إدريس أحميد يكتب. عودة ترامب للبيت الأبيض وتداعياته على الاتحاد الأوروبي

عودة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى السلطة للمرة الثانية ، وهو يحمل افكار ورؤى قديمة ، لم يتسنى له تحقيقها في فترة الاولي.
وجديد مدفوعة بعنفوانه ومزاجيته المعهودة .
ملفات كبيرة واهمها العلاقة مع الاتحاد الأوروبي، وقد هددهم باجراءات قوية ، يراها فيها مصالح امريكية لا بد من تحقيقها، وبكل تأكيد هو يعرف مايريد ، والاوروبيون يدركون ذلك .
اقرأ أيضا: السعودية في أسبوع.. ولي العهد يلتقى الرئيس السوري الجديد وترامب قد يلتقى بوتين في المملكة
*أوروبا وامريكا ارتباط وتحالف عميق *
الاتحاد بين أوروبا وأمريكا يُعتبر تحالفًا عميقًا من الناحية السياسية والاقتصادية والثقافية. يعود هذا الارتباط إلى عدة عقود من التعاون الوثيق، ويشمل المجالات العسكرية، الاقتصادية، والأمنية، بالإضافة إلى القيم المشتركة مثل الديمقراطية وحقوق الإنسان.
1- السياسة والأمن:
التحالف بين أمريكا وأوروبا يعد جزءًا أساسيًا من المنظمات الدولية مثل حلف شمال الأطلسي (الناتو). هذه المنظمة تلعب دورًا حيويًا في ضمان الأمن في المنطقة عبر التعاون العسكري وتبادل المعلومات الاستخباراتية.
2- الاقتصاد:
الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي يعدان أكبر الاقتصادات في العالم، وهم تجاريًا يتبادلان بشكل مستمر المنتجات والخدمات. الاتفاقيات التجارية بين الطرفين، مثل اتفاقيات التجارة الحرة والاستثمار، تعزز هذا التعاون الاقتصادي.
3-القيم والمبادئ:
هناك تقارب ثقافي وقيمي بين أوروبا وأمريكا، حيث يشتركان في دعم الديمقراطية، حرية التعبير، وحقوق الإنسان. هذا التعاون يشمل المجالات الثقافية والتعليمية والعلمية أيضًا.
4-التحديات المشتركة:
يواجه الطرفان تحديات مشابهة مثل قضايا تغير المناخ، الإرهاب، والأزمات الإنسانية، مما يعزز من تعاونهما في إيجاد حلول عالمية لهذه المشكلات.
على الرغم من بعض التوترات أو الخلافات أحيانًا بين الدول الأوروبية والولايات المتحدة، إلا أن العلاقة بينهما تظل قوية ومؤثرة على الصعيدين الإقليمي والدولي.
* لغة المصالح لا تعترف بالتحالفات *
أن لغة المصالح في السياسة الدولية قد تتغلب أحيانًا على التحالفات التقليدية مثل الناتو. فعلى الرغم من التعاون الوثيق بين أمريكا وأوروبا ضمن هذا التحالف العسكري، فإن المصالح السياسية والاقتصادية قد تخلق أحيانًا توترات أو تحديات بين الحلفاء .
خلال فترة ولايته الاولي اتسمت لهجة الرئيس ترامب تجاه الاتحاد الأوروبي بالتوتر في البداية بسبب موقفه الانتقادي من العديد من السياسات الأوروبية، مثل التجارة والهجرة والإنفاق العسكري. لكن مع مرور الوقت، تجنب التصعيد الكامل وركّز على إبرام اتفاقات ثنائية مع بعض الدول الأوروبية، وتحسين العلاقات في بعض المجالات رغم الخلافات. كانت السياسة الأمريكية تحت ترامب أكثر انفرادية وتركز على المصالح الوطنية أكثر من العمل الجماعي التقليدي مع الاتحاد الأوروبي.
*السياسة الأمريكية في العهدة الثانية *
اختلفت سياسة التعامل الأمريكية مع الاتحاد الأوروبي، بين ادارة الرئيس السابق “جو بايدن” ، التي عززت العلاقات والتحالف ، الاقتصادي والعسكري من خلال حلف الناتو ، وتحالفوا على روسيا الاتحادية في حرب ضد أوكرانيا، وإدارة ترامب التي أطلقت تعهدات تجاه العالم ، ومنها الاتحاد الأوروبي، هي نوع من الخيال ويصعب تطبيقها وسوف تجد معارضة من الكونغرس وتحديدا الديمقراطيين ، وبعض الجمهوريين .
إن تطبيق ترامب لسياسة “أمريكا أولاً” بشكل كامل سيصطدم بالكثير من التحديات، سواء في الداخل الأمريكي أو في العلاقات الدولية. في حالة التخلي عن الاتحاد الأوروبي أو تقليل التعاون مع حلف الناتو، سيواجه ترامب صعوبة كبيرة في مواجهة الصين بشكل فعال، حيث أن الحلفاء التقليديين مثل أوروبا يلعبون دورًا أساسيًا في مكافحة النفوذ الصيني. هذا قد يؤدي إلى تراجع مكانة أمريكا على الساحة الدولية وزيادة التحديات الاقتصادية والسياسية، مما يجعل من الصعب جدًا تنفيذ هذه التعهدات بدون إعادة النظر في الاستراتيجية الأمريكية الشاملة .
ويرى بعض المحللون على الرغم من سعى ترامب إلى إضعاف بعض جوانب العلاقة التقليدية مع الاتحاد الأوروبي من خلال السياسات الاقتصادية والضغط على الإنفاق الدفاعي في الناتو، فإن الإضعاف الكامل للاتحاد الأوروبي لم يكن هدفًا مباشرًا في حد ذاته. بدلاً من ذلك، كان هدفه هو تحقيق مصلحة الولايات المتحدة من خلال إعادة تقييم التحالفات وتقليص التزامات
أمريكا الدولية. وفي النهاية، الصين و روسيا قد يكونان أكبر المستفيدين من إضعاف التعاون بين أمريكا وأوروبا.
في هذا السياق عقد امس قادة الاتحاد الأوروبي اول اجتماع لهم ، منذ تولى الرئيس ترامب السلطة ،لمناقشة مستقبل العلاقات مع الإدارة الأمريكية، وتصريحات ترامب بضم “جزيرة “جرينلاد” الدانماركية .
واكد المفوضة الأوروبية” اورسولا فون دير لاين ” ،بإن الاتحاد الأوروبي يسعي لحوار بناء مع امريكا،وعبروا عن املهم في المحافظة على العلاقات التاريخية بين أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية.
لكنه لن يتردد بحزم لرد على عزم ترامب فرض رسوم جمركية على الصادرات الأوروبية
دونالد ترامب كان يميل إلى التعامل مع الدول الأوروبية بشكل فردي لأنه كان يعتقد أن هذا يوفر مرونة أكبر وفرصًا أكبر لتحقيق مصالح الولايات المتحدة. هذا النهج يعكس فلسفته في السياسة الخارجية التي تهدف إلى تحقيق نتائج مباشرة وملموسة لكل دولة، مع الضغط على الدول الكبرى مثل ألمانيا و المملكة المتحدة لتقديم تنازلات تخدم المصالح الأمريكية.
وسوف يواجه الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو ، صعوبات مالية و اقتصادية وفي مجال الطاقة ، التي كانت تتزود بها من روسيا الاتحادية ، وقاطعتها وفرضت عقوبات عليها ،
إن تعهدات ترامب تجاه العالم، بما في ذلك السياسة الخارجية و الاقتصاد الدولي، تحمل في طياتها فرصًا وتحديات كبيرة. العواقب الاقتصادية لهذه السياسات قد تتراوح بين تحفيز النمو المحلي في بعض المجالات إلى تهديد الاستقرار الاقتصادي العالمي في حال فشلها أو في حالة تفاقم النزاعات التجارية والجيوسياسية. في النهاية، يظل العالم يترقب تأثيرات تلك التعهدات على الاقتصاد العالمي، وتداعياتها التي قد تكون غير متوقعة في ظل التغيرات الجيوسياسية المستمرة.
الخلاصة :
ترامب، مثل أي رئيس أمريكي، كان لديه القدرة على تنفيذ العديد من تعهداته، خاصة تلك التي يمكن تنفيذها بمرسوم رئاسي أو تلك التي تتوافق مع الأغلبية في الكونغرس. ولكن بعض تعهداته، خاصة في مجالات مثل السياسة الخارجية أو القوانين الكبرى، كانت مقيدة بالتحديات السياسية، القانونية، والاقتصادية. وبالتالي، على الرغم من محاولاته الجادة، كانت هناك حدود لما يمكن تحقيقه بالكامل، خاصة في القضايا التي تتطلب توافقًا أوسع أو استجابة من جهات أخرى
وقد تنتهي مدة ولايته أو متغيرات اخري لم تكن في الحسبان .