رأيطبيةمجلة العرب

ليلى موسى تكتب.. كوباني في الذكرى العاشرة لتحريرها تواجه العدوان التركي

في الوقت الذي تحتفل بها الإنسانية جمعاء بتحرير كوباني من رجس إرهاب تنظيم داعش. حيث توحدت قوة الخير والمحبة والسلام في مواجهة الشر. هذه المدينة التي قدمت نموذجاً للتعايش المشترك والأخوة الإنسانية وقيم التسامح والمحبة ووحدة المصير. هذه المدنية التي أثبتت للبشرية جمعاء أن لا صوت يعلو صوت الحقيقة والعدالة.

حيث قدم كوبانيون وآخرون من وأخوتهم في الإنسانية دروساً في المقاومة والبطولة. إذ لا قوة تقهر قوة الإرادة والعيش بكرامة.

اقرأ أيضا: د. ليلى موسى تكتب.. أحداث القيصري حصاد ثقافة الكراهية

تنظيم داعش الذي تلقى الدعم اللامحدود من بعض القوى والدول على كافة الصعُد إلا أنه لم يتمكن من قهر إرادة أهالي كوباني، بل على العكس فقد اصرار الكوبانيين وقوة إيمانهم بالحرية ورفض الاستعباد. ونالوا بذلك احترام المجتمع الدولي وتقديره. ولأول مرة تتأسس شراكة استراتيجية مع مقاتلين محليين مؤمنين بالحرية والعيش المشترك والديمقراطية مع تحالف دولي يتضمن أكثر من 80 دولة بقيادة أمريكا.

بهذه الشراكة والمقاومة الأسطورية امتزجت دماء بنات وأبناء كوباني وأخوته حول العالم. كوباني اليوم تجسيد فعلي للهوية العالمية العابرة للحدود والأعراق والمعتقدات والمذاهب ولقبول الآخر والعيش المشترك. كوباني هوية وقبلة الإنسانية.

بهذا الانتصار المظفر في مواجهة الإرهاب والتطرف. تحولت كوباني إلى نموذج لسوريا الأم. سوريا التي لا يمكن إدارتها إلا بإرادة أبنائها، وترفض الخضوع للهيمنة والإملاءات والوصاية الخارجية. وإن سوريا بذلك تكون منفتحة للحوار والتعاون والعيش مع دول الجوار على أساس العيش المشترك.

بهذه الفلسفة والمقاربة قدم أهالي كوباني رؤيتهم لمستقبل سوريا. وإن كوباني ستكون مقبرة الغزاة مهما طال الزمن.

كوباني بمواقفها الوطنية والإنسانية وقفت حجر عثرة أمام المشاريع التوسعية الاحتلالية التي سعت وتسعى للنَيْل من الإرادة السورية.

ففي الوقت الذي استبشر فيه السوريون خيراً بميلاد جديد لسوريا… سوريا لكل السوريين وبعيداً عن الإقصاء والتهميش. جددت تركيا عداءها للسوريين والإنسانية مرة أخرى من بوابة كوباني بعد فشلها في تحقيق مآربها عبر تنظيم داعش الإرهابي.

عبر إطلاق تهديدات مستمرة بشن عملية عسكرية واحتلالها. وعلى هذا الأساس منذ 8 ديسمبر\كانون الأول تشن تركية حرباً شعواء على سد تشرين وأرياف كوباني وقد باءت جميع محاولات بالفشل.

استنشاق أهالي كوباني لنسائم الحرية دفعتهم إلى القيام بدوريات مناوبة على سد تشرين بدروع بشرية في مواجهة الإرهاب التركي. وفي مواجهة تنفيد جميع الادعاءات التركية والصاقها تهم الإرهاب بقسد. في رسالة واضحة بأن قوات سوريا الديمقراطية هي الشعب. والشعب هو قوات سوريا الديمقراطية.

يبدو أنّ تركية وفق سياساتها البراغماتية في محاولات بائسة منها. وبعد ما جوبه طلبها بالرفض وهو تسليمها عناصر تنظيم داعش وعوائلهم، تحاول بكل السبل ومن خلال فرض الوصاية التي تسعى فرضها عبر الإدارة الجديدة عبر طرح استلام إدارة السجون والمخيمات. في وقت السوريون بحاجة فيه إلى حوار وطني وعملية انتقال سياسي شامل

لا تخفى على أحد أهداف تركية التوسعية واستغلالها لحالة الفوضى وعدم الاستقرار، فهي طالما استغلتها لتحقيق مكتسبات أخرى على حساب القضية السورية ومصلحة الشعب السوري.  حيث تعمل بكل السبل على  استمرار اللعب على الوتر القومي وتأليب بعض الشخصيات من المكون الكردي ودفع البلاد نحو حرب أهلية. والاستثمار مرة أخرى بورقة الإرهاب مجدداً لخدمة أجنداتها في سوريا ودول المنطقة.

عمق العلاقات التاريخية بين مكونات المجتمع السوري أكبر بكثير من العبث بها وتحويرها. هذه العلاقة التي تضرب بجذورها في عمق التاريخ والتي تأسست على أساس المصير المشترك ووحدة الهدف، هي التي ستُفشِل المساعي التركية الجديدة مثلما أفشلت مساعي سلطات دمشق في انتفاضة قامشلو 2004 والتركي بعد 2011. حيث لم ولن تتمكن من النيل من العلاقة الأخوة الكردية العربية.

كوباني في الذكرى العاشرة لتحرير الإنسانية وإعلاء كلمة الحق. ماضية في رسالة الإنسانية (الوجود واللاوجود) وهذا الإرث والميراث الحضاري يتطلب اليوم أكثر من أي وقت مضى الحفاظ عليها وتنميتها انطلاقاً من المسؤولية الأخلاقية والضرورة التاريخية. كوباني سرمدية المقاومة والحياة والوحدة والعدالة.

 

بعد الإطلاع على المقال يمكنك متابعة مركز العرب على فسيبوك  وتويتر وشاهد قناتنا على يوتيوب

اظهر المزيد

موضوعات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى