د. سيد عيسى يكتب.. «مونديال قطر تفوق المغرب وعباءة ميسي» خارطة كروية جديدة للعرب والأفارقة
تخطيط سليم
أُسدل الستار على مونديال (قطر 2022)، وتوج منتخب الأرجنتين باللقب للمرة الثالثة في تاريخه، بعد أن نال هذا الشرف في عامي (1978 و1986)، وحل وصيفا في أعوام 1930 و1990 و2014، ولم يكن حصول الأرجنتين على اللقب صدفة، إنما كان نتيجة جهد وعرق وتخطيط سليم جعلها تتربع على عرش الكرة العالمية، إذ كانت المقدمات تدل على النتائج، فهي لم تخسر أي لقاء لفترة طويلة، وقدمت أداء مميزا وثابتا، حتى لقاء السعودية التاريخي الذي سلط الضوء على الفرق العربية في تلك النسخة.
المغرب والمربع الذهبي
سلطت الأضواء أكثر وأكثر على المنتخب المغربي الشقيق الذي صنع تاريخا جديدا للعرب والأفارقة في المونديال، حتى وصل إلى المربع الذهبي على حساب إسبانيا واصطدم بالمنتخب الفرنسي القوي، وقدم مباراة تاريخية، وحسمت فرنسا اللقاء عن طريق الخبرة، وغياب التوفيق عن المنتخب المغربي الذي وصل لمرمى الديوك أكثر من مرة، واستحوذ على الكرة بنسبة كبيرة، وقدم عرضا نال احترام الجميع.
خارطة الكرة العالمية
لقد غير منتخب المغرب خارطة الكرة العالمية بالأداء العالمي والتفوق المعروف، فلم يكن يخطر ببال أحد أن يصل منتخب عربي أو إفريقي إلى تلك النقطة البعيدة التي انحصرت لسنوات طويلة ما بين أمريكا اللاتينية وأوروبا، وكان التواجد في هذا المربع من خارج تلك الدول خطا أحمر تجاوزه المغرب لصالح العرب والأفارقة.
الطموح العربي والإفريقي
إن وصول المغرب للمربع الذهبي جعل الطموح العربي والإفريقي كبيرا، وستكون نسخ كأس العالم المقبلة مختلفة عندما يشارك فيها الأفارقة والعرب، وخاصة بعد ما حدث في النسخة الحالية، خاصة أن الهزيمة الوحيدة للبطل الأرجنتيني كانت من نصيب المنتخب السعودي العربي، لقد أزال المنتخب المغربي الرهبة وعطل كل التوقعات وقضى على الهيمنة الأوروبية على الكرة.
انتصار شخصي للعرب
وأعاد المغرب للأمة العربية ثقتها بنفسها وقدراتها، وكأن الوصول إلى المربع الذهبي هو انتصار رياضي سياسي للأمة كلها، انتصار على واقعها المؤلم، لذلك شعرت أنا كمصري وعربي بأن هذا الانتصار في ملاعب كرة القدم هو انتصار شخصي للعرب.
وليد الركراكي
فوائد نسخة قطر (2022) داخل المستطيل الأخضر كثيرة يصعب عدها وإحصاؤها، وكلها في صالح العرب والأفارقة، ولذلك وجب علينا البناء عليها والاستفادة منها، وخاصة ما حققه المدرب الوطني المغربي الشاب وليد الركراكي الذي لم يتجاوز العقد الخامس واستلم المهمة في ظروف صعبة.
المشهد التاريخي
إن الدروس والعبر من مونديال قطر (2022) كثيرة، يجب أن يستوعبها الجميع، وخاصة أن المنتخب المصري غاب عن هذا المشهد التاريخي بسبب سوء تخطيط وتنظيم من القائمين على المنظومة الرياضية في مصر التي تكتظ بالنجوم أمثال محمد صلاح وغيره من المميزين في ملاعب أوروبا، وهذا الأمر لابد أن يجعلنا نعيد النظر في ملفات عديدة وأن نؤسس للتخطيط الرياضي من خلال منظومات تأسيسية تبدأ بالنشء والشباب، وأن يتم إشراك اللاعبين المميزين في البطولات الدولية في سن مبكرة، فالذي أحدث الفارق في كأس العالم كان الشباب والنشء، وشاهدنا كيف غير لاعبون في مطلع العشرين عاما سيناريوهات لقاءات كبيرة، ولذلك يجب علينا إعادة التخطيط لأن الشعب المصري يستحق أن يكون في تلك المشاهد العالمية، لأننا نملك عناصر مميزة لا تقل عن النماذج الأوروبية، ولكن غياب التخطيط السليم أفسد الوصول إلى تلك المشاهد العالمية، وتسبب في حزن عميق من الجماهير المصرية.
المنتخبات العربية
من المشاهد اللافتة في تلك النسخة التفاف الجماهير العربية في كل أنحاء الوطن العربي خلف المنتخبات العربية المشاركة السعودية والمغرب وتونس وقطر، وكانت الفرحة العارمة عندما فازت السعودية على الأرجنتين، إذ رفعت الإعلام السعودية في كل شوارع الوطن العربي، فالنصر كان سعوديا عربيا، ثم التفت الجماهير من جديد حول المنتخب القطري والتونسي، وكان المغرب هو الفرحة المستمرة في تلك النسخة التي جعلت الجماهير العربية لا تغيب حتى المباراة النهائية.
فنون كرة القدم
من المشاهد الجيدة أيضا نهائي البطولة بين الأرجنتين وفرنسا، هذا اللقاء يعد الأقوى والأهم والأبرز في تاريخ كرة القدم بشكل عام والنهائيات بشكل خاص، ففي اللقاء حضرت كل فنون كرة القدم، المهارة والتحدي والإصرار والعزيمة والفروق الفردية والقوة البدنية، والتحكيم الجيد والتشجيع المثالي، والهدف الأسمى لكرة القدم وهو الترابط بين الشعوب والأخلاق التي حضرت بين اللاعبين، ناهيك عن التخطيط التكنيكي للمدربين ومعالجة الأخطاء بشكل بديهي وسريع وتغيير المركز واستغلال مهارات اللاعبين، ونجح المدربان والفريقان في الوصول إلى نقطة الترجيح التي تعتمد على التوفيق والإخفاق.
الأرجنتين وفرنسا ملخص تاريخ الكرة
مباراة فرنسا والأرجنتين في النهائي لخصت مسيرة كرة القدم من عام 1930 وحتى عام 2022، وكان ميسي هو اللاعب صاحب التاريخ المميزة الإعجازي في كرة القدم، إذ تفوق على كل أساطير اللعبة ووقف وحده منفردا في المقدمة، يأتي خلفه العمالقة الكبار في عالم الساحرة المستديرة.
نجاح قطري
وفي النهاية أقول: لقد نجحت قطر في التنظيم بشكل غير مسبوق، واستطاعت أن تتخطى العقبات وتتفوق على نفسها، وحضرت القيادات العربية، وتجمعت في مشهد الافتتاح الذي حضره الرئيس السيسي وقادة العرب، واجتمع الساسة المختلفون لأول مرة، وكانت هناك مشاهد تاريخية في هذا التنظيم، منها فرض الإرادة العربية والوقوف بجانب الأخلاق القويمة عندما تم رفض شعارات الشذوذ ومخالفة الفطرة السليمة، وفي النهاية لبس ميسي العباءة العربية، ونجحت قطر والسعودية والمغرب ورسمت خارطة جديدة للكرة العالمية، وأتمنى أن نحضر المحافل المقبلة ونبني على ما وضعته المغرب من أسس جديدة للعرب في عالم الساحرة المستديرة.. كل عام ونحن في تقدم ورقي في كل المحافل الدولية.
بعد الإطلاع على المقال يمكنك متابعة مركز العرب على فسيبوك وتويتر وشاهد قناتنا على يوتيوب