رأي

د. محمد جبريل العرفي يكتب.. الدعوة إلى إدخال تعديلات لإزالة مفخخات مشروع الرئاسي لقانون المصالحة

لكي لا يصبح المشرع الليبيى محللًا لتمرير مؤامرة إفقار ليبيا، وجب الأخذ في الاعتبار جهود الخبراء الوطنيين الذين درسوا مشروع القانون المقدم من الرئاسي وأوصوا بالتعديلات الضرورية.
إن إصرار رئاسي المقاتلة على تمرير القانون (المفخخ)، دون تعديل، وتنظيم لقاء بتونس يوم 2024.12.6 برئاسة الهولندية (ماريا ستوفريجن) مسؤولة ملف حقوق الإنسان في بعثة (الحكم)، حضره أعضاء من مجلس النواب ومجلس الدولة وبعض القانونيين، والتصويت على إقراره، أمور تدعو إلى الريبة لتمرير مؤامرة من بعض المستوطنين اليهود والإيطاليين والمتصهينين الليبيين وبقايا الاستغلاليين، لنهب مدخرات ليبيا وإفقارها، مستغلين الوضع الهش الذي تعيشه ليبيا، في ظل سلطة مستعدة للتفريط في كل شيء من أجل بقائها على الكرسي.

اقرأ أيضا: ليبيا في أسبوع.. البرلمان يقر قانون المصالحة ومطالب برحيل الدبيبة بسبب التطبيع

لكن الأمل في أعضاء مجلس النواب الوطنيين في ألا يتحولوا إلى (محللين) لتمرير هذه المؤامرة، وأن لا يرضوا بعار البصم على مشروع قانون يقدم لهم جاهزًا ومقرًا من أفراد غير ذوي صفة، وجهاتٍ ليست لها علاقة بسن قانون لليبيين بعضها أجنبي، وبسياق يختلف على السياق المتبع في في عرض مشاريع القوانين…
المحركون الثلاثة المصرون على تمديد الوعاء الزمني للقانون بغرض فتح ملفات أقفلت بحكم الواقع ونصوص القوانين:
أولهم المستوطنون من اليهود الليبيين الذين أغوتهم الدعاية الصهيونية بالهجرة إلى فلسطين فخرجوا بإرادتهم، وبمساعدة بريطانيا قبل قيام الدولة الليبية عام 1951، وقاموا بطرد الفلسطينيين واحتلوا أراضيهم وصادروا ممتلكاتهم، كما تسلل الموساد لصفوف المتظاهرين الغاضبين عام 67 ليحرقوا محلات اليهود لدفع القلة الباقية للهجرة، حيث طلب حينها رئيس الطائفة اليهودية (ليللو أربيب) من رئيس الوزراء الليبي السماح لليهود بمغادرة ليبيا “تخوفًا من أية أعمال انتقامية”.
أواخر القرن الماضي عرض حل أن يسلم المستوطنون أملاك الفلسطينيين ويعوضوهم، مقابل أن يعودوا كمواطنين ليبيين يدينون باليهودية، تطبق بشأنهم التشريعات الليبية ومنها القانون رقم 62 لسنة 1957بشأن مقاطعة (إسرائيل).
ثانيهم المستوطنون الطليان، هذا الملف تم قفله بمعاهدة الصداقة والشراكة والتعاون الموقعة بين البلدين 2008 التي نصت على الاعتذار لنا وتعويضنا عن فترة الاحتلال.
ثالثهم بقايا الاستغلاليين الليبيين الذين استعيدت منهم الثروة التي نهبوها من الليبيين بقوانين العدالة الاجتماعية، الذين تم تعويضهم ثلاث مرات، أولها أثناء تنفيذ القوانين، وثانيها 2005، من خلال لجنة برئاسة أمين العدل وقتها، وثالثها بعد 2011،
فهل يطمعون في تعويض رابع؟
هل يدرك من يفتح هذا الملف سعة الشرخ الاجتماعي الذي سيصنعه؟ وهل تنطلي كذبة رجال أعمال بينما جلهم سراق وحذاق استولوا على ثروة النفط؟ وهل يسعى لاستقوائهم على الليبيين مرة أخرى بعد أن تم تجريدهم من سلاح المال؟
الممارسة أثبتت أن طغمة رشوة جنيف مستعدة للتفريط في كل شيء والتحالف مع الشيطان لأجل البقاء بكرسي السلطة، بما فيها تمكين المستوطنين الإيطاليين واليهود من نهب ثروة أجيالنا، وإعادة تحويلنا إلى مجتمع طبقي، والارتماء في حضن الأعداء، وتوظيف ما جرى بسوريا لاستنساخ التجربة بليبيا.
إن الهدف المخفي ليس المصالحة بين الليبيين، فالليبيون برهنوا على أنهم متصالحون أكثر من مرة، منها موقفهم من جريمة اختطاف أبو عجيلة المريمي، وسلوكهم بكارثة فيضان الجبل الأخضر، حيث شاهدنا فزعة الليبيين ووقوفهم جنبا لجنب لمواساة أشقائهم، ورأينا من كانت تفصل بينهم المتاريس يتشاركون سويًا في الإنقاذ، ويستشهدون سويًا في درنة.
المصالحة الشاملة تحتاج إلى دولة مستقرة قادرة على جبر الضرر وإنفاذ القانون، أما الذي يجري بموضوع المصالحة فمجرد بازار للسمسرة، أو أداة للعمالة، وباب للإفقار.
المصالحة شقان (سياسية واجتماعية)، فالمصالحة السياسية تتحقق بإرجاع الأمانة لأصحابها، وترك الليبيين يقررون مصيرهم، ويختارون شكل نظام حكمهم بإرادتهم الحرة.
الواجب الآن هو الشروع في مصالحة مجتمعية، لتسهيل وتأمين عودة النازحين والمهجرين، وتمكينهم من استرداد ممتلكاتهم، وإصلاح ذات البين في الأخطاء الشخصية (غير المؤسسية) بالوسائل العرفية.
هذا ممكن ومفيد وضروري وعاجل، لأنه يقلل الاحتقان، ويطمئن الخائفين والمغرر بهم الواقعين تحت سيطرة إعلام الفتنة، وأدوات التجنيد ومطبلي الاقتتال.
هذا النوع من المصالحة ممكن البدء فيه بالمناطق المؤمنة بالتعاون بين لجان الصلح الاجتماعي والقوات المسلحة والأجهزة الأمنية والأداة التنفيذية، بأن تحدد كل تركيبة اجتماعية، أو بلدية النازحين والمهجرين، وأصحاب المظالم، لتعالج كل حالة منفردة.
أنصح من يرفع لواء المصالحة، أن يبدأ بهذا لأنه أسهل وأفيد ويعزز الثقة، ويمهد للمصالحة الشاملة، ويساعد في منع الاقتتال، ويصنع سمعة طيبة للقادة الاجتماعيين المصلحين.
الليبيون الآن أيتام لا يوجد من يدافع عن مستقبل أجيالهم، الأمر يتطلب إدارة قوية ومنحازة للأجيال القادمة، مثل تلك التي قلمت أظافر الاستغلاليين، وتفاوضت بحرفية حول لوكربي، وحققت الاعتذار والتعويض من الإيطاليين، هذا المسؤولية تقع الآن على عواتق الوطنيين بمجلس النواب ومجلس الدولة الذين تهمهم مصلحة أجيالهم، أما المرتشون والمحتمون بالأعداء للبقاء في الكراسي فلا يعول على مواقفهم.
أهم تعديلين نصح بهما الخبراء الوطنيون على مشروع القانون: أولهما أن تسند مهمة المصالحة إلى الجهة التشريعية، لأنها تمثل كل الليبيين، بينما طرف في الصراع،
وثانيهما أن يبدأ تنفيذ القانون من 2011.11.15 لقفل الباب في وجه المؤامرة التي يخطط لها المستوطنون الصهاينة والإيطاليون، والمستغلون الليبيون، وقفل باب الابتزاز واستنزاف ثروات الليبيين.

بعد الإطلاع على المقال يمكنك متابعة مركز العرب على فسيبوك  وتويتر وشاهد قناتنا على يوتيوب

اظهر المزيد

موضوعات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى