محمد جبريل العرفي.. الشركات الأمنية هدم لإحدى ركائز الدولة وشرعنة لاستمرار الميليشيات وتوظيف المرتزقة
جماعة الإخوان تنظيم باطني يهدف لهدم أركان الدولة الثلاثة، فمنذ تسللها إلينا بداية هذا القرن، سعت لشيطنة الأجهزة الأمنية ووصفها بالأجهزة القمعية البوليسية، وتم تجريدها من أسلحتها، وتثبيط الروح المعنوية لأعضائها، لأنها فككت تنظيم الإخوان وحاربت تنظيمات الزندقة، واعترضت على الإفراج عنهم، رحم الله خليفه حنيش صاحب مقولة: «إذا أفرجت عنهم فاحفر قبر والدك وقبرك أنت وقبري بينكما»، لكن المضحوك عليهم بالطاءات الأربع (الطيبة والطهقة والطلاءات والطموح) لم يستمعوا للنصيحة.
بعد 2011 جرت محاولات لتدجين القوات المسلحة بإنشاء الحرس الوطني ومنح رتب للميليشياويين المجرمين وتكليفهم مناصب ليسوا أهلا لها، ولكن العقيدة الوطنية للقوات المسلحة أجهضت الخطة.
الأجهزة الأمنية – في أي دولة – لا ترتبط بالنظام السياسي، فمثلاً استمر قادة الأجهزة الأمنية من العهد الملكي يعملون في الثورة إلى حين وفاتهم أو تقاعدهم، من أمثالهم الوزري والشيخي والشيباني والدرسي والتهامي والغالي وبن عمران…. وغيرهم. هدف الأجهزة الأمنية المحافظة على الوطن ومنع تمكين أعدائه من اختراقه، وحماية المجتمع من الظواهر الهدامة كالمخدرات والمؤثرات العقلية، ومقاومة التنظيمات المنحرفة، التي تستهدف سلب عقول الشباب، وواجبها أيضاً توجيه المسؤولين إلى السياسات الناجعة التي تحافظ على سلامة الوطن. بدأت الخطة الإخوانية بتشكيل اللجان الأمنية التي مارست التعذيب والتنكيل بكل من يشتبه فيه أنه مضاد لمشروع جماعة الإخوان، واستولت على أرشيف الدولة وعبثت به، ونصبت نفسها جسما فوق القانون بل إن بعض الأحكام القضائية والقوانين صدرت تحت فوهات البنادق، وأشهرها حكم المحكمة الدستورية، وحصار المؤتمر الوطني بمائتي تابوت لإصدار قانون العزل وقبلهما توقيع مصطفى عبد الجليل على قانون إعفاء الميليشيات من جرائمها.وجرت عملية تصفية ممنهجة لاغتيال الكوادر الامنية.
قبل الاجتياح كان ضباط الأمن – وخاصة الأمن الخارجي – يتم انتقاؤهم من المتفوقين في الجامعات، ويفرزون بدقة، ويتم تدريبهم في أرقى المؤسسات الأمنية في الداخل والخارج، ولهذا استطاعت الأجهزة الأمنية الليبية أن تواجه أعتى مخابرات العالم، وأقوى التنظيمات الإرهابية وتنتصر عليهما. لدرجة أنها اكتشفت عام 2008 عملية تجنيد MI6 لرئيسها فبلغت عنه وتم إبعاده عنها. هذا الأجهزة الكفؤة والمحترفة والوطنية لا تروق لجماعة الإخوان، فبدأت تصفية الكفاءات الأمنية أو تهميشها أو التضييق عليها لتطفيشها، وإحلال عناصر غير كفؤة وغير مؤهلة وغير مدربة بديلاً عنها، فرأينا القفز على الرتب العسكرية، لخلق قيادات أمنية ضعيفة وخانعة لإرادة جماعة الإخوان، ورأينا مناصب في أجهزة أمنية يتم شراؤها بالملايين، ورأينا مسؤولا أمنيا كبيرا يعمل بمعدل يومين داخل ليبيا وبقية الأسبوع خارجها.
آخر ما تفتقت عنه العقلية الإخوانية هي الشركات الأمنية، وهذه خطة لشرعنة الميليشيات الأمنية، وفق القانون التجاري ليسمح لها بتشكيل ميليشيات أمنية واستيراد الأسلحة والمعدات الأمنية، بما فيها معدات التجسس ومكافحة التجسس والرصد والتعقب، وستخول بحماية المؤسسات والمنشآت والشخصيات والضيوف، وهذه ثغرة لشرعنة توظيف المرتزقة الأجانب والمافيا الدولية، وللتدخل الأجنبي في الأمن الليبي، وتستخدم هذه الشركات للقمع وتكميم الأفواه لصالح من يدفع، أي أن الأثرياء سيوظفون هذه الشركات بمقابل، لحماية احتكاراتهم والتجسس على خصومهم ومنافسيهم، وتستخدم في الابتزاز بالأشرطة الفاضحة مثل ما حصل مع دوغه وزيدان وبوسهمين وغيرهم، وما يحدث الآن في فيلل النوفليين من فجور ومخدرات وخمور، تفضي إلى صفقات، أمام عمليات الابتزاز يصبح كثير من المسؤولين أداة طيعة في أيادي الفاسدين، وفي النهاية تتحول الدولة إلى شرطي يحمي المحتكرين والمستغلين والفاسدين والعملاء، خطط الإخوان مكشوفة أمام كل ذي بصيرة مهما استخدموا من أساليب الباطنية أو التلون من خلال تنظيمات أخرى، أو مؤسسات رسمية، وهذا عامل فناء برنامجهم، فالشعب الليبي لن يصمت كثيراً. وآخرها حرب اليوم الواحد حيث وضحت الاصطفافات وتبدلت المواقف والمواقع، وبدأ إرهاصات للشروع في المقاومة مثلما كشف التاجوري المستور حول تدخل الأفريكوم لمنع القوات المسلحة من تطهير طرابلس من الإخوان والمقاتلة. والأسبوع الماضي شاهدنا اغنيوة يستهدف بيت مال الإخوان وينشر مقطعا عن الفساد بالمصرف المركزي وقيام المصرف بشراء أجهزة تجسس لإنشاء شركة أمنية لحماية فساده. كما تصدت العناصر الوطنية بوزارة الداخلية لمؤامرة الشركات الأمنية ونجحت إلى الآن في صدها، كادر الداخلية تجاوز 360 ألف عنصر فهل ليبيا بحاجة إلى شركات أمنية خاصة، أمام هذا العدد الكبير؟
الموقف يحتم دعم هذه المقاومة المتنامية لهيمنة الإخوان والمقاتلة، وإصدار تشريع يصنفهما تنظيمات إرهابية، وتشريع آخر يوقف جريمة إنشاء الشركات الأمنية، وإلا سنصبح كلنا رهائن لإرهاب جماعة الإخوان وأتباع بن لادن والمافيا الدولية.