إدريس إحميد يكتب.. ليبيا إلى أين بعد 73 عاما من الاستقلال؟
بعد مرور 73 عاما من الاستقلال في 24 -12-1951 ، والذي توج مسيرة طويلة من النضال في سياقين:
الأول:
نضال في وجه الاستعمار الإيطالي البغيض بمقاومة شديدة هو جزء مهم من تاريخ ليبيا الحديث، حيث بدأ هذا النضال منذ أن احتلت إيطاليا ليبيا في 1911 .
تاريخ تأسيس الدولة الليبية يعد تاريخاً معقداً ومتعدد المراحل التي شهدت تحولات كبيرة على مختلف الأصعدة السياسية والاجتماعية.
المراحل التي مرت بها ليبيا :
1. فترة ما قبل الاستعمار:
ليبيا قبل الاستعمار كانت تتألف من ثلاث ولايات عثمانية هي: طرابلس، وبرقة، وفزان. كانت هذه المناطق تحت السيطرة العثمانية منذ القرن السادس عشر، ولكنها كانت تعاني من ضعف السيطرة العثمانية الفعلية، وكانت تحكمها قبائل محلية.
2. الاستعمار الإيطالي (1911-1943):
في عام 1911، استولت إيطاليا على ليبيا بعد حرب ضد الدولة العثمانية، وأعلنتها مستعمرة. خلال هذا الاحتلال، تعرض الليبيون لسياسات قمعية وحروب، خاصة مع الثورة التي قادها المجاهدون الليبيون مثل عمر المختار.
انتهت السيطرة الإيطالية في عام 1943 بعد هزيمة إيطاليا في الحرب العالمية الثانية، وكان ذلك بتدخل الحلفاء (الولايات المتحدة وبريطانيا) الذين أخذوا على عاتقهم إدارة البلاد.
3. المرحلة الانتقالية (1943-1951):
بعد الحرب العالمية الثانية، كانت ليبيا تحت الإدارة البريطانية في الغرب (طرابلس) والإدارة المصرية في الشرق (برقة). بدأت الأمم المتحدة في تنظيم الاستفتاء لتقرير مصير ليبيا.
في 24 ديسمبر 1951، تأسست المملكة الليبية المتحدة بقيادة الملك إدريس السنوسي بعد اتفاق دولي على استقلالها، وكانت المملكة تشمل المناطق الثلاث: طرابلس، وبرقة، وفزان.
4. الملك إدريس السنوسي (1951-1969):
شهدت فترة حكم الملك إدريس تطوراً تدريجياً على مستوى الدولة، حيث تم تشكيل حكومة وطنية وصياغة دستور ليبي في 1951. ومع اكتشاف النفط في ليبيا عام 1959، بدأت البلاد تنعم بعائدات اقتصادية كبيرة.
رغم الاستقرار النسبي، كان هناك تزايد في الغضب الشعبي بسبب الفساد، والفجوة بين الطبقات الاجتماعية، والاتجاه نحو تحقيق الإصلاحات السياسية والاقتصادية.
5. ثورة 1 سبتمبر 1969:
يسميها البعض ثورة ويسميها الاخر. انقلابا ، حدث ذلك في 1 سبتمبر 1969، ووصل معمر القذافي ورفاقه الضباط الوحدويين الاحرار إلي السلطة ،
حكم القذافي البلاد لقرابة 42 عاماً في فترة مليئة بالتقلبات السياسية. كما تبنى القذافي سياسة متناقضة في علاقاته الدولية، بين التحدي للغرب واحتضان قوى معادية للولايات المتحدة وحلفائها.
6. المرحلة من (1969-2011):
في ظل عهد سبتمبر، مرت ليبيا بتغيرات كبيرة، مثل تبني السياسات الاشتراكية القوية، والابتعاد عن الديمقراطية البرلمانية. وفي السبعينات والثمانينات، دعم لبييا العديد من الحركات الثورية والتحررية في العالم.
مع بداية القرن الواحد والعشرين، شهدت ليبيا تحسناً في العلاقات مع الغرب بعد اتخاذ القذافي خطوات لتصفية برامج الأسلحة الكيميائية والنووية، مما ساعد في رفع العقوبات الاقتصادية.
7. ثورة 17 فبراير 2011:
في 17 فبراير 2011، اندلعت احتجاجات واسعة في ليبيا ضد حكم القذافي، بما يعرف بالربيع العربي ،مما أحدث انقسام في البلاد بين مؤيد ومعارض ، وانتشر السلاح واندلع قتال بين الليبيين
بعد أشهر من القتال العنيف، تدخّل حلف شمال الأطلسي (الناتو) بطلب من الأمم المتحدة لفرض منطقة حظر جوي . وفي 20 أكتوبر 2011، قتل معمر القذافي في مسقط رأسه سرت، ليُنهي بذلك حكمه الطويل.
5. المرحلة الانتقالية (2011-2014):
بعد سقوط النظام ، دخلت ليبيا في مرحلة انتقالية مليئة بالتحديات، حيث تنافست الميليشيات المسلحة على السلطة.
تم تشكيل حكومات متعددة، ولكن لم تستقر الأوضاع السياسية والأمنية، مما أدى إلى انقسام بين شرق وغرب البلاد.
6. حرب العاصمة (2019-2020):
في عام 2019، بدأت قوات الجيش الوطني الليبي بقيادة خليفة حفتر حملة عسكرية للسيطرة على العاصمة طرابلس، بعدما استطاع تحرير الشرق الليبي من التنظيمات الإسلامية ، وبسط الأمن والاستقرار
توقفت المعركة في طرابلس ، وتم توقيع اتفاقات هدنة وحوار بين الأطراف المتنازعة.
7. الاتفاق السياسي (2020-2024):
في 2020، تم التوصل إلى اتفاق سياسي بين الفرقاء الليبيين، بدعم من الأمم المتحدة، لتشكيل حكومة وحدة وطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة ، ومجلس رئاسي بقيادة محمد المنفي .
هذا الاتفاق أتاح فترة من الاستقرار النسبي، ولكن ما زالت التحديات السياسية والأمنية قائمة.
((لماذا لم تستقر البلاد ))
بعد 14 عاما ، من الثورة يتساءل الكثيرون عن أسباب عدم استقرار ليبيا،والعودة لبناء الدولة والاستفادة من أهم الأسسس التي وضعتها المملكة .
مابعد إعلان التحرير في 20-10-2011 ، تم رفض حل المليشيات وتسليم السلاح ، بل اسست مليشيات جديدة .
وافشلت اول تجربة ديمقراطية في تاريخ ليبيا ، وتحديدا انتخابات
المؤتمر الوطني العام في 7-7-2012،
وكذلك رفضت نتائج انتخابات البرلمان في 2014 ،بعد خسارة الإخوان والمتحالفين معه .
واندلعت الاشتباكات بين المليشيات واحرقت الطائرات في مطار طرابلس ، واصبحت الاشتباكات مزامنة في العاصمة والمنطقة الغربية .
زادت التدخلات الإقليمية والدولية سياسيا وعسكريا .
كانت ليييا على موعد بناء على اتفاق دولي ، لاجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية في 24 ديسمبر 2021 ، سجلها فيها مايقارب من ثلاثة ملايين ناخب ، ومائة مترشح رئاسي، ولكنها اجهضت بسبب التدخلات الأجنبية وتحديدا الولايات المتحدة الأمريكية، مما يؤكد الرغبة في إبقاء ليبيا في حالة الفوضي .
(( الاقتصاد والموارد الطبيعية ))
على الرغم من امتلاك ليبيا لثروات نفطية هائلة، فإن الاقتصاد الليبي يعاني من فساد إداري وغياب تنمية مستدامة. الاعتماد الكبير على النفط جعل البلاد عرضة لأزمات اقتصادية عند توقف الإنتاج أو تقلبات أسعار النفط.
كما أن توزيع الثروة بين المناطق المختلفة كان دائمًا مصدرًا للجدل، مما يزيد التوترات الداخلية.
فشلت الأمم المتحدة من خلال ” 8″ مبعوثين ، وكان افضل انجاز هو اتفق الصخيرات 2015 ، واتفق جنيف 2021 ، وحلولهما المؤقتة .
وفشلت الولايات المتحدة الأمريكية وتحديدا ، إدارة بايدن الذي إطلاق العشرية لحل الأزمة الليبية، واتضح بأنها تعطيل للحل واستمرار الأوضاع كما هي عليه ، نظرا لانشغالها في ملف أهمها الصراع في اوكرانيا .
اما المسار السياسي الليبي بين مجلسي النواب والاعلى للدولة ، فقد شهد سجالات وخلافات ، وحين حدث اتفاق في ابوزنيقة المغربية في يونيو 2023 ، حول شروط الانتخابات ، حدث صراع داخل مجلس الدولة بين مؤيد ومعارض للاتفاق ،
ومما زاد في تشظي المجلس هو الخلاف حول نتيجة انتخاب رئيس المجلس .
((الخلاصة ))..
الطرق للاستفادة من هذه الذكرى:
1. إحياء الهوية الوطنية:
هذه المناسبة تعد فرصة لإعادة التأكيد على الهوية الوطنية الليبية وتعزيز الشعور بالانتماء والوحدة بين المواطنين، خاصة في ظل التحديات الحالية. يمكن من خلال الفعاليات الثقافية والإعلامية استعراض تاريخ الاستقلال وأهمية السيادة الوطنية.
2. تعزيز الوعي التاريخي:
يمكن استغلال هذه الذكرى لتثقيف الأجيال الجديدة بتاريخ ليبيا والاستقلال، مما يعزز الفهم الجماعي للقيم التي قامت عليها الدولة الليبية الحديثة، مثل الحرية والسيادة.
3. تعزيز الحوار الوطني: يمكن تنظيم فعاليات وندوات حول الماضي السياسي لليبيا وتاريخ الاستقلال، والتركيز على أهمية تحقيق التوافق الوطني وبناء الدولة الحديثة التي تحترم حقوق الإنسان وتضمن العدالة والمساواة.
4. إحياء التراث الثقافي:
يمكن استغلال هذه المناسبة لإبراز التراث الثقافي الليبي من خلال مهرجانات وفنون متنوعة، مما يعزز التنوع الثقافي ويوفر مساحة للثقافات المحلية للتعبير عن نفسها.
5. الدعوة للتنمية:
بمناسبة مرور 73 عامًا على الاستقلال، يمكن أن تكون هذه فرصة للتركيز على أهمية التنمية المستدامة، وفتح حوار حول كيفية تحسين الوضع الاقتصادي والاجتماعي في البلاد، وطرح الحلول للتحديات الحالية.
6. تعزيز العلاقات الدولية: يمكن لليبيا استغلال هذه الذكرى لتعزيز علاقاتها الدولية، من خلال تذكير المجتمع الدولي بمسار الاستقلال والسيادة، ولتعزيز الشراكات السياسية والاقتصادية مع الدول الأخرى.
7. إحياء الأمل في المستقبل: في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها ليبيا، يمكن أن تكون هذه الذكرى فرصة للتركيز على الأمل والطموح نحو مستقبل أفضل، مع تعزيز مفهوم التعايش السلمي وتحقيق الاستقرار والازدهار.
بعد الإطلاع على المقال يمكنك متابعة مركز العرب على فسيبوك وتويتر وشاهد قناتنا على يوتيوب