العميد عماد اليماني يكتب.. رمضان في مصر “حاجة تانية”

أيام قليلة ويغادر شهر رمضان المبارك بكل ما فيه من روحانيات ومظاهر دينية مباركة، لكن لا تزال عبارة “رمضان في مصر حاجة تانية” تتكرر في كل مناسبة، يرددها الناس في الشارع، وفي المواصلات وفي كل مكان، والحقيقة أنها عبارة وإن كانت وردت في إحدى الأغاني الخاصة بالشهر الكريم إلا أنها حقيقية بامتياز، وتصف بدقة الشهر الكريم.

روحانيات رمضان

لو أنك قضيت شهر رمضان في أي بلد إسلامي أو عربي آخر ستعرف تمامًا أن رمضان في مصر “حاجة تانية”، ليس فقط في مظاهر الاحتفالات وتبادل الزيارات والعزائم الرمضانية والموائد العامرة بأصناف الطعام المميزة التي يحرص عليها المصريون، لكنها حتى في المظاهر الدينية، فصلاة الترويح وقيام الليل تصلى في كل الدول الإسلامية، بل وحتى في غير الدول الإسلامية تصلى بشكل دوري في أي مكان فيه تجمعات للجاليات الإسلامية، في أمريكا وأوروبا، لكنها ليست بهذا الجمال المصري الباهر، أصوات القراء المصريين الذين يعتبرون امتدادًا لمدارس القراءة المصرية الراسخة في الإتقان والعذوبة، وكذلك الأدعية المصرية والأناشيد التي تسبق صلاة الفجر وغيرها من المظاهر التي لن تجدها إلا في مصر، أو تقليدًا لما هو موجود في مصر.

لو أنك تتجول على مواقع التواصل الاجتماعي ستجد عشرات المقاطع المصورة لأداء غاية في الدقة لقراء مصريين يتلألؤون بآيات الذكر الحكيم، ليسوا في كبرى المساجد في القاهرة وغيرها من المدن، بل حتى في القرى المصرية العامرة بالحفاظ والقراء.

موائد رمضان 

الاختلاف الرمضاني في مصر لا يقتصر على الشعائر الدينية، بل إلى التقاليد الاجتماعية التي اشتهر بها شهر رمضان المبارك، فكثير من دول العالم يوجد بها موائد الرحمن لإفطار الصائمين، لكنها ليست كالمصرية، هنا تتجرد الموائد من كل ما عرفته البشرية وتصبح مصرية فقط، بل ما فيها من طباع المصريين وشهامتهم، وكرم ضيافتهم حتى في مقابلة ضيوف الموائد، لا يمكن أن يقبل أن تمر على إحدى هذه الموائد وقت أذان المغرب دون أن تنزل لتناول الطعام، لو أقسمت بكل الأيمان المقدسة أنك اشتريت إفطارك من أفخم المطاعم، لن يتركك أبناء مصر إلا وأنت تجلس معهم على المائدة، وإن أبيت فطعامك ومشروبك الرمضاني الذي يكفي عائلة كاملة وليس مجرد شخص واحد ستتحصل عليه وأنت داخل سيارتك.

ليس هذا فحسب، بل هل سمعت أن أناسًا في أي دولة من دول العالم أعدوا إفطارًا لركاب قطار يضم مئات من الصائمين، أو رأيت آخرين يقفون على الطرق السريعة يعدون وجبات سريعة للعابرين، وما أن يستعد الشهر الكريم للمغادرة حتى تتحول البيوت المصرية خصوصًا في الريف إلى مطابخ كبيرة لإعداد الكعك استعدادًا لعيد الفطر، ومن لم يستطع عمل الكعك في منزله سواء لضيق ذات اليد أو لانشغاله وعدم درايته بهذه العملية فلا يفوته أن يشتري جزءًا منه من المحال المنتشرة في كل شبر في أرض مصر، لتثبت من جديد أن رمضان في مصر “حاجة تانية”.

بعد الإطلاع على المقال يمكنك متابعة مركز العرب على فسيبوك  وتويتر وشاهد قناتنا على يوتيوب