الكويت في أسبوع .. تعهدات حكومية لبناء عهد جديد من الاستثمار المستدام ومبادرات ذكية لتحسين الفرص

شهدت الساحة الاقتصادية الكويتية تحركات واسعة خلال الأسابيع الأخيرة، حيث تطمح الدولة لبناء عهد جديد من الاستثمارات المستدامة، تتبنى تحولات اقتصادية تضمن توسعات في القطاعات غير النفطية، بما يحقق رؤية الدولة 2035، والتي تعد بتطورات اقتصادية تعود بالنفع على المواطنين وتتعامل بحكمة تضمن استدامة المواد في البلاد.
في هذا الإطار نظّمت هيئة تشجيع الاستثمار المباشر في دولة الكويت (KDIPA) بالتعاون مع منصة The Business Year ملتقى “الكويت: عهد جديد 2025” الرفيع المستوى، والذي شكّل محطة بارزة للإطلاق الرسمي لتقرير The Business Year: Kuwait 2025، أحدث إصدارات السلسلة السنوية التي تسلّط الضوء على المشهد الاقتصادي في البلاد. وقد جمع الملتقى نخبةً من القيادات الحكومية، والرؤساء التنفيذيين، وأبرز الشخصيات الاقتصادية، ضمن نقاشات استراتيجية تناولت سُبل تسريع التحول الاقتصادي في الكويت، من خلال جذب الاستثمارات، وتنويع مصادر الدخل، وتعزيز مرونة القطاع الصناعي.
وشهدت الفعالية كلمات افتتاحية بارزة من معالي السيد خليفة عبد الله العجيل، وزير التجارة والصناعة في دولة الكويت، الذي قال: “نحن ملتزمون بتسريع وتيرة التنمية الاقتصادية وتحقيق رؤية كويت 2035 من خلال تعزيز الخدمات الرقمية، وتفعيل الشراكة بين القطاعين العام والخاص، ومواءمة جهودنا مع التوجهات الاقتصادية العالمية”.
اقرأ أيضا: السعودية في أسبوع.. توسيع الطرق المبردة لخدمة الحجاج وكشف بترولي مشترك مع الكويت
سياسات اقتصادية طموحة لتسيهل بيئة الأعمال
وفي سياق متصل قال وزير التجارة والصناعة الكويتية خليفة العجيل، إن الحكومة تعمل على تنفيذ سياسات اقتصادية طموحة تهدف إلى إعادة هيكلة الاقتصاد الوطني وتحقيق التنوع وتسهيل بيئة الأعمال، بالإضافة إلى توسيع قاعدة المشاركة ورفع كفاءة الإدارة المالية للدولة.
جاء ذلك، في كلمة ألقاها الوزير العجيل خلال افتتاح مؤتمر «استراتيجية الكويت الاقتصادية الجديدة 2025» الذي تنظمه هيئة تشجيع الاستثمار المباشر بالتعاون مع مجموعة «ذي بزنس يير» ويشارك فيه نخبة من القيادات الاقتصادية وصناع القرار من مختلف القطاعات داخل الكويت وخارجها، ويستمر ليوم واحد، وفقا لوكالة الأنباء الكويتية.
وأضاف أنه في ضوء هذه السياسات الاقتصادية تجلت مجموعة من القوانين والتشريعات المنجزة من قبل الحكومة مؤخرا مثل قانون الدين العام، الذي يهدف إلى ترشيد أدوات التمويل ودعم الاستدامة المالية للدولة وكذلك قانون المطور العقاري الذي سينقل القطاع العقاري والمصرفي والاستثماري إلى مراحل جديدة من النمو والتطور.
مبادرات ذكية لتحسين فرص الاستثمار
ولفت العجيل إلى المبادرات والمشاريع النوعية التي أُطْلِقَت مؤخرا مثل مشروع (الرخصة الذكية) ونظام (دمج الرخص المكتبية) وتعديلات قانون الشركات، والتي تعكس سياسات تطوير وتحسين بيئة الأعمال في الكويت مؤكدا أن «هذه الإصلاحات الحكومية انعكست على كافة المؤشرات الاقتصادية للدولة».
وبين أنه قبل إقرار هذه الإصلاحات شهد الناتج المحلي نموا ملحوظا بنسبة 4% في القطاعات غير النفطية وهو ما يشير إلى بداية فعلية في تنويع مصادر الدخل وتقليل الاعتماد على الموارد التقليدية.
وذكر العجيل أن «الحكومة تتطلع إلى تحسين هذه المعدلات خلال عام 2025 والأعوام المقبلة». مضيفا: «إننا أمام فرصة تاريخية لنقل الكويت إلى مرحلة جديدة من النمو والإنتاجية والشراكة».
وعلى صعيد الاستثمار الأجنبي، أوضح العجيل أن الكويت تبنت حزمة من الإجراءات لتحسين بيئة الاستثمار ورفع مستويات الشفافية وتعزيز الأطر القانونية ما أسهم في ارتفاع تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر بنسبة 20% خلال العام الماضي.
وأشار إلى أن البلاد شهدت دخول جملة من الاستثمارات الدولية في قطاعات مثل التكنولوجيا والطاقة المتجددة والبنية التحتية وهو ما يعكس حجم ثقة المستثمر الأجنبي في الكويت كمركز استثماري مستقر وطموح.
وأوضح أن المشاريع الاستراتيجية الضخمة مثل مصفاة (الزور) وميناء (مبارك الكبير) و(سكة الحديد الوطنية) إلى جانب تطوير المدن الذكية والبنى التحتية لا تعزز البنية الاقتصادية للبلاد فحسب، بل تؤسس لاقتصاد مستدام يرتكز على الابتكار والتنوع والشراكة بين القطاع الخاص والحكومة.
نموذج اقتصادي كويتي جديد
أكد العجيل أن التحدي اليوم ليس في صياغة الطموحات، بل في تحويلها إلى واقع ملموس من خلال التعاون بين القطاعين العام والخاص والاستفادة من الكفاءات الوطنية وتعزيز موقع الكويت كمحور اقتصادي واستثماري مؤثر في المنطقة.
وذكر أن الحكومة تنظر إلى المستقبل بثقة، وتتعامل مع التحديات كفرص لتسير بخطى واثقة نحو بناء نموذج اقتصادي كويتي جديد وهو نموذج يؤمن بالشراكة، وينحاز للحداثة ويستثمر في الإنسان قبل كل شيء.
ويهدف المؤتمر إلى تسليط الضوء على التحولات الاستراتيجية التي تشهدها الكويت، والتي يتوقع أن تعزز التنافسية الإقليمية، وتحفز على إدماج القطاع الخاص في بيئة تنظيمية أكثر كفاءة.
وتطرق المتحدثون في المؤتمر إلى عدد من المحاور الاقتصادية والاستراتيجية منها الجهود الوطنية المبذولة لإحياء المشاريع المتوقفة وتسريع تنفيذ مشاريع تنموية كبرى مثل مصفاة (الزور) و(سكة الحديد الوطنية) وميناء (مبارك الكبير).
من جانبه، شدّد خالد الشملان، الرئيس التنفيذي لمجموعة بيت التمويل الكويتي، على أهمية تعزيز القطاع المالي الكويتي باعتباره بوابة لإطلاق الإمكانات الاقتصادية طويلة الأمد، قائلاً: “المؤسسات المالية القوية ليست فقط محركات للنمو، بل هي أيضاً صمام أمان لصمود الدول. ومع تقدم الكويت نحو تحقيق رؤية 2035، نؤكد في بيت التمويل الكويتي التزامنا بتوفير الأدوات المالية والمنصات الاستثمارية اللازمة لتمكين القطاع الخاص وتعزيز التنمية المستدامة”.
وقال وليد الخشتي، الرئيس التنفيذي للعلاقات والشؤون المؤسسية في شركة زين الكويت، ،: “في زين، نؤمن بأن مستقبل الكويت الرقمي يقوم على الشراكات الذكية والتكنولوجيا الهادفة. ونحن فخورون بدعم التحول الاقتصادي في البلاد ورؤية 2035 من خلال تسريع تبنّي الذكاء الاصطناعي، وتمكين الكفاءات الوطنية، وبناء شبكات رقمية مستدامة. ونشكر هيئة تشجيع الاستثمار المباشر وThe Business Year على إتاحة هذا المنبر الحيوي الذي يجمع الحكومة والقطاع الخاص لصياغة مستقبل أكثر شمولاً ومرونة وابتكاراً للكويت”.
وسلط فيصل الخالدي، نائب الرئيس التنفيذي لشركة الكويت للحديد والصلب، الضوء على الدور المحوري للصناعة في التحول الاقتصادي للكويت، قائلاً: “في شركة حديد الكويت، نعتبر النمو الصناعي ركيزة أساسية للتنمية الوطنية، ومشاركتنا في فعالية إطلاق عهد الكويت الجديد 2025 تعكس التزامنا بالاستثمار الاستراتيجي وتعزيز التعاون بين القطاعين العام والخاص”.
كما شهد الحدث حضور عدد من المتحدثين البارزين، من بينهم السيد فيصل صرخوه، نائب رئيس اتحاد شركات الاستثمار والرئيس التنفيذي لشركة كامكو إنفست؛ والسيد عبدالرحمن الخنه، الرئيس التنفيذي لمجموعة بيوت للاستثمار؛ والسيد خليفة اليعقوب، الشريك الإداري في مجموعة اليعقوب والفوزان القانونية؛ والشيخ أحمد دعيج جابر الصباح، رئيس مجلس إدارة البنك التجاري الكويتي؛ والسيد راشد المنيعي، الرئيس التنفيذي لشركة المشروبات المتحدة؛ والسفيرة آن كويستينن، رئيسة بعثة الاتحاد الأوروبي لدى دولة الكويت؛ والسيد أحمد الخرافي، الرئيس التنفيذي لشركة الأولى للحديد.
وشهد الملتقى عقد جلستين نقاشيتين، ناقشت كلٌّ منهما محاور أساسية في مسيرة التحول الاقتصادي للكويت. حملت الجلسة الأولى عنوان “القطاعات والمجالات الاستراتيجية لتعزيز الاستثمار”، وتناولت تحولات مشهد الاستثمار الأجنبي المباشر في الكويت، والتوجه نحو الإدراج العام في السوق، وأهمية تطوير الأطر التنظيمية لتعزيز مساهمة القطاع الخاص. أما الجلسة الثانية، فجاءت تحت عنوان “تطور الصناعة الكويتية: التنويع والاستدامة كركائز للمرونة الاقتصادية”، واستعرضت سُبل تحديث القاعدة الصناعية للدولة، مع التركيز على الطاقة المتجددة، والتحول الرقمي، وتقليل الاعتماد على النفط كمصدر رئيسي للدخل.
وقد حظي ملتقى الكويت: عهد جديد 2025 بدعم ورعاية عدد من المؤسسات البارزة، حيث تولت الهيئة العامة لتشجيع الاستثمار المباشر (KDIPA) دور الشريك المضيف، بينما شملت قائمة الرعاة الذهبيين كل من بيت التمويل الكويتي، وزين الكويت، والشركة المتحدة لصناعة الحديد. كما انضمت مجموعة بيوت للاستثمار كراعٍ فضي، إلى جانب اتحاد شركات الاستثمار وشركة الصفاة للاستثمار كشركاء استثماريين. وشملت قائمة الشركاء أيضًا اتحاد مصارف الكويت كشريك مصرفي، ومجموعة اليعقوب والفوزان القانونية كشريك قانوني، ومجموعة M2R كشريك إعلامي ذهبي. كما ساهمت في دعم الملتقى كل من شركة تراكس، وهي أكبر شبكة اتصال مستقلة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وصحيفة القبس، وشركة ITL World بصفتها شريكًا للسفر، إضافة إلى عدد من شركاء التنفيذ، مثل ميديا لاين، وأطياب المرشود، وبيضون للتجارة، وأباتشي للتصوير، وشركة الملا للتأجير والتشغيل.
وناقش المشاركون خلال الجلسات أيضا دور الاستثمارات الأجنبية المباشرة في دعم النمو الاقتصادي مع التركيز على تحسين مناخ الاستثمار من خلال الاستقرار السياسي والتشريعات المحفزة والتحول نحو اقتصاد متنوع قائم على الابتكار والتكنولوجيا فضلا عن استعراض استراتيجية البلاد نحو التنويع الصناعي والاستدامة وتوسيع نطاق الطاقة المتجددة وتقنيات الأتمتة وإدارة الموارد بطرق ذكية وصديقة للبيئة.
وسلط المؤتمر الضوء على رؤية (كويت 2035) وخططها التنفيذية ضمن المخطط الهيكلي 2040 بوصفها خريطة طريق نحو اقتصاد أكثر مرونة وخدمات اجتماعية أفضل وتنمية شاملة تقودها الشراكة بين القطاعين العام والخاص.
بعد الإطلاع على المقال يمكنك متابعة مركز العرب على فسيبوك وتويتر وشاهد قناتنا على يوتيوب