محمد فتحي الشريف يكتب.. قراءة في الأزمة الليبية (الحلقة الثانية)
(المجموعات المسلحة في مصراتة وتأثيرها على المشهد السياسي)
فوضى السلاح
بعد أن أسقط حلف الناتو ليبيا في عام (2011) تغير شكل الدولة، إذ شكل السلاح الذي كان في يد الشعب إشكالية كبرى لا تزال تداعياتها حاضرة في المشهد الليبي بشكل مؤثر حتى اليوم، ولن تحل الأزمة السياسية في ليبيا دون النظر في ملف جمع السلاح وإخراج المرتزقة وتفكيك الميليشيات واقتصار حمل السلاح على منتسبي الأجهزة الأمنية (الجيش والشرطة) فقط.
هجرة المتطرفين
ولذلك سوف أتحدث في ملف غياب الأمن وحضور المجموعات الإرهابية المتطرفة من كل صوب وحدب قاصدة ليبيا، بعد أن مهد تدخل حلف (الناتو) لدخول تلك المجموعات الإرهابية بشكل مرتب ومنسق بالتعاون مع عدد من الدول التي ترعى الإرهاب والتطرف في الوطن العربي.
- اقرأ أيضا: محمد فتحي الشريف يكتب.. (13) عاما على معاناة الشعب العربي قراءة واقعية في الأزمة الليبية (1-1)
الفجوة الأمنية
جاءت الفجوة الأمنية التي حدثت في ليبيا عام 2011 نتيجة سقوط المؤسسات وانتشار الأسلحة بشكل مخيف، حتى أن التقارير تؤكد وجود أكثر من 35 مليون قطعة سلاح متنوع في ليبيا خلال العقد الماضي، بدأت بـ(15) مليون قطعة سلاح متنوع، وانتهت بالرقم الحالي وهو (35) مليونا، وهو ما يشكل خطرا داهما على أمن ليبيا، ويمتد الخطر ليصل إلى دول الجوار دون استثناء.
خريطة المسلحين
ولذلك سوف أرصد لكم خريطة المجموعات المسلحة في ليبيا وخاصة في المنطقة الغربية، التي تتفق وتختلف في العديد من التوجهات والأيدلوجيات السياسية والمذهبية على الرغم من أن الشعب الليبي كله له مذهب واحد، ولكن المجموعات الإرهابية الوافدة من الخارج شكلت مشهدا آخر مختلفا.
أفكار متطرفة
إذا كان الدعم الخارجي بالمال والسلاح هو الذي يشكل الهدف والتوجه لتلك المجموعات، ففي ليبيا نجد أفكارا متطرفة متنوعة، منها القاعدة وداعش وجماعة الإخوان والفكر الجهادي، كما يوجد أيضا المرتزقة الذين جاءوا للقتال مقابل المال، فهم ليس لهم أيدولوجية سياسية أو مذهب ديني، كل هدفهم المال، وهؤلاء لهم تأثير كبير ويعملون لصالح دول خارجية ترغب في نهب ثروات ليبيا والحفاظ على مصالحها.
العشرية السوداء
ولذلك سوف أحاول أن ألقي الضوء على بعض المجموعات الموجودة في بعض المدن الليبية والتي كان لها دور في أحداث العشرية السوداء في ليبيا، ولتكن البداية بخريطة تلك الميليشيات في مدينة مصراتة أحد أهم مدن الغرب الليبي.
مدينة مصراتة
وحتى أتحدث عن ميليشيات مدينة مصراتة لابد أن أطلع القارئ على بعض المعلومات عن المدينة، فمصراتة مدينة ليبية مهمة ولها موقع استراتيجي وتعد ثالث أكبر المدن كثافة سكانية بعد طرابلس وبنغازي، كما تعد العاصمة الاقتصادية لليبيا، وبها ميناء مصراتة، وتزدهر فيها حركة التجارة والصناعة بشكل كبير، وفيها مصنع الحديد والصلب الوحيد في ليبيا، ويسكنها حوالي 350 ألف نسمة، كما يبلغ سكان شعبيتها وهي (مصراتة وزليتن وبني وليد) حوالي 700 ألف نسمة، وتقع المدينة على البحر الأبيض المتوسط عند الحافة الغربية لخليج السدرة، وتبعد عن مدينة طرابلس 208 كم شرقاً.
التأييد والمساندة
وأعود للحديث عن خريطة المجموعات المسلحة في تلك المدينة، تمتلك مصراتة عددا كبيرا من المجموعات المسلحة تنقسم من حيث التأييد والمساندة لعدد من المسؤولين السابقين والحاليين ويشكلون ورقة ضغط مهمة في كافة الأحداث السياسية من عام 2011 وحتى اليوم.
أيديولوجيات متنوعة
وحسب آخر الإحصائيات، فالمجموعات المسلحة في المدينة يتخطى عدد أفرادهم أكثر من 23 ألف مقاتل، ويمتلكون مئات الدبابات وعشرات الطائرات وآلافا من العربات المدرعة المسلحة، ولديهم أيديولوجيات متنوعة أغلبها له علاقة بجماعة الإخوان المسلمين والقوى الدولية التي تساندهم.
المجموعات المسلحة
للمجموعات المسلحة في مصراتة أسماء عديدة منها المرابطين والصمود وحطين وكتيبة المرسي ولواء المحجوب والقوة الثالثة وطاجين وشريخان ولواء الخلبوص التي تعد من أكبر المجموعات المسلحة وكان يقودها الفريق محمد الحداد رئيس الأركان في حكومة الدبيبة منتهية الولاية.
عرقلة الحلول
لقد كانت تلك المجموعات المسلحة باختلاف أيدلوجيتها سببا مباشرا في عرقلة كافة الحلول السياسية وشكلت أجزاء من القوة القاهرة التي عرقلت المشهد الانتخابي وأعادت العملية السياسية في ليبيا إلى المربع الأول، ولذلك سوف أحاول في المقال المقبل أن أتناول بعض تلك المجموعات المسلحة وتبعيتها وتأثيرها على الأزمة في ليبيا.