في ظل استمرار الحرب..شمال قطاع غزة يموت جوعا
تقرير : ثائر نوفل أبو عطيوى ، مدير مركز العرب للأبحاث والدراسات في فلسطين
في ظل استمرار الحرب المسعورة والعدوان الغاشم على قطاع غزة للشهر العاشر على التوالي ، ووسط القصف والمجازر والقتل والتدمير والنزوح والتشريد، يخرج الجوع من شمال قطاع غزة ليعلن الموت البطيء إثر نقص الغذاء والطعام منذ شهر مايو – آيار الماضي ، بسبب منع الاحتلال الإسرائيلي إدخال المساعدات الإنسانية والبضائع إلى شمال القطاع، ووفق الاحصائيات الموثقة فإن (3,500) طفل معرّضون للموت بسبب سوء التغذية ونقص الغذاء على مستوى قطاع غزة بشكل عام ، والذي لشمال غزة النصيب الأكبر من هذا العدد الكبير.
اقرأ أيضا: فلسطين في أسبوع.. تحقيق يؤكد فشل جيش الاحتلال في 7 أكتوبر والأنروا تحذر من مصير فتيان غزة
قالت الناشطة النسوية المجتمعية د. “منال نجم” من سكان شمال قطاع غزة ،أنها لم تقم بالنزوح إلى جنوب القطاع ، وبقيت في منزلها حالها حال سكان الذين تبقوا في شمال قطاع غزة، حيث مازالت تواجه العدوان بصمود المرأة الفلسطينيةمن جهة ، وتواجه شبح الموت البطيء بسبب الجوع ومنع إدخال البضائع الغذائية والمساعدات الإغاثية ، حيث أوضحت أنها لم تتذوق الطعام لمدة أسابيع متتالية هي وأسرتها وجيرانها ، وكان الاعتماد على الخبز الذي لم يتوفر في معظم الأحيان بسبب شح الدقيق ومنع دخوله من الاحتلال ولعدم وجود المواد اللوجستية للطهي مثل الحطب والغاز والماء.
وأوضحت ” نجم” أن رائحة الموت التي تعج بالمكان من فوهة الدبابات وقصف الطائرات لا تقل بشاعة عن حرب الابادة الجماعية من خلال تجويع المواطنين العزل الأبرياء والذين جلهم من الأطفال والنساء وجعلهم يموتون جوعا أمام ومرأى العالم ، دون رادع للاحتلال.
وأضافت ” نجم” أنه وفي ظل استمرار الحرب والعدوان واستمرار إغلاق المنافذ والمعابر البرية يواجه شمال قطاع غزة الموت جوعا ، حيث لا طعام ولا شراب ولا أدنى مقومات الحياة الإنسانية التي تساعد الإنسان على الصمود للعيش يوما اخر ، نظرا لعدم توفر السلع الغذائية وارتفاع أسعارها الباهظ في حال توفر القليل منها.
وطالبت ” نجم” المجتمع الدولي في ضرورة تحمل مسؤوليتاته الأخلاقية قبل القانونية من أجل إنقاذ شمال قطاع غزة المحاصر والمعزول عن القطاع منذ شهر مايو – أيار الماضي ، لعدم دخول البضائع والمساعدات إليه ، حتى يتمكن أهالي شمال قطاع غزة من إنقاذ أرواحهم من الموت جوعا ، وخصوصا إنقاذ أطفالهم ونسائهم والكبار في السن والذين معظهم من المرضى ويحتاجون إلى رعاية غذائية خاصة ضمن أنواع معينة من الأغذية.
وأما الناشطة النسوية المجتمعية ” آمال الغليظ” من شمال قطاع غزة فقالت : إن النقص الشديد والحاد في المواد الغذائية في شمال غزة أدى عودة شبح الموت جوعا للمرة الثانية ، حيث تم ظهور بعض الأمراض بسبب نقص المناعة بسبب نقص الأغذية الصحية التي يحتاج لها فئة معينة من أهالي شمال قطاع غزة مثل الأطفال والنساء الحوامل وكبار السن من المرضى، إضافة إلى نقص الأوزان بشكل مخيف وكبير عند كافة فئات المجتمع في الشمال من شيب وشباب وأطفال ونساء ، حيث ملامحهم الجسدية قد تغيرت كثيرا وكأنهم جاءوا من عصور قديمة ، فنقص الوزن غير أشكال المواطنين في شمال قطاع غزة وجعلهم يكبرون في العمر سنوات ، فملامح الوجوه الشاحبة من شدة الجوع ، جعلتهم في انتظار الموت فرادى وجماعات.
وأضافت ” الغليظ” أن شمال قطاع غزة منذ حوالي الشهرين لازال يعاني من عدم دخول المساعدات الإنسانية والبضائع والخضروات والفواكه، إضافة إلى شح المياه وعدم توفر غاز الطهي، الواقع الذي يجعل الأمر أكثر تعقيدا ومأساة ، لأن هناك أطفال ونساء وحوامل ومرضى بحاجة إلى غذاء حتى لو كان شبه صحي ، لأنه وبالكاد في اليوم الواحد الحصول على وجبة غذاء واحدة حتى في أفضل حال مكوناتها نوع وصنف واحد من المعلبات التي تكفي إلا وجبة لفرد واحد فقط.
وأعربت ” الغليظ ” عن حزنها الشديد نتيجة نقص الغذاء وبكاء الأطفال الصغار الذين ينظرون لآبائهم بتوسل من أجل توفير لهم أقل القليل من الطعام ، وفي المقابل نجد أن الآباء عاجزين ويتضرعون حزنا أيضا على حال وواقع أطفالهم الصغار.
وأكدت ” الغليظ ” أنه من الضروري الضغط على دولة الاحتلال الاسرائيلي من كافة دول العالم ، من أجل رفع الحصار عن شمال قطاع غزة والادخال الفوري والسريع للمساعدات الإغاثية الإنسانية وتوفير كافة البضائع التي يحتاجها المواطنين في شمال القطاع حتى لا يموتوا جوعا.
وفي ذات السياق قالت الناشطة النسوية المجتمعية ” عصمت زايد” من شمال قطاع غزة، والنازحة أكثر من مرة إلى جنوب القطاع ومن ثم إلى وسطه ، أنها تكرس كل وقتها لسماع الأخبار الواردة ومن خلال النازحين الجدد القادمين من شمال قطاع غزة، حتى تطمئن على أهلها وجيرانها وأقاربها ، ولأنها لها التجربة الأولى مع المجاعة في شمال قطاع غزة سابقا في منتصف الحرب ،قبل شهر مايو – أيار المنصرم ، حيث التجربة الثانية لعودة المجاعة لشمال القطاع ، حيث لا طعام ولا شراب لأيام وليس ليوم واحد ، حيث يعتاش أهالي شمال قطاع غزة على الأعشاب وحشائش الأرض ،وهذا في وقت لاحق لعدم توفر رغيف الخبر ولا الدقيق ، حيث كان الوضع مأساوي لدرجة لا يتصورها العقل من شدة الجوع ، حيث صراخ الأطفال وبكاء الحوامل وأنين المرضى من كبار السن الذين بحاجة للطعام والدواء معا.
وأوضحت “زايد” أنه وبرغم الإنزال الجوي للمساعدات الإغاثية الإنسانية من الدول العربية الشقيقة من مصر والأردن والإمارات مشكورة إلا أنها لا تكفى بالكاد لعدة أسر وأفراد ، بل من الضروري زيادتها، ولا بد من فتح المعابر والمنافذ البرية التي تعمل على دخول أكبر عدد ممكن من المساعدات الإنسانية بدلا عن الإنزال الجوي الذي يحتاج جهدا وتكلفة تضاهي دخول المساعدات برا أكثر بكثير.
وأضافت ” زيد” إن حجم المأساة والمعاناة كبير جدا في شمال قطاع غزة حيث لا يتوفر إلا القليل من الأغذية وذات النوع الواحد ، ولا تتوفر معظم الأنواع الغذائية التي يحتاجها الأطفال والمرضى والنساء الحوامل مثل المكملات الغذائية والصحية، إضافة إلى شح هذه الأصناف ، فإن حجم الأسعار مرتفع جدا ، والقدرة الشرائية للمواطن شبه معدومة ،نظرا للغلاء الفاحش ، وعدم دخول المساعدات الإنسانية الاغاثية.
وطالبت ” زايد” الدول العربية الشقيقة الداعمة لشعبنا الفلسطيني مشكورة بتكثيف الدعم وزيادة حجمه وأن تتوفر في المساعدات الإنسانية الأنواع التي يحتاجها الأطفال والنساء من الأطعمة الغذائية حتى تعزز بقائهم على الحياة يوما آخر .
مازال شمال قطاع غزة يواجه شبح الموت جوعا للشهر الثاني والنصف على التوالي وسط تشديد الحصار من الاحتلال الاسرائيلي وعدم دخول المساعدات الإنسانية والبضائع والأطعمة الغذائية، ومازال سكان شمال قطاع غزة يأكلون ما تيسر من القليل من الخبز ضمن وجبة في اليوم الواحد ،لكي تسد رمق جوعهم وتعزز صمودهم بالبقاء على قيد الحياة، في ظل حرب الإبادة الجماعية للشهر العاشر على التوالي.
بعد الإطلاع على المقال يمكنك متابعة مركز العرب على فسيبوك وتويتر وشاهد قناتنا على يوتيوب