محمود النشيط يكتب.. سياح من المدينة المحرمة شرقاً حتى قصر الحمراء غرباً
إعلامي بحريني متخصص في الإعلام السياحي

على مدى الأشهر الماضية ولله الحمد والمنة توفقت في زيارة عدة دول سياحية في الشرق والغرب، وفي أغلب جولاتي أهتم بالأمور الدقيقة التي تتعلق بالخدمات السياحية المقدمة إلى السياح خاصة في المواقع التي تشهد حضور سياحي مكثف على مدار العام، كمتابعة الإجراءات بشكل عام من وقت الحجز حتى الوصول إلى الموقع، والخدمات مع التسهيلات المقدمة حتى وقت الخروج من الموقع.
سوف أطرح هنا مقارنة بين المدينة المحرمة الواقعة شرقاً في مدينة بكين الصينية، وقصر الحمراء الواقع غرباً في مدينة غرناطة الإسبانية والموقعان تم تسجيلهما على قائمة التراث العالمي في اليونسكو الأول عام 1987 والثاني 1984، وبعدد سياح متفاوت نوعاً ما حيث أن الموقع الصيني يزوره حوالي أكثر من 15 مليون زائر، بينما الموقع الإسباني حوالي 2.7 مليون زائر علماً بأن الموقعين يشترط دخولهما الحجز الإليكتروني المسبق مع ضرورة وجود جواز السفر عند الدخول إلى الجولة مع تشديد أمني وانتشار مكثف في كل زاوية من الموقعين.
المدينة المحرمة بنيت في الفترة بين 1406 – 1420 في عهد أسرة مينغ وكان الغرض منها إقامة مركز للحكم الإمبراطوري بحجم ضخم جداً يضم 980 مبنى.
أما قصر الحمراء فقد بني في القرنين 13 و 14 في عهد الدولة النصرية الإسلامية كقصر وحصن ومركز للحكم الإسلامي في الأندلس وهو متوسط الحجم مقارنة بالموقع الصيني لكنه متنوع من حيث التدرجات والمناظر مع وجود مرشدين سياحيين بمختلف اللغات والإنجليزية هي اللغة الشائعة.
في المدينة المحرمة يمنحك المكان الشعور بالعظمة الإمبراطورية والانضباط الصيني، والتنظيم الدقيق الذي يجذب السياح من خلال البنية المعمارية المتقنة لتاريخ الامبراطوريات،
بينما في قصر الحمراء يتداخلك شعور بالروحانية مصدره الجمال والإنسجام مع الطبيعة والزخارف الإسلامية التي تعتلي كل الأبنية الواقعة وسط الحدائق الساحرة التي لم تنتهي حتى بعد سقوط الأندلس وبقيت شاهدة في الغرب.
الجهود الحكومية جبارة وواضحة في الجانبين لأن تبقي هذه المواقع السياحية شاهدة على فترة زمنية معاصرة لتساهم في رفد الاقتصاد الوطني حالياًمن خلال توافد السياح من مختلف دول العالم.
السياحة الشرقية والغربية، ومعهما الأوسطية سياحة زاخرة بالمواقع التي تستحق الزيارة، والتي تتطلب عمل دراسة معمقة من قبل القائمين على السياحة في دولنا لمعرفة أسباب هذا النجاح الباهر الذي يجعل ملايين السياح تتوافد عليها سنوياً وتصرف آلاف الدولارات لزيارتها. هذا النجاح بفضل الجهود الحكومية للمحافظة عليها واعتبارها إرثاً تراثياً وحضارياً يمتد من هذه الأرض للعالم لتحكي قصص تاريخية عظيمة تستحق أن يفخر الجميع بها بدل إهمالها وتعرضها للإندثار بفضل عوامل التعرية التي فشلت في سحق المواقع في الصين واسبانيا وغيرها من دول العالم رغم مرور القرون على بنائها.
بعد الإطلاع على المقال يمكنك متابعة مركز العرب على فسيبوك وتويتر وشاهد قناتنا على يوتيوب