رأي

محمد جبريل العرفي يكتب.. المبعوث الأفريقي (ولد لبات) يستنسخ الأسلوب الفاشل لحوارات الأمم المتحدة

قبلنا المبادرة الأفريقية عام 2011، لكن الغرب أوعز لعملائه بعدم قبولها، وطردوا اللجنة الرئاسية من بنغازي. غسان سلامة أيضاً أبعد لجنة الاتحاد الأفريقي برئاسة الرئيس الكونجولي (ساسو انجيسو) الذي تشرفنا بلقائه عام 2017 ببرازافيل ضمن وفد المجلس الأعلى للقبائل والمدن الليبية.

الموريتاني محمد ولد لبات مبعوث الاتحاد الأفريقي، افتتح مهمته بالسير بالطريق المسدود الذي سلكته الأمم المتحدة في الحوار.

وهذا متوقع بحكم نشأته، كان قيادة للحزب الشيوعي الموريتاني، عمل مخبراً للسلطات، وعندما تبنى حزبه مع القوى السياسية الأخرى مناهضة الحركة الداعية لرفض تعليم اللغة العربية في المدارس، وضد السياسات الأمريكية والفرنسية والإسرائيلية. كان ولد البات وراء التقارير التي أدت إلي اعتقال زعيم الحزب (محمد ولد سميدع) وآخرين من نفس التيار، اختاره اليسار الفرنسي المتصهين لتوفده للدراسات العليا شركة (ميفرما) المملوكة لعائلة (روتشيلد) اليهودية، كانت تكرس الرق وتمارس السخرة، إلى أن ثار عليها الشعب الموريتاني وأممت في عهد الرئيس الراحل ولد دادا.

المخابرات الخارجية الفرنسية (DGSE) والمخابرات العسكرية الفرنسية (DRM) تسعى دائما لتجنيد الطلاب عملاء لها، فمثلاً الذين برزوا في المشهد الليبي منذ 2011 من بعض الليبيين الدراسين والمقيمين في فرنسا تدور حولهم شبهات أنهم مجندون من المخابرات الفرنسية.

عاد صاحبنا إلى بلاده، ودفعت به المخابرات الفرنسية وزيراً للخارجية في عهد معاوية ولد الطايع الذي نصبه ميتران بعد أن أطاح بولد هيدالة.

دائماً هناك سماسرة يتصيدون العمل كمبعوثين للمنظمات الدولية، يوهمون الدول والحكومات والمنظمات بخبراتهم المزيفة، فلا مشروع لود البات، سوى خدمة خدمة المصالح الاستعمارية والثقافة الفرنسية، فهو فرانكفوني ضد التعريب ويساري متصهين.

ثم دفعت به فرنسا مستشاراً لرئيس المنظمة الفرنكوفونية، الرئيس السنغالي عبدو ضيوف، ثم رئيساً لمكتب المنظمة في تشاد ليلتقي مع موسي فكي الرئيس الحالي لمفوضية الاتحاد الأفريقي.

عينه موسى فكي ممثلاً للاتحاد الأفريقي في رواندا، ثم مستشاراً خاصاً لرئيس المفوضية للشؤون الإستراتيجية.
حاول ود لبات التدخل في قضية أفريقيا الوسطي 2018- 2019، ليسهم في مبادرة السودان لحل الأزمة. لكن اعتراض الروس لدي الرئيس توادورا قضى على أحلامه هناك.

تولى رئاسة وفد وساطة الاتحاد الأفريقي للسودان، ليعد الوثيقة الدستورية، التي حكى عنها بنرجسية في كتابه (السودان على طريق المصالحة).

تم تعيينه المدير التنفيذي لمفوضية الاتحاد الأفريقي ملغياً أدوار مفوضيات الاتحاد الأفريقي ذات العلاقة، مثل ما سبق وأن ألغى دور مجلس الأمن والسلم الأفريقي برئاسة الجزائري إسماعيل شرقي.

فشله في السودان ماثل للعيان. ولكونه يساريا متصهينا فقد اقنع رئيس المفوضية قبول دولة الصهاينة عضواً مراقباً بالاتحاد، لكن تصدي جنوب أفريقيا والجزائر وبعض الدول الأخرى أدى لتأجيله.

اليوم يجهز ولد البات لاجتماع تحضيري هذا الأسبوع بطرابلس لما سُمي «بمؤتمر المصالحة»، سائراً على نفس النهج الذي انتهجته بعثة الأمم المتحدة في تنظيمها لحوارات شكلية دعت لها شخصيات من قبلها وأقصت الأطراف الفاعلة على الساحة الليبية.

تلك الحوارات مجرد غطاء صوري لفرض حكومة لخدمة مصالح القوى الأجنبية، ولنا في حكومات الصخيرات وجنيف خير دليل، حيث زادتا في الانقسام بين الليبيين وأهدرتا الموارد وعكفتا على خدمة مصالح الدول الكبرى واسترضائها على حساب مصلحة ليبيا وشعبها. من الخطأ أن يتبنى الاتحاد الأفريقي هذا النهج الذي أثبت فشله، والذي ربما يفضي إلى تشكيل حكومة – نعلم جيدا أن الاتحاد الأفريقي لا يملك القدرة على فرضها، لإدراكنا أن الاتحاد الأفريقي يهدف لاستقرار ليبيا وأمنها وسيادتها ويسعى لعودتها دولة فاعلة في محيطها الإقليمي!.

وهذا لن يتأتى إلا باحترام رادة الشعب الليبي في بناء ليبيا الجديدة على أسس الديمقراطية الحقيقية والعدل والتسامح دون إقصاء أو تهميش.
ولضمان نجاح جهود مفوضية الاتحاد الأفريقي في رعاية مؤتمر للمصالحة الوطنية، نقترح أن يؤسس المؤتمر على الآتي:
مشاركة جميع الأطراف الفاعلة على أن تختار ممثليها في هذا المؤتمر دون وصاية من أحد.

دعوة أطراف محايدة لبلورة مشروع وطني للمشاركة بمندوبين مثل: أساتذة الجامعات، المجلس الأعلى للقضاء، المجالس الاجتماعية والقبلية، الأحزاب السياسية المعتمدة، النقابات العمالية والمهنية، والمنظمات الأهلية.

ألا يركز المؤتمر على تقاسم السلطة، بل تحديد ملامح الدولة الليبية. أن تشرك فيه اللجان المختصة من مفوضيات الاتحاد الأفريقي والبرلمان الأفريقي.

إسناد الترتيب لانعقاد المؤتمر وإدارته ومتابعته، لشخصية أفريقية مرموقة من أمثال الرئيس الكونجولي، وإبعاد صغار الموظفين من أمثال الفرنكوفوني المتصهين ولد البات.

أن يتم عقد المؤتمر في مكان آمن للجميع، وبعيد عن سطوة الميليشيات.

بعد الإطلاع على المقال يمكنك متابعة مركز العرب على فسيبوك  وتويتر وشاهد قناتنا على يوتيوب

اظهر المزيد

موضوعات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى