ليبيا في أسبوع.. حكومة جديدة تلوح في الأفق والأزمات تدفع باتيلي على الرحيل
القاهرة – عبد الغني دياب
منذ غرقت الدولة الليبية في أزمتها السياسية وهى تحاول الخروج إلى براح الاستقرار والهدوء، إلا أنه يبدوا أن هذا الحلم بعيد المنال على الليبيين في ظل تنامي الصراعات السياسية والقبلية، وانتشار الفوضى الأمنية، وعدة قدرة النخب السياسية في البلاد صياغة حلول توافقية تأخذ البلاد بعيدا عن مستنقع الفساد الحالي.
حالة عدم التوافق أجبرت المبعوث الأممي إلى ليبيا عبد الله باتيلي لإعلان استقالته أمام مجلس الأمن الدولي، خلال تقديمه لإحاطة عن آخر تطورات الأوضاع، والتي أكد فيها أن جميع القادة الليبيين يرفضون المضى قدما نحو الانتخابات، ويضعون عراقيل أمام أي محاولة للحل، مشيرا إلى أن البعض يطالب بحكومة جديدة، بينما آخرون يطالبون بدستور جديد، وفريق ثالث يطالب بتوسيع دائرة التفاوض، وكلها محاولات اعتبرها باتيلي عرقلة للانتخابات.
حكومة جديدة تلوح في الأفق
في خضم كل هذه الخلافات صرح المستشار الإعلامي لرئاسة مجلس النواب فتحي المريمي، “أن عددا من المترشحين لرئاسة الحكومة الجديدة تقدموا بملفات ترشحهم إلى رئيس مجلس النواب المستشار عقيلة صالح، وفق الشروط المتوافق عليها مسبقا بين مجلسي النواب والدولة”.
وذكرت مصارد إعلامية أن رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، استقبل خلال الأيام الماضية ملفات مستوفي الشروط لشغل منصب الحكومة الموحدة القادمة، مشيرة إلى أن هناك “ضغطا دوليا على حكومتي عبد الحميد الدبيبة، وأسامة حماد، لتسليم السلطة لحكومة جديدة تشرف على الانتخابات”.
وبيّنت المصادر، أن “الترشح لمنصب رئيس الحكومة لن يكون مقتصرًا على المترشحين من مدينة مصراتة”.
وكانت عُقِدت في العاشر من شهر مارس الماضي، جلسة حوارية بين رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي ورئيس مجلس النواب عقيلة صالح ورئيس المجلس الأعلى للدولة محمد تكالة، بدعوة من الأمين العام لجامعة الدول العربية، حيث اتفق المشاركون فيها على ضرورة تشكيل حكومة موحدة وتوحيد المناصب السيادية بما يضمن تفعيل دورها المناط بها على مستوى الدولة الليبية.
مرشحين للحكومة الجديدة
ونقلت منصات ليبية محلية عددا من الأسماء قالت إنهم مرشحين لشغل منصب رئيس الحكومة المقبلة، منهم : “العارف النايض، محمد المزوغي، خالد الأسطى، خالد كعيم، وفضيل الأمين، فايز السراج، عبدالحكيم بعيو، محمد المرغني، أحمد معتيق، عصام بوزريبة، علي ساسي، الصديق الكبير، فتحي الدلعوب، فيصل قرقاب “.
ومن جهته قال عضو مجلس الدولة الاستشاري فتح الله السريري، إن الحكومة الجديدة ستكون مصغرة ومحدودة العدد وتشمل الحقائب السيادية فحسب، لافتا إلى أن هناك خارطة للسلطة التنفيذية توافق عليها المجلسان بأن يتحصل المترشحون لرئاسة الحكومة على 20 تزكية من مجلس الدولة أولا، ثم يقوم مجلس النواب بمنح الثقة لرئيسا الحكومة الذي يتولى تشكيلها دون تدخل المجلسين مع مراعاة التوزيع الجغرافي.
وأضاف أن الحكومة الجديدة ستكون لمدة زمنية محددة ببرنامج معين لتسيير الأمور اليومية دون ترتيب أي التزام داخلي أو دولي، على أن تتعهد الحكومة بأولوية دعم الانتخابات التشريعية والرئاسية وفق مخرجات لجنة 6+6 والعمل الجاد لإنجازها.
وقال عضو مجلس الدولة إنهم طالبوا عقيلة بإحالة ذلك رسميا لرئاسة المجلس وأعضاء مجلس الدولة لنبدأ التنفيذ الفوري لهذه الخارطة.
أزمة استقالة باتيلي
وتأتي هذه التحركات بينما أزمة استقالة المبعوث الأممي في ليبيا عبدالله باثيلي، لا تزال قائمة خصوصا أنه أوضح أن الاستقالة بسبب ما وصفه بـ “أنانية” القادة الليبيين وتفضيلهم المصلحة الشخصية على مصلحة بلادهم ما نجم عنه شعور المسؤول الأممي بالإحباط جراء الوضع السياسي في البلاد.
وجاءت الاستقالة بعد 18 شهرا من توليه المنصب فيما شدد الدبلوماسي السنغالي المخضرم على أنه بذل قصارى جهده لحل القضايا الرئيسية التي تعرقل العملية السياسية في البلاد وهي إنهاء الخلافات بشأن القوانين الانتخابية وتشكيل حكومة موحدة ووضع البلاد على مسار الانتخابات.
وقال:”محاولاتي قوبلت بمقاومة عنيدة وتوقعات غير معقولة ولامبالاة بمصالح الشعب الليبي. لا يوجد إرادة سياسية وحسن نية فضلا عن أن الزعماء الليبيين سعداء بالمأزق الحالي.”
ولم يكن باثيلي أول مبعوث أممي في ليبيا يقدم استقالته إذ سبقه المبعوث الأممي إلى ليبيا يان كوبيش الذي قدم استقالته بصورة مفاجئة عام 2021 فيما يسلط ذلك الضوء على المهمة الثقيلة التي تواجه البعثة الأممية في ليبيا التي تأسست عام 2011 للمساعدة في تسهيل العملية السياسية التي من شأنها أن تؤدي إلى انتخابات وطنية وبرلمانية بعد فترة فوضى أعقبت الإطاحة بنظام معمر القذافي.
وقبل ذلك، استقال غسان سلامة من منصب المبعوث الأممي إلى ليبيا عام 2020، لكنه عزا ذلك إلى أسباب صحية، قائلا في حينه: “حاولت على مدار عامين إعادة توحيد الليبيين وكبح التدخل الأجنبي… لكن لأسباب صحية، لم يعد بإمكاني الاستمرار وفي تعليقه، قال جلال حرشاوي، المتخصص في الشأن الليبي والزميل المشارك في “المعهد الملكي للخدمات المتحدة”، إن الأمريكية ستيفاني خوري، نائبة رئيس البعثة الأممية في ليبيا، ربما تتولى المنصب بشكل مؤقت.
ونقلت فرانس برس عن حرشاوي قوله “لكن بدون الدعم الكامل من مجلس الأمن الدولي، فإن خوري قد تكون عاجزة عن تحقيق ما يمكنها تحقيقه”.
ويقول خبراء إنه رغم الدعم الأممي الكامل، إلا أن تأثير المبعوث الخاص ظل محدودا في ليبيا لسنوات في ظل الانقسام والتناحر السياسي التي تئن تحت وطأته البلاد وهو ما نجم عنه وجود حكومتين متنافستين الأولى حكومة معترف بها من قبل الأمم المتحدة برئاسة عبد الحميد دبيبة وتتمركز في طرابلس والثانية بشرق البلاد بقيادة أسامة حماد المدعوم من الجنرال خليفة حفتر.
الفراغ السياسي
وفي تصريحات تلفزيونية رأت فيرجيني كولومبييه، الأستاذة في جامعة لويس الإيطالية، أن استقالة باثيلي “لن تترك أثرا كبيرا على أرض الواقع”.
وأضافت كولومبييه، التي شاركت في تأليف كتاب “العنف والتحول الاجتماعي في ليبيا”، أنه خلال العام الماضي “ركز باثيلي على نوع من الدبلوماسية المكوكية في محاولة لإقناع الأطراف الرئيسية بالاجتماع معا لإجراء محادثات رفيعة المستوى، لكنه
وأشارت إلى أن الاستقالة من شأنها أن تفاقم الفراغ الدبلوماسي الحالي في البلاد في ظل عدم طرح أي مبادرة سياسية حقيقية خلال الأشهر الاثني عشر الماضية.
ويتفق في هذا الرأي تيم إيتون الزميل الباحث في المعهد الملكي البريطاني للشؤون الدولية “تشاتام هاوس”، قائلا: “واجه باثيلي عملية سياسية متعثرة للغاية، ولا يبدو أن هناك آمال كبيرة بشأن إحراز أي تقدم خاصة في سياق رغبته في التوصل إلى اتفاق بين الخمسة الكبار”.
بعد الإطلاع على المقال يمكنك متابعة مركز العرب على فسيبوك وتويتر وشاهد قناتنا على يوتيوب