الرئيسيةمشروع الوعي

ليس صديقا (رؤية واقعية في معنى ومفهوم الصداقة).. يكتبها محمد فتحي الشريف

الملخص

ليس صديقا من يخونك ويغدر بك ويتآمر عليك ويغتابك.. ليس صديقا من يتمنى زوال نعمتك.. ليس صديقا من يدعوك للمعصية.. ليس صديقا من يحجب عنك النصيحة.. ليس صديقا من يقلل منك ومن شأنك أمام الناس.. ليس صديقا من يخوض في عرضك.. ليس صديقا من يخزيك عند الشدائد.. ليس صديقا من يتخلى عنك في النوائب والمصائب.. ليس صديقا من لم يدافع عنك ويرد غيبتك.. ليس صديقا من يبحث عن مصلحته في صداقتك.. ليس صديقا من تغيب عنه ولا يفتقدك.. ليس صديقا من يستغل سرك فيفشيه.. ليس صديقا من إذا اختلفت معه تحدث عنك بالحق والباطل. ليس صديقا من لا يخاف الله.. وعندها ينتهي الكلام.. فإلى تفاصيل المقال…

التفاصيل

مفهوم الصداقة ومعناها

عندما نتحدث عن الصداقة، لابد أن ندرك أنها الود والمحبة في الله، والإيثار على النفس، والنصيحة في الله، والخوف على الصديق دون مصلحة مادية أو معنوية، فمع الصديق تستطيع أن تأخذ النصيحة الحقيقية، والأصدقاء لابد أن يجمعهم خصائص ومناقب عديدة، منها الإخلاص في القول، حفظ السر، أمانة النصيحة، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وحديثي هنا عن الصداقة بمفهومها الإيجابي الصحيح، وليست صداقة السوء، فإذا كان لك صديق تسير معه في الموبقات فتلك ليست صداقة، ولكنها جمع شيطاني ينتهي بالجرائم وتنال من مفهوم الصداقة الحقيقية، وتلك أخطاء يقع فيها الإعلام العربي عندما يصف الجرائم التي تقع بين الشيطان بأنهم (أصدقاء السوء) فالصدق لا يلتقي مع السوء، لأن الصدق والصداقة هي الخير الحقيقي وكل الخير.

أبهى صور الصداقة

ولذلك أبدأ حديثي بالصداقة التي تحاكي الدهر، وهي صداقة الرسول صلى الله عليه وسلم مع أبي بكر الصديق، وتلك أهم الصداقات في التاريخ الإنساني، وحتى لا أطيل في ذكر مواقف تجلت فيها تلك الصداقة في أبهى صورها سوف أكتفي فقط بموقف واحد، وكلمات نظمها سيدنا أبو بكر الصديق في حب الرسول فقال: “مرض الحبيب فعدته *** فمرضت من خوفي عليه.. فأتى الحبيب يعودني *** فبرئت من نظري إليه”.

تلك هي الصورة البهية للصداقة الحقيقية التي تؤكد معناها ومفهومها الصحيح والذي اشتق من الصدق.

نماذج من الصداقات

وحتى أتحدث عن الصداقة بكل جوانبها فلا بد أن أشير إلى بعض ما جاء في الحديث عن الصداقة بين الترغيب والترهيب، فهناك صداقات تاريخية تحولت إلى عداء شديد، وهنا يكمن الخطر، لأن الصديق أكثر الناس اطلاعا على أسرارك، ويعرف عنك القليل والكثير من نقاط الضعف والقوة، ولذلك كانت التحذيرات من انتهاء الصداقات وظهور الخلافات، وهذا الموضوع يحتاج إلى بحث منفصل عن كيف تعيش حياة وتنشئ صداقات تضع لها إطارا محكما، تتوقع فيها الخلاف وانتهاء الصداقة، فقبل أن تبدأ عليك أن تتوقع سيناريوهات النهايات.

حفظ السر

وحينها لابد أن تمسك أسرارك التي يضرك ظهورها، فليس كل ما يحدث لك يقال، وقال في ذلك الأمر الإمام الشافعي: “إِذا المَرءُ أَفشى سِرَّهُ بِلِسانِهِ.. وَلامَ عَليهِ غَيرَهُ فَهُوَ أَحمَقُ.. إِذا ضاقَ صَدرُ المَرءِ عَن سِرِّ نَفسِهِ.. فَصَدرُ الَّذي يُستَودَعُ السِرَّ أَضيَقُ”.

شيمة الرجال

ولذلك لخص الإمام الشافعي الأمر كله، بأن الإنسان لابد وأن يكون حكيما حافظا لسره، فإذا لم تستطع أن تحفظ سرك فلا تلم غيرك في إفشائه، ومع ذلك فليس هذا معناه إن كنت تعرف سرا عن صديقك أن تفشيه، فمن يخاف الله لا يفشي السر حتى في الاختلاف مع الصديق، وتلك شيمة الرجال، ولذلك يقول المثل “في الخلاف يعرف الأصدقاء”.

اختيار الصديق

ولذلك لابد أن تختار الصديق بشكل صحيح حتى تنجح الصداقة، ولابد أن يخرج من دائرة اهتمامك كل من لا يخاف الله، فمن ترك مخافة الله لن يكون صديقا، لأن الله هو الخالق الذي يجب علينا أن نخافه ونخشاه في السر والعلن، ومن يخاف الله لن يقدم على شيء يغضبه.

الصديق الأحمق

وابتعد عن مصاحبة الأحمق، وفي ذلك قال الشاعر صالح بن عبدالقدوس في قصيدة بديعة تكتظ بالحكم والمواعظ بعنوان (المَرءُ يَجمَعُ وَالزَمانُ يُفرق) سأختار منها بعض الأبيات التي تؤكد المعنى الحقيقي والمفهوم الصحيح للصداقة وعدم مصادقة الأحمق.. حيث قال.. “المَرءُ يَجمَعُ وَالزَمانُ يُفرق.. وَيَظل يَرقع وَالخطوب تمزق.. وَلَئِن يُعادي عاقِلاً خَير لَهُ.. مِن أَن يَكون لَهُ صَديق أَحمَق.. فَاِربَأ بِنَفسِكَ أَن تصادِق أحمَقا.. إِن الصديقَ عَلى الصَديقِ مُصدق”.

هذا هو الصديق

فالصديق لابد وأن يكون مصدقا مساندا لصديقه في الشدة والرخاء في كل المواقف، يأخذ بيده إلى الخير والصلاح، وينصحه ويدعمه ويفرح لنجاحه ويحزن لفشله، تلك هي الصداقة الصحيحة التي جاء منها المسمى، فكم من صديق قدم روحه فداء لصديقه، وكم من صديق عدَّل مسار صديقه وأخذه بيده إلى البر والتقوى، دون ذلك ليست صداقة، بل إنها عبث بالكلمة والمفهوم والمعنى.

ليس صديقا

ليس صديقا من يخونك ويغدر بك ويتآمر عليك ويغتابك.. ليس صديقا من يتمنى زوال نعمتك.. ليس صديقا من يدعوك للمعصية.. ليس صديقا من يحجب عنك النصيحة.. ليس صديقا من يقلل منك ومن شأنك أمام الناس.. ليس صديقا من يخوض في عرضك.. ليس صديقا من يخزيك عند الشدائد.. ليس صديقا من يتخلى عنك في النوائب والمصائب.. ليس صديقا من لم يدافع عنك ويرد غيبتك.. ليس صديقا من يبحث عن مصلحته في صداقتك.. ليس صديقا من تغيب عنه ولا يفتقدك.. ليس صديقا من يستغل سرك فيفشيه.. ليس صديقا من إذا اختلفت معه تحدث عنك بالحق والباطل. ليس صديقا من لا يخاف الله.. وعندها ينتهي الكلام.

الصديق العدو

وفي النهاية أذكركم بقول الشاعر منصور بن إسماعيل الفقيه المولود في منطقة (رأس العين) بالجزيرة العربية والمتوفى في مصر حين قال: “احذر عدوك مرة واحذر صديقك ألف مرة، فلربما انقلب الصديق فكان أعلم بالمضرة”.

الصديق اختيارك

على الرغم من أن الصداقة الحقيقية أمر جميل، يساهم في مواجهة أعاصير الحياة، وعلى الرغم من أن الصديق هو اختيارك ويختلف عن الزميل والقريب والجار، إلا أن أكثر الأضرار قد تأتي من الصديق الذي لا تحسن اختياره، ولذلك قال إبراهيم بن العباس: (مثل الأصدقاء كالنار قليلها متاع وكثيرها بوار).

الأصدقاء المزيفون

نعم إن الأصدقاء المزيفين، وما أكثرهم في الحياة، هم البوار الذي لا متاع معهم ولا فيهم، وهم للأسف الشديد كثيرون في زمن المصالح، ولا تستطيع أن تميز بين (الغثّ والسّمين).. ولكن لابد وأن تفعل قواعد الاختيار الصحيح، فابتعد عن أهل المعاصي الذين لا يخافون الله، فهم أشر الناس، ولا خير في صداقتهم، وكن متمسكا بأصحاب الأخلاق الذين يعرفون الله عز وجل، فمن عرف الله عز وجل عرف الصدق والأمانة والخير والعدل والمحبة والسلام، وفي النهاية أدعو الله أن يحفظ لنا كل صديق صدوق يخاف الله ويخشاه، وأن يبعد عنا كل خائن غادر جبار إذا تمكن.. دمت بخير.

بعد الإطلاع على المقال يمكنك متابعة مركز العرب على فسيبوك  وتويتر وشاهد قناتنا على يوتيوب

اظهر المزيد

موضوعات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى