رأي

قاسم صنبير يكتب.. العرب والفرصة السانحة

بعد نهاية ما عرف بالحرب الباردة وتفكك الاتحاد السوفيتي عندما بدأ الرئيس السابق للاتحاد السوفيتي غورباتشوف بإصلاحات سميت بالبرسترويكا والقلاس نوست انهار الاتحاد الروسي بسببها وتفككت جمهورياته وتقلص دور الاتحاد، عندها نشط الغرب سياسيين ومفكرين خاصة في أمريكا، وبرز الطرح الذي يقول بتربع أمريكا على زعامة العالم، وانتهت الحرب الباردة، وشربت الأنخاب على نهاية الاتحاد السوفيتي، وضجت وسائل الإعلام المختلفة بهذا الخبر، هنا ألِّفت الكثير من الكتب والأفلام والروايات على حدث عظيم يعتقده البعض، في مقدمتهم كتب الرئيس الأمريكي الأسبق ريتشارد نيكسون بكتابه الشهير “الفرصة السانحة” أي الفرصة للهيمنة على العالم طوال القرن الواحد والعشرين، هكذا تمكنت الولايات المتحدة الأمريكية في تولي إدارة العالم، وبطريقة الكاوبوي الأمريكية قامت الحكومات الأمريكية المتعاقبة على تنفيذ الأجندة الأمريكية باختلاق المبررات للتدخل في شؤون الدول ونهب مواردها، وتم ذلك في عدد من الدول، وأسقطت حكومات وقتلت وشردت شعوبا باسم حقوق الإنسان ونشر الديمقراطية والتدخل الإنساني وكلها أسباب واهية وكاذبة لتبرير التدخل.

كان التدخل في العراق وحشد التحالف ضدها وشن حرب ضروس على العراق ما أسفر عن احتلال العراق وإسقاط نظامه وتدمير بنيته التحتية ونهب آثاره واغتيال قادته وعلمائه، المبرر كان كذبة امتلاك العراق للسلاح الكيماوي، وتبين بعد ذلك أنها كذبة، وأغرقت العراق في الوحل إلى يومنا هذا، ولا حتى اعتذار، كأن من مات ومن تشرد ومن أصيب ليسوا ببشر، وهكذا تم في ليبيا بحجة أن القذافي يقتل شعبه، كذبة روجها الإعلام الغربي من خلال عملائه استدعت أمريكا الناتو (الحلف الأطلسي) أكثر من أربعين دولة جيشت لتدمير ليبيا وإسقاط نظامها الوطني واغتيال زعيمها وقادتها، وشردت الشعب وأغرقت هي أيضاً في الوحل حتى هذه الساعة، والرئيس الأمريكي الأسبق أوباما

قال إنه ندم على التدخل في ليبيا، أيضاً كأن الذين ماتوا وجرحوا وتشردوا ليسوا ببشر، والأمثلة كثيرة على السياسة الأمريكية الاستعمارية بعد ما سمي بانتهاء الحرب الباردة، لكن يبدو أن التوازن الدولي اختل مرة أخرى، وهذه المرة لن تتفرد أمريكا بالعالم، سيكون هناك أقطاب، والعالم بعد أوكرانيا ليس العالم قبلها، ويلاحظ التخبط وعدم الوضوح وعدم القدرة على اتخاذ المواقف فيما بين التحالف الغربي ضد روسيا، وربما سينفرط هذا التحالف وإلا ستنهار بعض دول أوروبا، ولا يمكن أن تستقر بدون الغاز الروسي، والبدائل بعيدة ولا تحقق الغرض، وبداية السقوط سقوط حكومة جونسون في بريطانيا، وأعتقد أن هذا بداية انفراط السلسلة.

السؤال المهم: أين العرب من هذه التغيرات المذهلة التي تحدث في العالم؟ لعلها الفرصة السانحة لهم للملمة أنفسهم والتنسيق في المواقف وإعادة ترتيب أنفسهم واستخدام سلاح النفط ليكونوا الأقوى في طاولات التفاوض وانتزاع حقوقهم كاملة، بل المؤثرين في الوضع الدولي الراهن.

لن تعود الهيمنة الأمريكية التي لم تكن يوماً لصالح العرب، حتى الدول العربية التي كانت على علاقة ممتازة مع أمريكا كانت أمريكا تبتزها وتسخرها لمصالحها.

الفرصة فعلاً سانحة إذا فكر العرب بالعقلية البراغماتية وعقلية المصلحة، الفرصة جداً سانحة لو توحدنا في الرأي.

وهذا الدور يمكن أن تلعبه مصر بزعامة السيسي والسعودية بزعامة ولي العهد الشاب الطموح، الفرصة سانحة لتعبئة الرأي العام العربي، الفرصة سانحة بكل ما تحتاجه من إمكانيات بشرية أو مادية ومكانة جغرافية.

العالم اليوم يتشكل من جديد والتفكير يجب أن ينصب في أين سيكون مكاننا، لو فاتتنا هذه الفرصة سنبكي، ولن نورث للأجيال القادمة وطنا، الفرصة سانحة للعودة من جديد وتأخذ الأمة العربية مكانتها بين الأمم.

بعد الإطلاع على المقال يمكنك متابعة مركز العرب على فسيبوك  وتويتر وشاهد قناتنا على يوتيوب 

اظهر المزيد

موضوعات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى