الرئيسيةدراساتسياسية

انسداد في العملية السياسية في ليبيا.. ومستقبل مجهول للانتخابات

المجتمع الدولي مرتبك.. والبرلمان يدعو لجلسة لمناقشة السيناريوهات القادمة.. والميليشيات تحتشد في العاصمة

مستقبل مجهول للانتخابات الليبية

تقرير – محمد فتحي الشريف

على الرغم من التفاؤل الذي ملأ قلوب الشعب الليبي في نهاية العام (2021)، إذ كانوا على بعد خطوة واحدة من إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في البلاد، بعد أن تجاوز مجلس النواب والمفوضية العليا للانتخابات والمجلس الأعلى للقضاء والبعثة الأممية كافة العراقيل والصعوبات التي صنعها ووضعها مجلس الدولة الإخواني بقيادة خالد المشري بالتعاون مع الجهات الداعمة لهؤلاء المعرقلين وخاصة تركيا، وعند النقطة المفصلية والخطوة الأخيرة، توقفت العملية وأعلنت المفوضية العليا للانتخابات أنها لن تستطيع إعلان أسماء مرشحي الرئاسة، وأرجعت السبب إلى ما سمته (القوة القاهرة)، وهو الأمر الذي أصاب الشعب الليبي بخيبة أمل، وكذلك كل الداعمين لإجراء الانتخابات في العالم.

كيف تأجلت الانتخابات

عندما فتحت المفوضية العليا للانتخابات باب الترشح استبشر الجميع الخير وأدرك المواطن الليبي أن هناك انفراجة سياسية حقيقية، وبعد عدة خطوات متتالية أعلنت المفوضية الوطنية العليا للانتخابات في 11 ديسمبر تأجيل إصدار قائمة المرشحين النهائية والتي بدونها لا يمكن بدء الحملة الانتخابية، وهو الأمر الذي صدم الجميع.

وعلى الرغم من هذا التعثر تنصل الجميع من قرار تأجيل الانتخابات، وأصر رئيس المفوضية الوطنية العليا للانتخابات عماد السايح، في 19 ديسمبر على أنه من حق مجلس النواب إعلان أي تأجيل للانتخاب.

ورد مجلس النواب على رئيس المفوضية من خلال أحد أعضائه بأن المجلس ليس من حقه أن يصدر قرار التأجيل إلا بعد مرور التاريخ المحدد وهو 24 ديسمبر وهو الأمر الذي دفع الناس للتساؤل: من يملك الإعلان عن التأجيل، المفوضية أم البرلمان أم المجلس الأعلى للقضاء أم الأمم المتحدة أم لجنة الـ(75)؟.

خلافات سياسية وجدل

على الرغم من أن مجلس النواب صاحب الحق الأصيل في صياغة قوانين الانتخابات الرئاسية والبرلمانية إلا أن المجتمع الدولي أقحم مجلس الدولة الإخواني في الأمر وهو ما أفسد خطوات إجراء الاستحقاقات والانسداد الحالي.

وتم السماح لرئيس الوزراء عبد الحميد الدبيبة بالترشح على الرغم من تساؤلات حول بقائه رسمياً في منصبه حتى اقتراب موعد الانتخابات.

ودخلت المفوضية الوطنية العليا للانتخابات في خلافات مع المحاكم الليبية بشأن أهلية الدكتور سيف الإسلام القذافي بعد أن كانت قد استبعدته من قائمتها الأولية للمرشحين.

كما سعى رئيس المفوضية عماد السايح إلى التقليل من أهمية التأثير المحتمل للمقاطعات المحلية للانتخابات والاحتجاجات عليها وعلى المرشحين المثيرين للجدل.

خالد المشري د

المشري يحرض الميليشيات

وقبل أسابيع من موعد التصويت أكد المشري تعطيل الانتخابات إذا تم المضي فيها قدماً، وحرض قادة الميليشيات على إصدار بيانات التهديد، وفي مدينة مصراتة هددت الميليشيات بإغلاق مراكز الاقتراع في حال بقاء المشير حفتر والدكتور سيف الإسلام القذافي في قائمة المرشحين.

القوة القاهرة

تخبط واضح أصاب العملية السياسية في آخر مراحلها، وهذا الأمر يؤكد أن البناء الذي أسست عليه الأمم المتحدة خارطة الطريق بناء هش دون قواعد حقيقية، حتى أنه انهار دون أسباب منطقية، ليس إلا لفظ واحد احتوى عليه بيان توقف العملية السياسية وجاء في لفظ القوة القاهرة، والقوة القاهرة هنا معلومة للجميع وهي جماعة الإخوان الإرهابية وخالد المشري والمفتي المعزول الصادق الغرياني وخلفهم قادة الميليشيات المسلحة والمرتزقة الذين يدينون بالولاء والسمع والطاعة لتركيا، ولذلك لم تكن كلمة القوة القاهرة إلا فصلا جديدا من فصول التعتيم وتعمية الشعب عن المعرقلين الحقيقيين.

توعد وتهديد ميليشاوي

بعد أن أجهضت العملية السياسية ببيان المفوضية وخشي الجميع إعلان أسماء مرشحي الرئاسة وبينهم المشير خليفة حفتر والدكتور سيف الإسلام معمر القذافي، بعد توعد واضح بالحرب والعرقلة من الميليشيات التابعة للإخوان وتركيا، أعيدت الكرة مرة أخرى إلى مجلس النواب والمجلس الأعلى للقضاء حتى يتم اتخاذ القرار المناسب والتشاور حول إعلان المرشحين، وهو الأمر الذي لا يزال قيد الدراسة حتى اللحظة، وسط غموض لبعض المواقف منها حل المفوضية العليا للانتخابات لجانها وكأن العملية الانتخابية انتهت، بعد عام من الترتيب والتجهيز بقرار لا يعرف أحد حتى الآن من يقف وراءه، وكذلك مخالفة المجلس الأعلى للقضاء القانون المنظم لقواعد قبول المرشحين، وخاصة المادة (12) التي خالفها بشكل صريح رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة، ومع ذلك قُبل وأعيد إلى سباق الترشح، بالإضافة إلى منع المرشحين من الوصول للمحكمة كما حدث مع محامي الدكتور سيف الإسلام في الجنوب، وبعد عدة أيام تمكن محامي سيف الإسلام من الوصول إلى المحكمة وتقديم الطعن الذي قبل وتم إعادة سيف الإسلام إلى السباق الانتخابي قبل أن تقضي على العملية كلها القوة القاهرة.

ضغط دولي دون جدوى

لقد شهدت الإجراءات الأخيرة التي توقفت على آثارها العملية الانتخابية جدلا كبيرا وخاصة فيما يتعلق بدور الأمم المتحدة وبعض الدول الفاعلة والتي كانت تضغط بشكل غير مسبوق وعلى مدار عام كامل في أن الانتخابات ستكون في موعدها، بما في ذلك الولايات المتحدة وروسيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا والإمارات والسعودية ودول الجوار الليبي وكافة الأطراف الدولية مثل تركيا التي صنعت الفوضى وعرقلت الانتخابات، ومع ذلك أوقفت المفوضية العليا العملية كلها، وهو ما دفع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيرش إلى إيفاد ستيفاني ويليامز للتشاور من جديد مع الأطراف الفاعلة التي تستطيع أن تواجه القوة القاهرة على الأرض، والتقت ستيفاني ويليامز بالمشير حفتر والمستشار عقيلة صالح وفتحي باشاغا وعبد الحميد الدبيبة وأحمد معيتيق، وبعدها جاء لقاء المشير حفتر وفتحي باشاغا الذي وصف بأنه انفراجة حقيقية في الأزمة الليبية وتوحيد البلاد بعد التعثر السابق.

العملية السياسية في ليبيا
العملية السياسية في ليبيا

حرب الميليشيات

أعلنت ميليشيات الردع التابعة لحكومة عبد الحميد الدبيبة المنتهية اقتحام مقر ميليشيا النواصي في طرابلس، وقالت الميليشيا في بيان لها إن الاقتحام جاء بالتنسيق مع رئيس جهاز المخابرات، مؤكدة أن العملية تستهدف مصطفى قدور ومجموعته التابعة لجهاز المخابرات.

العملية التي بدأت فجرا والتي استغرقت نصف ساعة تمكنت خلالها الفرقة من إلقاء القبض على جميع المتواجدين في المقر المسلح ومكانه أمام جامعة ناصر بعين زارة ومن ثم تم إقفاله بشكل نهائي.

ويعود سبب الاقتحام الى أن المقر المذكور تمارس فيه ومن خلال رئيسه مصطفى قدور أفعال غير قانونية منها عمليات اختطاف قسرية وعمليات ابتزاز لعدد من المسؤولين، وفق ما قالته الردع.

لجنة (5+5) وملفات عالقة

وعلى الرغم من إدراك الجميع أن المشكلة في ليبيا تكمن في الجانب الأمني والتدخلات الخارجية، إذ أوكل المجتمع الدولي إلى لجنة 5+5 ترحيل المرتزقة والقوات الأجنبية وعلى مدار مئات الجلسات لم تفلح اللجنة في معالجة الملف الذي كلفت به نظرا لعدم التعاطي الإيجابي من الجانب التركي الذي تشكل مرتزقته العبء الأكبر على الحل السياسي.

وبقي ملف المرتزقة كما هو لم تفلح محاولات إخراج المرتزقة الأتراك حتى اللحظة، فيما أفادت اللجنة على لسان اللواء أمرجع العمامي بأنها رحلت 300 مقاتل سوداني، الأسبوع الماضي، جوا إلى بلادهم.

وأوضح أن اللجنة العسكرية 5+5 في اجتماع دائم وتواصل مستمر وتعمل على إنجاز مهامها المكلفة بها، وأعرب عن أمله في أن يصل السياسيون لاتفاق يخرج البلاد من وضعها الراهن.

وأضاف العمامي: في انتظار آليات الخروج للقوات التركية والروسية التي تكفلت دولهم بوضعها تحت إشراف المجتمع الدولي للبدء بتنفيذها من الطرفين بإشراف المراقبين الدوليين.

البرلمان يدعو لعقد جلسة لبحث التعثر

دعا رئيس مجلس النواب المكلف فوزي النويري أعضاء المجلس إلى جلسة رسمية تُعقد في مدينة طبرق اليوم الاثنين، للاستماع إلى إحاطة رئيس وأعضاء مجلس إدارة المفوضية الوطنية العليا للانتخابات حول سير العملية الانتخابية.

جاء ذلك في دعوة وجهها المجلس إلى الأعضاء، بعد عقده أكثر من جلسة في منتصف الأسبوع الماضي لم تصل إلى جديد فيما يخص مستقبل العملية السياسية التي تشهد تعثراً عقب تأجيل انتخابات الرئاسة والبرلمان التي كان مقرراً لها في 24 ديسمبر.

وأوصت اللجنة المعنية بمتابعة العملية الانتخابية في مجلس النواب، بإعادة تشكيل الحكومة ووضع خريطة طريق جديدة وتعديل مشروع الدستور.

وأوضحت أنه يجب أولاً: وضع خريطة طريق جديدة قابلة للتنفيذ مضبوطة بمدد ومراحل وتواريخ في إطار دستوري. وثانياً، تعديل مشروع الدستور عن طريق لجنة فنية يعينها مجلس النواب بإشراك عادل لمجلس الدولة. وثالثاً، إعادة تشكيل السلطة التنفيذية، وذلك لتحقيق متطلبات الاستقرار «الأمر الذي عجزت عنه السلطة الحالية».

السيناريوهات القادمة

وفي النهاية يتساءل الجميع عن مصير العملية السياسية في ليبيا بعد هذا الانسداد والترهل الحادث، بعد تأجيل الانتخابات إلى أجل غير مسمى ومحاولة المجتمع الدولي ومجلس النواب والقوى الفاعلة رسم مسار جديد لخارطة الطرق بعد أن تعثر المسار السابق، فحكومة الدبيبة انحرفت عن المسار المخطط لها وهو الاستمرار حتى نهاية الانتخابات الرئاسية وحتى إجراء الانتخابات البرلمانية.

ومن المتوقع حسب مراقبين إبرام صفقات جديدة لمعالجة الأوضاع من خلال تعديل وزاري في حكومة الوحدة الوطنية الحالية، فيما يرى آخرون إجراء الانتخابات في أقرب فرصة والضغط على الأطراف المعرقلة.

وفي النهاية عدد رئيس حزب الحركة الوطنية الدكتور مصطفى الزائدي الأسباب التي أدت إلى الانسداد الحالي والتي عقدت المشهد حين قال: “من أسباب فشل البعثة الأممية إلى ليبيا اعتمادها على موظفين صغار من بعض الدول لديهم أجندات خاصة في ليبيا، ومستشارين ليبيين نجحوا في تمرير مواقفهم الخاصة وأجنداتهم، ولعل الاتفاقات العبثية وما نتج عنها، تعكس حقيقة دور المستشارين الليبيين في صياغة اتفاقات غير قابلة للتطبيق”.

بعد ان تناولنا موضوع مستقبل مجهول للانتخابات الليبية يمكنك قراءة ايضا

السعودية في أسبوع..  أردوغان يزور المملكة في هذا الموعد.. وبيروت تتنصل من تطاول حسن نصر الله

أحمد شيخو يكتب.. تجديد الخطاب الديني ودمقرطة الإسلام   

يمكنك متابعة منصة العرب 2030 على الفيس بوك

اظهر المزيد

موضوعات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى