هل مصير ليبيا إلى الانتخابات أم الحرب ؟
إن توصيف الحرب الأهلية في ليبيا ليس في محلّه، ويعبّر عن قراءة خاطئة للأوضاع السياسيىة لأن غالبية الشعب الليبي مهمشة، وليست معنيّة بالحروب في الوقت الحالي، وليست بينها مشاكل تدعو إلى رفع السلاح ضد بعضهم .
في هذا قال الكاتب الصحفي والباحث السياسي المتابع للشأن الليبي أحمد عرابي إنه قد أصبح من الصعب إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية في ليبيا في هذا العام الجاري أو حتى العام القادم ، بسبب عدم سعي جميع الأجسام السياسية في البلاد إلى الوصول إلى الاستحقاق الانتخابي فيما يتبادل بعض المرشحون المتنافسين والكيانات السياسية المتنافسة للاتهامات إذ يتهم كل الآخر بتعطيل العملية الانتخابية أو استغلالها لمصلحته الخاصة للبقاء في السلطة، هذا وقد أصرت القوى الدولية المطالِبة بالانتخابات وكذلك الأمم المتحدة المتمثلة في بعثتها للدعم لدى ليبيا على موقفها بضرورة إجراء الانتخابات في أقرب وقت ، فيما لم تعلن أي موعد محدد لإجراءها .
اقرأ أيضا: أحمد عرابي: ضغط دولى علي الأطراف الليبية لإنهاء الأزمة السياسية
ويرى الباحث السياسي أحمد عرابي أن مستشارة الأمين العام للأمم المتحدة بشأن ليبيا، ستيفاني خوري، تحاول إنقاذ خارطة الطريق من خلال عقد لقاءات مع الأطراف السياسية في شرق البلاد وغربها بتحريك الركود السياسي المستمر منذ فترة، فالليبيين أنفسهم قد فقدوا الثقة بالكامل في الطائفة السياسية كاملةً ، والجماعات المسلحة المتحالفة معهم، والمرتزقة في البلاد ، فهم يرون أن الساسة والمسلحين لا يرغبون في التوقف عن نهب ثروات ليبيا، مشيرا إلى أن ذلك الأمر أصبح جليا في الفترة الأخيرة بعد تدني مستوى الخدمات الأساسية للمواطن البسيط كإنقطاع الكهرباء ونقص السيولة المادية في المصارف واستمرار تكدس المواطنين أمام المصارف، وهو الأسوأ من نوعه خلال السنوات الماضي.
الليبيين يفقدون الأمل في أن بلادهم ستتحرر من الفساد والنفوذ الأجنبي والأجندات الخارجية، وبأن الجماعات المسلحة سيتم توحيدها بالرغم من السعي المتكرر لذلك، والمرتزقة أيضاً ، والمسلحين الأجانب سينسحبون من كامل التراب الليبي، فالمواطن محروم من الخدمات العامة الأساسية، في الوقت الذي لا يتم فيه توزيع عائدات قطاع النفط والغاز بالشكل المناسب للشعب، لكن بشكل يحابي الأجسام السياسية المختلفة، والجماعات المسلحة التابعة لهذه الكيانات، وهو ما يشكل سرقة لثروات ليبيا لحساب أشخاص وكيانات بعينها.
عرابي أوضح إنه منذ عقد مضى ظهرت الكثير من شائعات عدة عن حرب قريبة ومرتقبة وهناك الكثير من الشخصيات والتيارات السياسية في ليبيا تقوم بتذكية هذه الشائعات وتدعمها فعلاً، وبعيداً عن تحذيرات المبعوثين الأممين إلى ليبيا المتكررة من سقوط البلاد في الإنقسام طويل الأمد، فقد شكّك البعض الأخر من حدوث أي حروب في الفترة الوجيزة القادمة بالرغم من الاشتبكات المتكررة التي تحدث بين الحين والآخر في المنطقة الغربية في بعض المدن منها مدينة الزاوية، فيما لا تقتصر أحاديث إندلاع حرب داخلية في ليبيا مرة أخرى على أشخاص بعينهم بل تتبناها حسابات وصفحات عدّة على مواقع السوشيال ميديا، لكنها تظل مجرد هواجس وتوقعات غير مستندة على حقائق بعينها وفق ما أراه إذ لم يتم التدخل الخارجي فكل هذه الأنواع من التدخل المباشر تجعل الأمور صعبة للغاية، وما أطلبه من مجلس الأمن، وما أطالب به هذه البلدان المتدخلة في الشأن الداخلى للبلاد جميعها هو الابتعاد عن ليبيا فهناك ما يكفي من السلاح ، ولا يحتاج الليبييون إلى المزيد من الأسلحة، كما أن هناك ما يكفي من المرتزقة في الداخل، لذا توقفوا عن إرسال المرتزقة والأسلحة المستمرة حتى الآن، فالحروب والقاتل في ليبيا صناعة أجنبية بإمتياز منذ أن شن الحلف الأطلسي حربه على ليبيا في 2011 ، مستخدماً أدوات ليبية عميلة، جنّدها للعمل لحسابه منذ سنوات طويلة، بما في ذلك التنظيمات الإسلامية المتطرّفة والإرهابية، ثم تركها تعيث فسادًا في ليبيا فما يحدث من قتال متكرر بين الجماعات المسلحة في غرب ليبيا لا يمكن تسميته بالحرب الأهلية، وإنما هو صراع على النفوذ والنهب الممنهج لخزائن الدولة، وزادت وتيرته مع وجود الفاسد المستشري.
كما قال الكاتب والباحث السياسي إن المتوقع في المرحلة المقبلة يتمثل في بقاء الوضع الراهن في ليبيا على ما هو عليه والذي يضمن للغرب مصالحه باستمرار هيمنته على القرار السياسي والاقتصادي والمالي للبلاد .
بعد الإطلاع على المقال يمكنك متابعة مركز العرب على فسيبوك وتويتر وشاهد قناتنا على يوتيوب