن ذو خبرة واسعة في قيادة الحزب الحاكم أو حتي تولي منصب من المناصب السياسية أو الوزارية في حقبة أوباما أو حتي بايدن ولكنه حاكم ذو شعبية لفترتين في ولاية الغرب الأوسطجاذبية هاريس بين الناخبين الريفيين لا سيما في ولايات “الجدار الأزرق” المتأرجحة الحاسمة في بنسلفانيا وميشيجان وويسكونسن التي كانت أساسية لفوز الرئيس “جو بايدن في الانتخابات الرئاسية السابقة لعام 2020. ومن المرجح أن يروج والز  وهو مواطن من نبراسكا لجذوره الريفية لمحاولة استعادة ناخبي الطبقة العاملة البيض الذين ابتعدوا عن الحزب الديمقراطي في السنوات الأخيرة كما أنه  يحظى بشهرة واسعة تأتي من خلا دعم والز للعمل الجماعي والعمال المنظمين في جذب الناخبين من الطبقة العاملة في الولايات الصناعية الشمالية فقد وقع والز خلال توليه منصب حاكم ولاية مينيسوتا على مجموعة من التشريعات التي تعتبر واحدة من أكثر القوانين المؤيدة للعمال شمولاً في الولايات المتحدة منذ عقود حيث يتضمن التشريع الذي تم توقيعه في العام الماضي إجازة عائلية مدفوعة الأجر توفر للعمال أجراً جزئياً لمدة 12 أسبوعاً لرعاية أحد أفراد الأسرة الحديثي الولادة أو المرضى بالإضافة إلى 12 أسبوعاً أخرى للتعافي من مرض خطير ووقع والز أيضاً قانوناً يحظر الأحكام غير التنافسية في عقود العمل وذلك ما شجع قادة النقابات والمدافعين عن السياسات المؤيدة للعمال والأسرة ورعاية الأطفال على اختيار والز ليكون نائباً للمرشحة الديمقراطية المفترضة وبالتالي أكتساب كتلة تصويتية كبيرة لم يكن يحصل عليها الحزب قبل ذلك فضلًا عن تمتعه  بخبرة تنفيذية بصفته حاكماً لولاية مينيسوتا منذ عام 2019 وأظهر قدرته على التعامل بفاعلية مع القضايا التي تهم الناخب الأمريكي على المستوى الوطني واتخاذ القرارات الصعبة وتميزت فترة ولايته حاكماً بإنجازات كبيرة في مجال الرعاية الصحية والتعليم والتنمية الاقتصادية ما يضيف اختياره نائباً للمرشحة الديمقراطية ثقلاً من الخبرة وسجلاً سياسياً قوياً إلى بطاقة الحزب للانتخابات الرئاسية القادمة هذا بجانب التوافق في الرؤى بين المرشحين على بطاقة الحزب الديمقراطي للانتخابات الرئاسية ولا سيما دعم والز القوي للعديد من السياسات التقدمية مثل العمال والسياسات الاجتماعية التي تؤيدها نائبة الرئيس وهو الأمر الذي من شأنه أن يخلق انسجاماً بين المرشحين على بطاقة الحزب للانتخابات وتوافقاً على سياسات الإدارة في حال فوزهما في الانتخابات التي ستجرى في الخامس من نوفمبر 2024

وأخيرا سعيها لجذب صوت التيار التقدمي في الانتخابات الرئاسية القادمة الذي تراجع تأييده لترشح الرئيس جو بايدن لفترة رئاسية ثانية بسبب مواقفه من الحرب الإسرائيلية في غزة وتقدم عمره وما صحابه من تدهور في صحته وقدراته العقلية ودعمُ والز العديد من السياسات التقدمية  مثل حقوق العمال والعدالة الاجتماعية وحقوق الأقليات وحقوق النساء وحقوق الأطفال والإجازة المدفوعة وحقوق الإجهاض ومراقبة الأسلحة يجعله متوافقاً مع أجندة التيار التقدمي داخل الحزب الديمقراطي 

في حين استبعدت كمالا هاريس حاكم ولاية بنسلفانيا “جوش شابيرو نائباً لها بسبب ضغط القاعدة التقدمية داخل الحزب الديمقراطي على نائبة الرئيس كامالا هاريس لعدم اختيار حاكم ولاية بنسلفانيا جوش شابيرو نائباً لها رغم أن اختياره كان سيحقق الكثير من المكاسب الانتخابية لبطاقة الحزب الديمقراطي لمواقفه المحافِظة للغاية بشأن القضايا الرئيسية في الانتخابات الرئاسية الأمريكية ما أدى إلى تزايد المخاوف الديمقراطية بشأن توافقه مع القيم التقدمية للحزب فضلاً عن مواقف شابيرو المثيرة للجدل حول الفلسطينيين والحرب الإسرائيلية على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر 2023 ولذلك فإن اختيار شابيرو ليكون نائباً لها قد يجعلها تفقد أصوات العرب والمسلمين الأمريكيين والتيار التقدمي المعارض لسياسات الرئيس الأمريكي جو بايدن تجاه العمليات العسكرية الإسرائيلية المستمرة في الأراضي الفلسطينية خاصة في ظل دعم ترامب إسرائيل بشكل واضح خلال فترة ولايته الأولى وخلال استقبال الحزب الجمهوري لنتنياهو في خطابه التاريخي أمام الكونجرس 

 

فرص نجاح كمالا هاريس أمام ترامب 

 

في ظل تحصن كل مرشح بنائب له مميزات تختلف كلية عن الآخر سواء في المستوى العمرى أو الخبرة السياسية والتنفيذية إلا أن فرسا الرهان في هذه الانتخابات في مرحلة متأرجحة من استطلاعات الرأي التي لم تحسم فرص مرشح بعينه عن الآخر مما يجعل الانتخابات الأميركية القادمة من أسخن الانتخابات التي مرت منذ فترة طويلة ليس فقط للأوضاع الداخلية ولكن للقضايا الإقليمية والدولية التي ظهرت على الساحة السياسية وجعلت الإدارة الأميركية ليست هي شرطي العالم كما كان با اهتزت الصورة بشكل كبير في الحرب الروسية الأوكرانية وساد المشهد الضبابي في حرب إسرائيل علي غزة فضلًا عن عدم استيعاب العالم لما حدث في السابع من اكتوبر الماضي علي يد حركة حماس في الداخل الإسرائيلي والذى أثبت أكذوبة أقمار التجسس في التنبوء بما حدث وتداعياته على المشهد السياسي العالمي .

 

بعد الإطلاع على المقال يمكنك متابعة مركز العرب على فسيبوك  وتويتر وشاهد قناتنا على يوتيوب

 

اظهر المزيد

موضوعات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى