الرئيسيةدراساتسياسية

مصر وأوزبكستان.. علاقات تاريخية ممتدة ومستقبل تعاوني واعد

إشادة أوزبكية بالمشروعات القومية المصرية.. وسفير طشقند: الأزهر رمز الإسلام المستنير في العالم

القاهرة – مركز العرب

في أول زيارة له منذ توليه رئاسة أوزبكستان وصل الرئيس شوكت ميرضيائيف إلى مطار القاهرة الدولي، وكان في استقباله الرئيس عبد الفتاح السيسي، ضمن زيارة رسمية يقوم بها الأول لمدة يومين تهدف إلى تطوير العلاقات بين البلدين وفتح أفق جديدة من التعاون، وتبادل الخبرات.

وبهذه الزيارة يستأنف رئيس أوزبكستان، مسيرة التعاون التي أطلقت شرارتها زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى طشقند في سبتمبر 2018، حيث أكد مسئولون أوزبك ضمن الوفد المصاحب للرئيس ميرضيائيف أن هذه الزيارة ستفتح صفحة جديدة في العلاقات بين البلدين، حيث تهدف إلى تعزيز التعاون في كافة المجالات، سواء السياسية أو الاقتصادية أو التجارية وغيرها، مشددين على المكانة التي تحملها مصر بالنسبة لهم، نظرا للعلاقات التاريخية التي تربط البلدين. واعتبروا خلال مائدة مستديرة نظمتها السفارة بالقاهرة أن مصر تعتبر من أهم الدول الرائدة في العالمين العربي والإسلامي وتحتل مكانة مرموقة على المستويين الدولي والإقليمي.

واتفق معهم، منصوربيك كيليتشيف، سفير أوزبكستان لدى مصر، مشددا على أن مصر من أوائل الدول العربية التي اعترفت باستقلال دولة أوزبكستان في 26 ديسمبر 1991، مؤكدا أن القاهرة وطشقند عكفتا على تطوير علاقاتهما وبرزتا على الساحة الدولية بصفتهما شركاء موثوقين منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية.

صفحة جديدة من العلاقات

وأكد السفير في مقال له نشر مؤخرا، أن الزيارة الرئاسية لمصر ستفتح بلا شك صفحة جديدة في العلاقات بين البلدين، وستبنى على ما تم تحقيقه خلال زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي لبلاده في 2018.

وأضاف إن مصر استفادت من موقعها الجغرافي المتميز، وخرجت من أزمات إقليمية ودولية مختلفة، معتبرا أن فترة تطور البلاد، التي بدأت في عام 2013، دليل واضح على ذلك.

وتابع “نحن ندرك جيدًا أنه منذ عام 2014 في مصر تشكلت رؤية جديدة للتغلب على الصعوبات الاقتصادية والاجتماعية. وتحرز مصر تحت قيادة فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي تقدمًا كبيرًا في إنشاء البنى التحتية الجديدة للدولة… وقد نُفذت إصلاحات منهجية لتوفير مساكن لمئات الآلاف من السكان الفقراء ومتوسطي الدخل في الأرياف والمدن، وبناء العاصمة الإدارية الجديدة، وتحديث المصانع، ورفع الفقراء إلى صفوف الطبقة الوسطى، وفي الوقت نفسه، تم تطوير برامج علمية فاعلة في مختلف المناطق لتنفيذ المشاريع الضخمة، والبرنامج الحكومي للرقمنة، وبناء دولة حديثة متكاملة لحل المسائل الداخلية والخارجية”.

إشادة بالمشروعات القومية المصرية

وأشاد بإنشاء العاصمة الإدارية الجديدة، وبناء وتدشين الفرع الثاني لقناة السويس، وإنشاء نظام طاقة مستقر في البلاد، مؤكدا أن هناك تقدما كبيرا في تجديد المجتمع. وكتب مضيفا “كما يسرنا الإصلاحات واسعة النطاق التي تشهدها مصر والتقدم والمنجزات في إطار “رؤية 2030” على وجه الخصوص، وبرامج الدولة مثل “تكافل وكرامة”، و”حياة كريمة”، ومبادرة “الحوار الوطني” التي سوف تخدم في تحسين رفاهية الشعب وتنمية الوطن”.

وأشاد بالأزهر الشريف قائلا إنه من أعرق المؤسسات التعليمية في العالم الإسلامي، مشيرا إلى التعاون بين إدارة مسلمي أوزبكستان والأزهر. وأكد أن مصر من أهم الدول في العالم الإسلامي للتعاون وفق مبدأ “الإسلام المستنير” الذي يتم الترويج له في بلادنا.

ولفت إلى التعاون الفعال بين المؤسسات العلمية للأزهر الشريف وغيرها من المؤسسات التعليمية والبحثية في مصر وأكاديمية أوزبكستان الإسلامية العالمية، ومركز الإمام البخاري الدولي للبحوث والدراسات بسمرقند، ومركز الحضارة الإسلامية في طشقند.

علاقات تاريخية ممتدة

ولفت إلى العلاقات التاريخية بين مصر وأوزبكستان، قائلا إن بلاده تشعر بالفخر بـ”مقياس النيل” الموجود في مصر، حيث اخترعه المفكر الأوزبكي أحمد الفرغاني في أوائل العصور الوسطى. وأكد “أن التمثال الذي تم نصبه في وسط مدينة القاهرة لمفكرنا العظيم الذي ترك آثارا لا تمحى بها بأعماله العظيمة في تاريخ البشرية، هو حرفياً رمز امتنان الشعب المصري لأوزبكستان. نحن ممتنون دائمًا لشعب مصر، الذي خلق الظروف والفرص المناسبة لهذا العالم العظيم لاكتساب سمعة عالمية، والذي يعتز بذكراه دائمًا”.

من جانبه، قال مظفر جليلوف نائب السفير الأوزبكي بالقاهرة، إن تراثا ثقافيا ودينيا وتاريخيا يربط بين أوزبكستان وبين الشعب المصري والدول العربية، ورغم المسافة بين البلدين إلا أن هناك الكثير من التفاهم بين البلدين.

وأضاف في كلمته في إطار المائدة المستديرة “مصر وأوزبكستان: آفاق التعاون المشترك”، بمناسبة زيارة الرئيس الأوزبكي لمصر إنه في ديسمبر عام 1992، زار أول رئيس أوزبكي إسلام كريموف مصر، وتم التوقيع على اتفاقيات لتعزيز العلاقات، وزار مصر مرة أخرى عام 2007 والتقى خلالها بالمسئولين المصريين.

وتناولت المحادثات حينها القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.

وأضاف إن العلاقات الثنائية أخذت منعطفا جديدا في سبتمبر 2018، عندما زار الرئيس عبد الفتاح السيسي طشقند، حيث اكتسبت المحادثات بين الرئيسين السيسي وشوكت ميرضيائيف عمقا جديدا ودشنت لمرحلة جديدة من الصداقة والتفاهم، ومثلت نقطة انطلاق حقيقية لتعزيز مسيرة العلاقات بين البلدين.

وأكد أن زيارة الرئيس ميرضيائيف للقاهرة، تهدف إلى تعزيز العلاقات على كافة المستويات وتمثل تعزيزا للمسيرة التعاونية بين البلدين، وتعكس الرؤى المتقاربة فيما يتعلق بالرؤية التنموية وإعادة بناء أسس التقدم والتنمية.

من ناحية أخرى، تحدث بابور عثمانوف، نائب مدير معهد الدراسات الاستراتيجية لدى رئاسة الجمهورية الأوزبكية قائلا في كلمته في إطار المائدة المستديرة إن حجم التبادل التجاري بين البلدين يبلغ 37 مليون دولار، بزيادة 2 مليون دولار عما كان عليه سابقا، مؤكدا أن هناك مساحة لزيادة هذا الرقم من خلال التعاون بين البلدين، واعتبر أن الزيارة الرئاسية الحالية ستكون خطوة في إطار تعزيز العلاقات التجارية. وأوضح أن هناك حوالي 30 شركة مصرية تعمل في أوزبكستان.

وأكد أن الوفد يضم الكثير من المسئولين والخبراء لبحث فرص التعاون من خلال لقاءاتهم مع النظراء المصريين.

تنسيق تجاري رفيع المستوى بين البلدين

وفي السياق ذاته استقبل المهندس أحمد سمير وزير التجارة والصناعة جامشيد خوجاييف نائب رئيس الوزراء بدولة أوزبكستان والوفد المرافق له والذي ضم لذيذ كودراتوف وزير الاستثمار والصناعة والتجارة، ومنصوربيك كيليتشيف سفير أوزبكستان بالقاهرة إلى جانب عدد من المسئولين بدولة أوزبكستان، حيث تناول اللقاء سبل الارتقاء بمعدلات التبادل التجاري وتعزيز التعاون الصناعي والاستثماري المشترك بين البلدين خلال المرحلة المقبلة، كما استعرض اللقاء عددا من الموضوعات والملفات الاقتصادية ذات الاهتمام المشترك وكذا تطورات الوضع الاقتصادي العالمي، حضر اللقاء السيد وليد جمال الدين، رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس والوزير مفوض تجاري يحيى الواثق بالله رئيس جهاز التمثيل التجاري.

وقال الوزير إن الدولة المصرية حريصة على تعزيز علاقاتها الاقتصادية مع دولة أوزبكستان باعتبارها إحدى الدول الهامة بمنطقة وسط قارة أسيا، ويمكن الاستفادة منها كمحور لنفاذ الصادرات المصرية لأسواق دول تلك المنطقة، لافتاً إلى حرص الوزارة على الاستفادة من الخبرات الصناعية لدولة الكبيرة أوزبكستان في عدد كبير من القطاعات الصناعية.

وأشار سمير إلى أن هناك فرصا ومقومات استثمارية كبيرة بالسوق المصري أمام مجتمع الأعمال بدولة أوزبكستان وذلك في مختلف القطاعات الإنتاجية والخدمية وبما يسهم في توفير احتياجات السوق المحلي والتصدير بمزايا تفضيلية لعدد كبير من الأسواق الإقليمية والعالمية بفضل شبكة اتفاقيات التجارة الحرة المبرمة بين مصر وعدد كبير من الدول والتكتلات الاقتصادية الرئيسية في العالم.

ونوه الوزير إلى أن الفترة الحالية تشهد زخما غير مسبوق فيما يتعلق بتبادل الزيارات الرسمية بين البلدين والتي تسهم في تعزيز العلاقات الثنائية المشتركة في مختلف المجالات وعلى كافة الأصعدة وكذا التعرف على الفرص التجارية والاستثمارية المتاحة في البلدين لبدء مشروعات مشتركة تصب في مصلحة اقتصادي البلدين على حد سواء.

ولفت سمير إلى أهمية تشكيل مجلس أعمال مشترك وبما يسهم في دفع العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين وفتح أفق ومجالات جديدة للتعاون بما يتوافق مع الإمكانات الاقتصادية الكبيرة لكلا البلدين، وكذا الاستفادة من فرص الاستثمار المتاحة بمصر وأوزبكستان.

وأوضح الوزير أن حجم التبادل التجاري بين البلدين بلغ العام الماضي نحو 49.9 مليون دولار مقارنة بنحو 46.6 مليون دولار وبنسبة زيادة بلغت نحو 7 %، مشيرا إلى أن هناك فرصا استثمارية متميزة بالسوق المصري والتي تحظى باهتمام دوائر الأعمال بدولة أوزبكستان لاسيما في مجالات صناعة المنسوجات والملابس الجاهزة والجلود والإلكترونيات والطاقة المتجددة والأدوية.

من جانبه اكد جامشيد خوجاييف نائب رئيس الوزراء بدولة أوزبكستان حرص بلاده على تعزيز أواصر التعاون التجاري والصناعي والاستثماري المشترك مع مصر باعتبارها إحدى الدول المحورية بمنطقة الشرق الأوسط وقارة إفريقيا، لافتاً إلى اهتمام الشركات الأوزبكية بالاستثمار في السوق المصري خاصة في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس والدخول في مشروعات صناعية تكاملية مشتركة للوفاء باحتياجات البلدين وكذا أسواق دول منطقة الشرق الأوسط وقارة إفريقيا وأسواق رابطة الدول المستقلة الأورأسيوية CIS.

وأشار الى أن الزيارة المرتقبة للرئيس الأوزبكي شوكت ميرضيائيف للقاهرة ستمثل انطلاقة جديدة للعلاقات الراسخة بين البلدين، لاسيما وأن زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي التاريخية إلى أوزبكستان في عام 2018 مهدت الطريق لبدء مرحلة جديدة من العلاقات الثنائية المتميزة بين القاهرة وطشقند، لافتا إلى التوجه الحالي لدولة أوزبكستان نحو تعزيز التعاون المشترك مع دول المنطقة العربية في مختلف المجالات وعلى كافة الأصعدة.

اظهر المزيد

موضوعات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى